قال الدبلوماسي ومدير الإعلام الليبي الخارجي سابقا عبدالله المقري، إن "الصحافة الورقية في دول المغرب العربي تشهد أوضاعا مركبة حدت من مهامها".  

وأوضح المقري في حوار مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"، أن المهنية الصحافية في بلاد المغرب العربي تأثرت بالأوضاع التي حدثت خلال العشرية الماضية.. وإلى نص الحوار

- دور الصحافة المكتوبة قل بظهور وتعدد الوسائط لوسائل الاتصال الاجتماعي

- الصحافة في دول المغرب العربي تأثرت بالأوضاع التي حدثت خلال العشرية الماضية.

الصحافة المغاربية تحوز على هامش من الحرية والاستقلالية.

- يتوجب على الصحافة التقريب بين دول المغرب العربي

بداية.. ما تقييمك لمواكبة الصحافة في دول المغرب العربي لمتغيرات العصر الحديثة؟

تشهد الصحافة الورقية في دول المغرب العربي أوضاعا مركبة تحد من مهامها وتقلل من نشاطها اليومي المرتبط بالشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة القطرية التي اعتادت أن يكون للصحافة المكتوبة مسؤولية في البحث ونشر الحقيقة ضمن سياسات السلطة وضمن عمليات الشد والجذب كمعارك يومية تكسب فيها الصحافة اهتمام الرأي العام، وكان للصحفيين الذين يغطون الأنشطة المجتمعية الخاصة والعامة ونشاط الأحزاب والمنظمات الأهلية ما يجعل الصحيفة كمؤسسة صحفية تنجح في تطوير قدراتها باستمرارها في تأدية رسالتها الرقابية والاستقصائية، الا أن هذا الزمن الصحفي قد قلل من دور الصحافة المكتوبة بظهور وتعدد الوسائط لوسائل الاتصال الاجتماعي الذي أثر على انتشار الصحيفة الورقية من حيث عدد صدور النسخ وتقلص مساحة الاعلانات وغلاء المعيشة بزيادة أثمان التوزيع والمرتبات والطباعة ومكملاتها وحجم الدعم، كل ذلك بفكرة الرأي الذي أصبح يروج أن الصحافة المكتوبة تفقد دورها بعد أن أصبحت المادة الصحفية تأتي إلى المتلقي في جهازه المصاحب معه والمسيطر عليه في كل وقت وبطريقة شبه مجانية، ولكننا إذا حسبنا سعر الاشتراك في شبكات النت نجده يقترب أو يساوي سعر الصحيفة، وفي المجمل زاد تأثر النشاط الصحفي بانتشار فيروس كورونا ما جعلها تفقد دورها في تقديم الرسالة الصحفية للدفاع عن الحرية من خلال مراقبة حركة المجتمع والدولة. 

هل تأثرت المهنية الصحافية وحرية الصحافة في دول المغرب العربي؟

المهنية الصحفية في بلاد المغرب العربي تأثرت بالأوضاع التي حدثت خلال العشرية الماضية، وأتت بظلالها على الأحداث الدموية، ففي ليبيا مثلا نرى أن البلد خلت من الصحف والدوريات وتوقفت عن الصدور وهاجر الصحفيون والإعلاميون إلى الخارج، وفقدت الصحافة دورها، وتعلق الأمر المأسوي بها إلى حد اختطاف الصحفيين وسجنهم بل وأن بعضهم تم تصفيته ما يعد فقدان كامل لدور الصحافة المكتوبة وعوض عنها بالصحافة الإلكترونية، كما زاد من تعتيم المشهد الإعلامي كثرة القنوات الإعلامية التي تقدم خطابا يصب في مصالح المنظمات المتنازعة على السلطة ونشر أيدلوجياتها.

وبالتالي تعرضت الصحافة في دول المغرب العربي -التي لديها إرث في الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان- إلى مجرد نشاط صحفي يعيقه عوامل ذاتية تتعلق بمهنية وحرية الصحافة وعلاقة ذلك بالأوضاع السياسية غير المستقرة والظروف التي تواجه الصحافة والإعلام ككل. 

من وجهة نظرك.. ما تأثير الصحافة في دول المغرب العربي على الأزمات بين الدول.. هل ساهمت في الحل أم التأزيم؟

الصحافة الرسمية في الأغلب تعبر عن سياسة الأنظمة الرسمية وبالتالي تكون خاضعة لها مما جعلها تساهم في تعميق الخلاف بين دول المغرب العربي، اما الصحافة المستقلة فيسجل لها مواقف إيجابية في التخفيف من حدة الأزمات بين الدول ولا ننسى أن كثيرا ما وفقت بعض الشخصيات الصحفية في الحد من هذه الأزمات. 

هل لنا أن نقول إن الصحافة في المغرب العربي تمر بحالة من القمع أو الأدلجة؟ 

الصحافة في بلدان المغرب تختلف حسب وضع كل دولة، فهي تتأثر بشكل كبير بالمشهد السياسي، وخاصة الصراع السياسي بين السلطات والأحزاب والمنظمات الأهلية غير الرسمية والأيدلوجيات وربما تأثير النقابات العمالية في المشهد الصحفي، الا أنها -أي الصحافة المغاربية- تحوز على هامش من الحرية والاستقلالية.  

ما أهمية دور الصحافة في تقريب الشعوب بالمنطقة المغاربية؟

الصحافة في تونس لديها طابع قومي منحاز إلى وحدة الوطن العربي أكثر من بقية البلدان المغاربية الأخرى، فهي تتعاطى مع القضايا العربية بمواقف منحازة وفاعلة ومشرفة، ومن هنا تقع أهمية الصحافة في خدمة التقريب بين الدول القطرية في منظومة المغرب العربي، ومع الأسف تتأثر الصحافة بالمغرب العربي بحالة الأوضاع السياسية وظروف الصحف الا أنه هناك نقلة في الرأي العام قد تعيد للصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة دورها الريادي من حيث المصداقية للمحتوى الإعلامي، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي على قدر توسعها وسيطرتها على أغلب المتابعين الا أنها أصبحت غير موثوق فيما تتناولها وتثيره من أخبار وقضايا. 

أخيرا.. ما مقترحاتكم لإصلاح قطاع الصحافة في المنطقة المغاربية؟

يتوجب على المؤسسات الصحفية أن تتماشى مع الأوضاع والقيود والمشاكل التي تجابهها وتنتقل إلى الاستفادة من التقنيات الإلكترونية وبدء العمل على التطوير في هذا الاتجاه، حيث يجب على الصحف الورقية أن تسرع للنشر على المواقع الإلكترونية، كما نلاحظ أن بعض الوسائل أصبحت تستفيد من التسجيل الصوتي وربط الباحث في الوسائط الاجتماعية بالرجوع إلى المقالات الورقية أو الاشتراك في هذه المواقع، وهذا كله يمثل موردا مزدوجا للإنفاق من الإعلانات والاشتراكات، وعلى الصحافة في هذه البلدان أيضا تطوير الاستخدام الأمثل للمهنة المتغيرة بما يحقق رسالتها وأهدافها، والمقياس في ذلك تناولها لقضايا كبرى واستمالة كتاب وأدباء وعلماء لهم اعتباراتهم لدى الجمهور المتلقي ويتابعون إنتاجهم الأدبي والفكري والعلمي، مع الاهتمام بالقضايا التي لا تستطيع وسائل الاتصال الاجتماعي الخوض فيها أو تناولها.