تعرض المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء والمدونون على وسائل التواصل الاجتماعي للاعتداء البدني والاحتجاز والتهديد والمضايقات والإخفاء من قبل الجماعات المسلحة، وبعضها ينتمي إلى السلطات الرسمية، في طرابلس وفي أماكن أخرى في غرب ليبيا.

وعلى الرغم من مقتل ناشط وعدد من الانتهاكات منذ عام 2014، يبدو أن السلطات غير قادرة على كبح جماح المهاجمين، ما يمكنهم من العمل دون عقاب.

قابلت هيومن رايتس ووتش 18 من المدافعين عن حقوق الإنسان، والناشطين في مجال الحقوق السياسية والمدنية، والمدونين، والعاملين في مجال الإعلام في طرابلس والزاوية، في أبريل 2017.

وقال أحد عشر شخصا إنه منذ انهيار السلطة المركزية وظهور حكومات متعددة في عام 2014، تعرضوا لتهديدات الميليشيات التي يرأسها أمراء الحرب، وأعضاء الجماعات المسلحة في غرب ليبيا، وبعضهم ينتمون إلى حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة.

وقال ثلاثة إنهم تعرضوا للهجوم البدني أو سوء المعاملة، فيما قال تسعة إنهم باتوا يخشون على حياتهم بعد أن هددتهم الجماعات المسلحة. وأوضحوا أن العديد من الناشطين البارزين هربوا من البلاد إلى تونس المجاورة وأماكن أخرى.

وقالت سارة ليا ويتسون ، مديرة شمال افريقيا والشرق الأوسط في "هيومان رايتس ووتش" : "تتعامل الميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى مع النشطاء والمدونين والعاملين في وسائل الإعلام، بعقلية "إما معنا أو ضدنا" ، وهو ما دفع الكثيرين إلى الفرار من البلاد".

"يجب على حكومة الوفاق الوطني أن تجعل الجماعات المسلحة، ولا سيما تلك المتحالفة معها، محاسبة ومسؤولة إذا هددت الناشطين أو ضايقتهم أو اعتدت عليهم".

وانتشرت الجماعات المسلحة المنتسبة بدرجات متفاوتة إلى إحدى الحكومات الثلاث المتنافسة. في غرب ليبيا، تقوم الجماعات المسلحة بتشغيل نقاط التفتيش ومناطق الشرطة وإدارة السجون، ولكنها تشارك أيضا في أنشطة إجرامية، بما في ذلك التهريب والابتزاز والعنف.

وانهارت السلطة المركزية في ليبيا وسط نزاع مسلح وانعدام الأمن في غرب ليبيا منذ يوليو 2014. المؤسسات الرئيسية، ولا سيما مؤسسات إنفاذ القانون والقضاء، إما تعاني من اختلال وظيفي أو أنها انهارت في أجزاء من البلاد، بما في ذلك غرب ليبيا، لتصبح منطقة خالية من العقاب بالنسبة للجماعات المسلحة.

وقال ناشطان إن العمل مع شركاء دوليين أمر محفوف بالمخاطر لأن الميليشيات، وأحيانا زملاؤهم، يتهمونهم بأنهم جواسيس. وقال جميع الناشطين الذين تمت مقابلتهم إنهم يمارسون الرقابة على أنفسهم خوفا من الجماعات المسلحة، ولم يبلغوا الشرطة بالحوادث إما لأنهم لا يثقون بها أو لأنهم واثقون بأنها لن تحرك ساكنا.

وقال معظم النشطاء الذين تمت مقابلتهم في طرابلس إن الجماعات المسلحة في غرب ليبيا أصبحت أكثر عدوانية اتجاه الناشطين والعاملين في وسائل الإعلام بعد يوليو 2014، عندما استولى تحالف ميليشيات بقيادة مصراتة، (فجر ليبيا)، على العاصمة بعد مواجهات مسلحة استمرت عدة شهور.

وقالت ثلاثة ناشطات في مجال حقوق المرأة التقين مع "هيومن رايتس ووتش" في الزاوية، وهي بلدة تقع على بعد 50 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، إنه منذ عام 2014، أصبحت الناشطات أهدافا حقيقية.

وقالت إحدى الناشطات، طلبت عدم الكشف عن اسمها خوفا من تداعيات ذلك، إن الجماعات المسلحة كانت واضحة في الإعلان بأن الدفاع عن قضايا وحقوق المرأة من أي نوع يشكل خطا أحمر ، وواضحة في تهديدها للنشطاء في مجال حقوق المرأة حتى عند إثارة قلق بشأن قضايا محلية أخرى.

وقالت إن الميليشيات استدعتها مرات عديدة لتسائلها عن أنشطتها.

وقالت أيضا إن ميليشيا مستقرة في الزاوية،  وهي من بين المجموعات التي توفر الأمن لمحطات النفط وحقول النفط، هددتها في أغسطس 2016، مع ناشطة أخرى لأنهما طالبتا بإعادة فتح طريق كانت الميليشيا أغلقته ، وذلك حتى يتمكن الناس من التنقل على نحو أكثر سهولة.

وأضافت "أن أحد أفراد الميليشيا جاء لي بعد عودتي إلى البيت من العمل وهددني بإطلاق النار علي إذا قمت بحملة ثانية بشأن هذه القضية".

"ذات مرة ، تبعتني سيارة وكنت مع ناشطة تشاركني أيضا في هذه القضية ، عندما أطلق مسلح رصاصة في الهواء لتخويفنا. وقال لصديقتي في المرة القادمة سوف تكون هناك رصاصة لك وأخرى لها. وجاءتنا أيضا تهديدات عبر هواتفنا وحساباتنا على الفيسبوك تحذرنا من عدم حذف المشاركات التي تنتقد الميليشيات".

وقال أحد ناشطي البيئة ، لم يرغب في الكشف عن اسمه خوفا من التعرض لاعتداء، إنه قبل نزاع 2014 في طرابلس، كان هو وغيره لا يزالون قادرين على معالجة القضايا البيئية.

ولكن بعد بدء الصراع، قامت الميليشيات الموالية لتحالف "فجر ليبيا" الذي سيطر على طرابلس في ذلك الوقت، بتهديده بالاعتقال والاعتداء البدني بعد أن أبلغ عن الجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق الغابات وتأثير ذلك على المساحات الغابوية. وقال إنه الآن يفرض رقابة على نفسه نتيجة لذلك.

القلق نفسه ، أعرب عنه ناشطون في المركز الليبي لحرية الصحافة، وهو مجموعة تضم 150 عضوا مسجلا يرصدون انتهاكات حقوق الإنسان ضد الصحفيين ويعرضون تقاريرهم عنها، والقيود المفروضة على حرية الإعلام، ويقدمون تقارير إلى الأمم المتحدة.

إذ قالوا لـ "هيومن رايتس ووتش" إن العاملين في وسائل الإعلام لا يثقون بالشرطة أو القضاء ويمارسون الرقابة الذاتية.

وقال محمد نجم، مدير المجموعة، إن العاملين في مجال الإعلام والناشطين نادرا ما يقدمون شكاوى إلى الشرطة بشأن إساءة معاملة الجماعات المسلحة خوفا من الانتقام. وفي بعض الحالات، ترفض الشرطة قبول شكوى أو فتح ملف.

ووفقا للتقرير السنوي للمركز لعام 2016، هاجمت الجماعات المسلحة 107 من العاملين في وسائط الإعلام في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الاعتداءات البدنية وقتل صحفيين اثنين. ووفقا للمركز، لقي تسعة صحفيين مصرعهم أثناء أداء واجبهم فى ليبيا منذ عام 2014.

كما شدد نجم على خطورة التحريض ضد إعلامي معين أو ناشط في وسائل التواصل الاجتماعي أو على شاشة التلفزيون. وقال "إن احتمال وقوع أعمال عنف جسدية ضد العاملين فى وسائل الإعلام يزداد إذا كان هناك مثل هذا التحريض".

وكان عبد المعز بانون، وهو ناشط سياسي ومدني بارز ومدون في فترة ما بعد عام 2011، مفقودا منذ اختطافه في 25 يوليو 2014 أمام منزله في طرابلس، على يد مسلحين مجهولين مرتبطين بتحالف "فجر ليبيا" .

وشارك بانون في كثير من الأحيان في مظاهرات ضد وجود الميليشيات في طرابلس وشن حملة علنية ضد تمديد ولاية البرلمان آنذاك، المؤتمر الوطني العام.

وفي 24 فبراير 2015، عثر على جثة انتصار الحصايري، الناشطة السياسية والعضو المؤسس لحركة "تنوير" الاجتماعية والثقافية داخل سيارة في طرابلس مع جثة سيدة أخرى.

ولم يجر أي تحقيق في حالتي الوفاة، وليس واضحا حول ما إذا كان قتل الحصايري مرتبطا بعملها كناشطة.

اختطفت جماعة مسلحة مرتبطة بوزارة الداخلية التابعة بحكومة الوفاق جابر زين، الناشط في طرابلس والمدافع عن حقوق الإنسان والحقوق المدنية ، من داخل مقهى في العاصمة، ثم أخفته قسرا في 25 سبتمبر 2016. ولا يعرف مكان وجوده.

القانون الجنائي الليبي، الذي يعود إلى فترة حكم معمر القذافي، والمراسيم التي صدرت في الفترة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة به في عام 2011، كلاهما يقيدان حرية التعبير.

بيد أن الدستور الانتقالي الذي صدر في عام 2011 يضمن "حرية الرأي والتعبير الفردي والجماعي والبحوث والاتصال والصحافة والإعلام والطباعة والتحرير والحركة والتجمع والتظاهر والاعتصام السلمي وفقا للنظام الأساسي".

وقالت ويتسون "من خلال إسكات المنتقدين عبر التهديدات والعنف، وجد أمراء الحرب والعصابات وسيلة ملائمة لتوسيع قاعدة قوتهم على حساب الاستقرار السياسي".

المشهد السياسي في ليبيا

حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، برئاسة رئيس الوزراء فايز سراج، هي واحدة من ثلاث سلطات متنافسة في ليبيا تدعي الشرعية.

حكومة الوفاق التي لا تزال السلطة الوحيدة التي يعترف بها المجتمع الدولي رسميا، تتنافس للسيطرة على الأراضي والشرعية في غرب ليبيا مع حكومة الإنقاذ الوطني، التي لا يوجد لها سوى وجود ضئيل على الأرض.

أما مجلس النواب الليبىي الذي مقره في مدينة طبرق الشرقية ، فإنه يدعم سلطة ثالثة هي الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني ومقرها مدينة البيضاء الشرقية.

وتتحالف الحكومة المؤقتة مع قوات الجيش الوطني الليبي تحت قيادة خليفة حفتر. فشل البرلمان في المصادقة على مجلس وزراء لحكومة الوفاق وفق الاتفاقیة السیاسیة في لیبیا التي وقعت في دیسمبر 2015 في الصخیرات بالمغرب.

وتنافس تحالف "فجر ليبيا" - الذي تقوده ميليشيات من مدينة مصراتة الساحلية - مع ائتلاف من الميليشيات من طرابلس وبلدة الزنتان الجبلية في عام 2014 للسيطرة على طرابلس.

وضعت "فجر ليبيا" اليد العليا على أجزاء من طرابلس حتى مارس 2017، عندما بدأت الجماعات المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في رفض وجودها. 

واستولت الجماعات المسلحة المدعومة من حكومة الوفاق بشكل كامل على العاصمة بحلول يونيو.

ولا تزال الميليشيات التي تتبع أمراء الحرب تتصادم في طرابلس في يوليو 2017، وهناك خطر شن هجمات من قبل جماعات مسلحة منافسة تتكدس على أطراف الضواحي الشرقية للمدينة. هذه القوى المتنافسة، معظمها من مصراتة ولكن أيضا من أماكن أخرى في غرب ليبيا، تتماشى مع خليفة غويل، رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني المعلنة ذاتيا.

تهديدات وهجمات ضد النشطاء

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش هجمات متعددة ضد النشطاء والصحفيين منذ عام 2011، في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك في الأجزاء الشرقية والغربية والجنوبية من البلاد. ويركز هذا التقرير على الوضع في غرب ليبيا.

في أبريل 2017، قابل باحثو هيومن رايتس ووتش في غرب ليبيا 18 ناشطا سياسيا ومدنيا، ومدافعا عن حقوق الإنسان، وصحفيا، وعاملا في مجال الإعلامي، ومدونا. وفيما يلي عينة من هذه الحالات.

قال أحمد غيدان، 36 عاما، وهو ناشط بارز في مجال الحقوق المدنية والسياسية، إنه قضى ثلاثة أشهر في سجن أبو سليم الشهير خلال الانتفاضة ضد القذافي في عام 2011، بسبب معارضته للزعيم.

بعد الانتفاضة، كان واحدا من عدد قليل من الناشطين البارزين الذين واصلوا تنظيم مظاهرات، معظمها ضد وجود الميليشيات في طرابلس، داعيا إلى استبدالها بالشرطة الرسمية وقوات الجيش.

غادر غيدان إلى تونس بعد اندلاع النزاع المسلح في طرابلس في عام 2014، مما أدى إلى استيلاء فجر ليبيا على تلك المدينة. وقال إنه قرر مغادرة البلاد بعد أن هددته الميليشيات التابعة لفجر ليبيا وبعد اعتقال عدد من الصحفيين والمدونين والناشطين.

كان قلقا أيضا بشأن اختطاف بانون، وهو صديق له، من قبل جماعة مسلحة مرتبطة على ما بفجر ليبيا في يوليو 2014. وقال غيدان إنه تلقى تهديدات مجهولة الهوية على حسابه على الفيسبوك، ومكالمات هاتفية تخبره بأنه "مطلوب".

وقال "إن الوضع مرعب". "لم يعد من الآمن بالنسبة لي البقاء هناك. غادر معظم الناشطين المعروفين البلاد. وكان هدف الميليشيات هو مراقبة النشطاء وتصيد هفوة عليهم".

عاد غيدان إلى طرابلس في أغسطس 2015، لكنه ظل متحفظا، وتجنب التعرض لوسائل الإعلام حتى وصول مجلس الرئاسة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، في مارس 2016. وفي مارس 2017، شارك غيدان في تنظيم مظاهرة في وسط مدينة طرابلس، تطالب جميع الجماعات المسلحة بمغادرة طرابلس.

وأعرب بعض المتظاهرين عن دعمهم لحفتر، قائد قوات الجيش الوطني الليبي في شرق ليبيا، المتحالف مع الحكومة المؤقتة المنافسة. وقال غيدان إنه اتهم بأنه موال لحفتر نفسه وتعرض للتهديد في أعقاب المظاهرة مباشرة من قبل عدة مجموعات.

وقال إن ميليشيا البنيان المرصوص، وهي واحدة من الجماعات المسلحة التي لا تعد ولا تحصى في العاصمة التي تعارض الجنرال حفتر، أرسلت ممثلا بعد المظاهرة وأخبرته: "نحن لا نريد أن نراك في الميدان في أي وقت قريب".

وقال : "لم أستطع تناول الطعام أو النوم أو الشرب من فرط القلق ، ليس لدي أي شخص يحميني. كان أصدقائي يقولون لي ألا أتحدث. وعلي الآن ممارسة الرقابة الذاتية. أخشى على حياتي وأخاف من التعرض للخطف أو للإخفاء  تماما، لذلك توقفت عن التدوين".

"من الخطورة جدا انتقاد الميليشيات علنا ​​والتعليق على السياسة. ولا يسمح لي بتجاوز أي من الخطوط الحمراء لأمراء الحرب والميليشيات ".

يقول غيدان إنه يخشى على عائلته لأن كل من يجرؤ على الكلام "سيطارد". ويعيش اثنان من إخوته أيضا في طرابلس. وقال إن أحدهما ، وهو لاعب كرة قدم سابقا تم تهديده بقوة السلاح ليترك عمله. أما الآخر و يعمل في القطاع القضائي ، فقد فَقَد عمله بسبب نشاط غيدان ضد الميليشيات.

وقد التقت "هيومن رايتس ووتش" مدافعة عن حقوق الإنسان، طلبت عدم الكشف عن اسمها خوفا من العواقب ، وهي تشارك في  المظاهرات وورش العمل، وتركز على قضايا حقوق المرأة، التقها في بلدة الزاوية الساحلية الغربية حيث تعيش.

 وهي تدرِّس في مدرسة ثانوية في طرابلس، على بعد 50 كيلومترا شرقي الزاوية. قالت إن الناشطات تتعرضن لضغوط اجتماعية ودينية وأسرية كبيرة لتجنب البحث في مواضيع معينة أو القيام بحملات دعائية :

"وبصفتنا ناشطات في مجال حقوق المرأة، فإننا نتعرض لضغوط دينية كبيرة، ومعظمها عندما نتناول قضايا العنف المنزلي. لقد اتهمت بأنني مرتدة وملحدة وعلمانية لإثارة قضايا حقوق المرأة. إذا حاولت معالجة مثل هذه القضايا الحساسة سوف يتم اتهامك بالإلحاد وتتم "إجازة" قتلك".

ووصفت نفوذ الجماعات السياسية على الناشطين، قائلة إن المنظمات المنتمية إلى أحزاب سياسية هي فقط التي بمقدورها القيام بعملها. وقالت أيضا إن الدين يعتبر خطا أحمر وأن جميع القضايا الاجتماعية التي تهم الناشطات في مجال حقوق المرأة ينظر إليها على أنها قضايا دينية في الجو الحالي:

"إذا حاولنا معالجة قضايا مثل الميراث؛ أو على سبيل المثال أو العنف الاجتماعي والعائلي ؛ والعدالة والمساواة بين الرجل والمرأة والحقوق السياسية للمرأة، يتم إسكاتنا".

"في الماضي، كان من الممكن الذهاب إلى الشرطة وتقديم شكوى. لم يعد ذلك ممكنا. نزاع 2014 في طرابلس نقسم المجتمع، وباتت النساء الآن هدفا".

وقالت إن أي مناقشة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهي اتفاقية دولية تعد تجاوزا للخطوط الحمراء.

صدقت ليبيا على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1989، لكنها أدخلت تحفظات رسمية على مادتين على أساس أنهما تتعارضان مع الشريعة الإسلامية. وقالت إنها تعرضت للتهديد بأذى جسدي مرتين في عامي 2014 و 2015.

وأضافت : "حاولنا تنظيم مظاهرة تدعو ليبيا إلى تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بعد اغتصاب فتاة صغيرة في مستشفى في عام 2013، ولكن الجماعات الدينية نظمت مظاهرة مضادة وحاصرتنا". "عندما يكون هناك حديث عن الدين، لا أحد سيقف إلى جانبك، الجميع سوف يقف ضدك".

وقالت آلاء الأدهم، عضو المركز الليبي لحرية الصحافة والإعلامية السابقة في قناة النبأ الفضائية، وهي محطة ليبية عارضت حكومة الوفاق، إنها تعرضت للمضايقة والهجوم عدة مرات أثناء عملها.

وقالت الأدهم إنها أوقفت حياتها المهنية لفترة وجيزة في منتصف أبريل 2014، بعد بدء المواجهات العسكرية في طرابلس حتى ديسمبر بسبب التقلبات السياسية. وقالت إنها عادت إلى العمل على الرغم من ضغط أفراد الأسرة الخائفين. وبين عامي 2015 و 2017، هوجم المقر الرئيسي لشبكتها أربع مرات على الأقل.

إحدى الهجمات وقعت في 31 مارس 2016، وهو اليوم الذي انتقل فيه رئيس الوزراء فايز سراج إلى مجلس الرئاسة من تونس إلى طرابلس ليؤكد وجود حكومته على الأراضي الليبية.

وقالت الأدهم إن عناصر من القوة الأولى (المعروفة أيضا باسم كتيبة ثوار طرابلس) وهي ميليشيا تحت قيادة هيثم التاجوري واسميا تحت إمرة وزارة الداخلية في حكومة الوفاق ، دخلوا إلى مقر التلفزيون في الساعة 9:30 مساء. وهدد أفراد الميليشيات الموظفين بالاعتقال وضربوا الموظفين وسرقوا المواد التي وجدوها وأتلفوها:

وكانت الميليشيات تطلق النار في الهواء قبل دخولها المبنى. لم يكن هناك سوى ثلاث نساء في المبنى وقت الهجوم - أنا، وموظفة المكياج، ومحررة واحدة. وكانت إحدى النساء في موقع منفصل. وهذا أقلقني بما أن الرجال الذين دخلوا إلى مبنى التلفزيون، باستثناء واحد ، بدوا مخمورين ومتعاطين للحشيش.

"طلبت من أحد قياديي الميليشيات السماح لي برؤية تلك المرأة، لكنه دفعني بمرفقه. وبعد أن قامت الميليشيات بجمع جميع الموظفين الموجودين في التفلزيون في غرفة الأخبار، أخذوا هواتف وأجهزة كمبيوتر وسيارات تابعة للتلفزيون وصادروا أسلحة تابعة لموظفي أمن المبنى".

"عندما أخرجت أخيرا المرأة، أغمي عليها. أردت أن أحضر لها بعض الماء، لكن التاجوري صاح في وجهي، وسبني وهدد بمطاردتي وقتلي . وعندما تحدثت إليه مجددا، هدد بسجني ورفع عقب البندقية في وجهي".

وفي أبريل 2017، هاجمت ميليشيا مقرها طرابلس من حي باب تاجوراء، التلفزيون وأحدثت أضرارا جسيمة، مما أدى إلى إغلاق مكاتبها في ليبيا، وفقا لما ذكرت أدهم.

كما قالت إنه منذ الهجوم على شبكة التلفزيون، تلقت عدة تهديدات من أنصار الجيش الوطني الليبي في شرق ليبيا. وقالت إنها هُددت بالقبض عليها بمجرد وصولهم إلى طرابلس زاعمين أنهم يعرفون رقم هاتفها وتفاصيل جواز السفر وعنوان المنزل.

وقال عزالدين الهوني، وهو صحفى تلفزيوني سابق وناشط من مدينة سرت، للباحثين إنه سيواجه عواقب وخيمة إذا عبر "خطوطا حمراء" معينة في الأخبار ، فيما يتعلق بالميليشيات التي تسيطر على المدينة.

في ديسمبر 2016، قام مقاتلون من ميليشيا "البنيان المرصوص" المتحالفة مع حكومة الوفاق ، بإخراج  داعش من مدينة سرت التي كانوا يسيطرون عليها منذ مايو 2015. الهوني قال إن تحالف المیلیشیا ھاجم لفظیا سكان سرت في أعقاب النزاع الدائر ضد داعش. وقال:

"في سرت اليوم، لا يمكنك الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل البنيان المرصوص، لا يمكنك انتقادهم، لا يمكنك الإبلاغ بشفافية تامة".

"مقاتلو الميليشيات لديهم فكرة أنهم قاموا بتحرير المدينة من "جرثومة" تسمى داعش، بتقديم "700 شهيدا". وأخشى أن يضربوني إذا كنت أتكلم بشفافية تامة حول ما يجري هناك ".

وقد اختطف رئيس بلدية سرت لعدة أسابيع، ولم يجرؤ أحد على اتخاذ أي تدابير. لا يوجد نشاط في سرت حاليا، ولا أحد يجري تحقيقا أو بحثا حول انتهاكات "البنيان المرصوص".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة