اقترح أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي د. عبدالمنعم الحر خارطة طريق لحل مشكلة الهجرة غير النظامينة على المدى المنظور.
وبين الحر في ورقة تحليلية خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها أن خارطة الطريق تتضمن ضبط الحدود في البلدان المحاذية لشمال إفريقيا (ليبيا) مثل النيجر وتشاد والسودان حيث تزدهر فيها اقتصاديات الجريمة والتهريب، إضافة إلى القيام بحملات توعية في المناطق التي تصدر المهاجرين لتوعيتهم حول مخاطر الهجرة غير النظامية وتفكيك كل التصورات المزيفة حول الجنة الأوروبية التي توجد على عتبات شمال إفريقيا.
وتتضمن خارطة الطريق تسهيل طريق الهجرة الشرعية الفيزا والحدود المرنة والحدود الذكية (التي تفرد معاملة متميزة للاجئين وأصحاب الاحتياجات الحمائية) حيث يتوجب على ليبيا أن تضع سياسات هجرة تنظر بعين الاعتبار للعمالة الافريقية كعنصر مهم لعملية التنمية وإعادة الإعمار (ليبيا طرف في اتفاقية العمالة المهاجرة 1990).
واقترح الحر حلا على المدى البعيد لمشكلة الهجرة يتمثل في خلق فرص التنمية ومكافحة الفساد والجريمة في إفريقيا جنوب الصحراء والتي تؤدي إلى تصدير المهاحرين غير الشرعيين. والعمل على تشجيع السلام والعيش المشترك والتوقف عن إذكاء الصراعات في الدول التي تصدر اللاجئين .
ودعا الحر إلى عدم معاملة دول شمال إفريقيا ككتلة واحدة متجانسة فيما يتعلق بالهجرة فظروف ليبيا تختلف عن تونس والجزائر والمغرب لذلك فإن سياسات الهجرة تبعا لذلك لابد وأن تختلف باختلاف بلدان شمال افريقيا كما لا يجب معاملة المهاجرين من دول جنوب الصحراء كوحدة واحدة متجانسة فهنالك البلدان المنتجة للاجئين وأخرى منتجة للمهاجرين الاقتصاديين والمركز القانوني والاحتياجات الحمائية مختلفة في الحالتين .
وأضاف الحر أنه في إطار الأزمة التي يعيشها المهاجرون وطالبو اللجوء في شمال إفريقيا، تناولت وسائل الإعلام المعنية بالملف الليبي وصول وفد من الداخلية الايطالية لطرابلس، لتفعيل مذكرة الاتفاق الموقعة والمعتمدة بين حكومة الوفاق الوطني سابقا، والسلطات الإيطالية، والتي اتخذت من معاهدة الصداقة الإيطالية الليبية 2008 مرجعا لها، حيث نصت المذكرة في بنودها على المادة 19 من معاهدة الصداقة (التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية) .
وبموجب مذكرة الاتفاق يكثف الطرفان التعاون القائم بينهما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية طبقا لما نصت عليه الاتفاقية بالخصوص واتفاقيات التفاهم الفنية اللاحقة، من بينها على الخصوص ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية وبروتوكولات التعاون الموقعة في طرابلس بتاريخ 29-12-2007 .
وبحسب مذكرة الاتفاق فإنه فيما يتعلق بموضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية، نُص "أن يعمل الطرفان على إنجاز منظومة لمراقبة الحدود البرية الليبية تسند إلى شركات إيطالية تتوفر لديها الاختصاصات الفنية اللازمة، وستتحمل الحكومة الإيطالية 50 % من التكاليف، بينما سوف يطلب الطرفان من الاتحاد الأوروبي أن يتحمل الـ 50 % الباقية، أخذاً في الحسبان التفاهم الذي تم في حينه بين السلطات الليبية آنذاك والمفوضية الأوروبية " وبموجب المذكرة أيضا يتعاون الطرفان في تحديد مبادرات ثنائية وإقليمية، في بلدان مصدر الهجرة للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية .
وأشار الحر إلى أن مذكرة الاتفاق لم أنه "لم يتم ذكر بنود هذه المادة في مذكرة التفاهم ماعدا البند رقم 3 من هذه الاتفاقية تم ذكره في مذكرة التفاهم ولم يتطرق للبند 2 من المادة 19 من الاتفاقية , ووضع بدلها فقرة "ج" من المادة الأولى لمذكرة التفاهم والتي نصت على أن يقوم الجانب الايطالي بتقديم الدعم الفني والتقني للأجهزة المكلفة بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتأمين الحدود في ليبيا ".
وبين الحر أن المذكرة ركزت على إعادة التنمية المكانية في مناطق الجنوب بالأخص والتزام إيطاليا بهذه التنمية والتطوير المكاني بالإضافة إلى تحمل ايطاليا نفقات إنشاء وتجهيز وتمويل مراكز الإيواء بما يتناسب ومعايير حقوق الإنسان في المعيشة، كذلك إقامة البرامج التنموية لتوفير فرص عمل في المناطق المتأثرة بالهجرة غير الشرعية وهنا الجنوب الليبي وهذا جاء مخالف لما نصت عليه اتفاقية الصداقة الليبية الايطالية- تعاملت مع الهجرة غير الشرعية- سواء بمراقبة الحدود البرية والسواحل البحرية على عاتق ايطاليا والاتحاد الأوروبي بنسبة 100%باعتبارهم دولة المقصد وفيما نصت كذلك على إعادة التنمية المكانية لدول المصدرة للهجرة وهنا يقصد بها الدول الإفريقية .
وتحدث الحر عن الأهلية القانونية والدستورية لمذكرة التفاهم قائلا تُعًرف مذكرة التفاهم المبرمة بين السلطات الليبية ونظيرتها الايطالية "بالاتفاقيات التنفيذية" التي يكفي فيها التوقيع بدون الحاجة إلى تصديق لأنها ببساطة لا تحتوي التزامات جديدة وإنما تتناول الإجراءات التفصيلية اللازمة لتنفيذ اتفاقية رسمية سابقة .
وأضاف أن مذكرة التفاهم إذا احتوت التزامات جديدة كما حصل فيما يتعلق بالتنمية المكانية تكون قابلة للأبطال من قبل السلطة التشريعية (البرلمان) في الدولة .
وأشار الحر إلى افتقاد الطرف الليبي الموقع آنذاك على مذكرة التفاهم لأي من الأهلية القانونية والدستورية، والتي تم الطعن فيها أمام محكمة استئناف طرابلس، حيث أصدرت قرارها بوقف دخول مذكرة التفاهم حيز التنفيذ بشهر مارس 2017 ناهيك عن أن جميع الأجهزة الانتقالية بما فيها البرلمان المعترف به دولياّ لا يحق له إبرام معاهدات أو اتفاقات جديدة غير ضرورية للمرحلة الانتقالية . أي أن تنفيذها يمتد إلى ما بعد هذه المرحلة. وإن كان لابد من توقيع على مذكرة اتفاق مع السلطات الليبية كان الأجدر أن توقع بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والدولة الليبية على أن ( تُعنى ببعض الحالات الخاصة مثل وضع طالبي اللجوء من "فئة الدبلوماسيين" أو وضع بعض مخيمات اللجوء إن وجدت فقط .
ولفت الحر إلى أنه بموجب ما ذكر قد تجد في نظرية القوة الأوروبية القاهرة مع الضرورة الليبية سنداً لدى الموقعين على مذكرة الاتفاق غير أن الأكثر أهمية هو حجم عدم وجود المساندة الشعبية لهذه المذكرة من كافة مكونات المجتمع الليبي