حالة من الذعر، أصابت سكان منطقة غرب أفريقيا بعد تسجيل حالات إصابة بفيروس "إيبولا" القاتل في غينيا وسيراليون وليبيريا، بينما يعرب الكثيرون عن مخاوفهم من وباء إقليمي.

"حقيقة أنك لا تعرف من هو المصاب بالعدوى، أو عندما يقول لك البعض: لا تصافح الآخرين، ولا تقترب من الأشخاص المتعرقين، كل هذه الأمور تبدو غريبة بالنسبة لرجل عادي"، بحسب جيف ستانلي، وهو عالم فيروسات بريطاني المولد، وعامل إغاثة مستقل في "فريتاون"، عاصمة سيراليون.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال ستانلي، متسائلا: "الحالات التي تم تشخيصها يمكن عزلها.. لكن ماذا عن الحالات غير المعروفة؟ إنهم أكثر خطورة".وأضاف عالم الفيروسات: "لا يمكننا منع الناس من السفر، أو التحرك بشكل طبيعي من مكان إلى آخر، لكن بعض هؤلاء المسافرين ربما يحملون الفيروس دون أن يدروا، وقد يصيبوا الآخرين بالعدوى لدى وصولهم إلى وجهة جديدة".

وحذّر من أن هذا الفيروس "خطر دائم يمكن أن يصيب القارة بأكملها".في يناير/ كانون الثاني الماضي، اكتشف فيروس "إيبولا"، وهو شكل من الحمى النزفية، في المناطق النائية من غينيا؛ حيث انتهت 78 حالة بالوفاة من بين 122 حالة كان يشتبه إصابتها بالفيروس، وفقا لوزارة الصحة الغينية التي أشارت إلى أن 22 حالة فقط من بين تلك الوفيات، تأكد رسميا إصابتها بفيروس "إيبولا".والأسبوع الماضي، فارق 6 أشخاص الحياة، جراء إصابتهم بالفيروس في ليبيريا، وسجلت 5 حالات وفاة أخرى في سيراليون، في حين أغلقت السنغال حدودها الجنوبية مع غينيا كإجراء وقائي.

واعتبرت وزيرة الصحة السنغالية، أوا ماري كول سيك، أنه على الرغم من أن إغلاق الحدود لم يوص به من قبل منظمة الصحة العالمية، فمن حق بلادها حماية سكانها.ساحل العاج، من جانبها، أنشأت مراكز للمراقبة الوبائية على طول حدودها لمراقبة الوافدين الجدد، ولا سيما من غينيا وليبيريا وسيراليون.

وإيبولا حمى نزفية يسببها فيروس، وتعتبر من أشد الأمراض المعروفة فتكا بحيث تؤدي إلى الوفاة في 90% من الحالات المصابة. وأطلق على الفيروس اسم إيبولا نسبة إلى نهر يقع شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث رصد للمرة الأولى عام 1976.ويشكل احتواء هذا المرض الفتاك، تحديا للمنظمات الصحية وحكومات المنطقة التي تسعى للسيطرة على الوباء.

وفي حديث لوكالة الأناضول، أوضح ميشيل فان هيرب، خبير علم الأوبئة في منظمة "أطباء بلا حدود" أن التدابير الوقائية الأساسية، شملت رصد وعزل المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالفيروس.و"أطباء بلا حدود" منظمة مساعدات إنسانية دولية غير حكومية تتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرا لها.

 وأشار هيرب، الذي يعمل في غينيا منذ ظهور الفيروس في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى أنه من الصعب أن نتعرف بداية وطريقة انتشار الفيروس، لكنه أعرب عن خوفه الشديد ليس فقط من حركة المصابين المحتملين، لكن من عدم وجود مرافق طبية كافية.

ومضى قائلا: "ما يجب القيام به هو تتبع انتقال العدوى، ورصد وعزل المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم، وهو ما نقوم به هنا في غينيا".وتابع عالم الأوبئة: "المرافق الطبية القياسية لا غنى عنها بالنسبة للجهود الجارية في غينيا لمكافحة الفيروس القاتل التي نفتقر إليها في هذه اللحظة".

وتعاني دول غرب أفريقيا الثلاث التي تأكدت فيها حالات الإصابة بـ "إيبولا" تعاني جميعا أنظمة رعاية صحية سيئة.وهو ما دفع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، إلى تخصيص 250 ألف دولار لمساعدة الجهود الجارية لمكافحة فيروس "إيبولا"، فيما صرفت مفوضية الاتحاد الأوروبي الإثنين الماضي، 690 ألف دولار لمساعدة عمال الإغاثة في البلدان المتضررة.

وتساعد منظمتا الصحة العالمية، و"أطباء بلا حدود"، لعزل الحالات المشتبه بإصابتها، وتثقيف المجتمعات المحلية حول النظافة الأساسية.من جهته، يقول ممثل منظمة الصحة العالمية في ساحل العاج، يوكويدي ألارانغار، إذا ما نفذت التوصيات، ليس هناك ما يدعو إلى الخوف بشدة من الوباء الإقليمي.

وفي تصريح لوكالة الأناضول، أضاف ألارانغار: "بدلا من حالة من الذعر العام، أعتقد أن أفضل شيء نفعله هو أن نحرص خلال هذا الوقت العصيب، وننفذ التوجيهات الوقائية المختلفة التي يطرحها مسؤولو الصحة".من جانبها، حظرت حكومات غينيا وساحل العاج استهلاك لحوم الأدغال التي تشمل لحوم القرود والخفافيش والفئران، كما حثت السلطات طلاب المدارس على غسل أيديهم باستمرار بالصابون المطهر قبل الأكل.

وناشد الرئيس الغيني ألفا كوندي، الإثنين الماضي، التزام الهدوء في بلاده، مؤكدا لشعبه أن العاملين في مجال الصحة يبذلون قصارى جهدهم لاحتواء الموقف.وبينما ظلت فيروسات الملاريا، والإيدز (نقص المناعة البشرية)، تمثل المخاوف الصحية الرئيسية لمعظم دول غرب أفريقيا منذ عقود، يرى مراقبون أنه ينبغي على هذه الدول أيضا القلق في الوقت الراهن بشأن "إيبولا".

"كل شخص في غينيا هو حامل مشتبه به لفيروس إيبولا"، بحسب عامل تصفيف الشعر أميناتا ديالو.وفي اتصال هاتفي لوكالة الأناضول من العاصمة الغينية كوناكري، قال  ديالو (41 عامًا): "الجميع خائفون. فأنت لا تعرف ماذا تأكل أو من تخالطهم، وهذا الأمر تسبب في حالة من الذعر العام هنا".