قال فيصل قرقاب، رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، التي تشرف على قطاع الاتصالات في ليبيا إن خطوة إعادة الهيكلة الأخيرة للشركة تأتي لمعالجة الوضع القائم في الاستثمارات الأفريقية التي استغلت بعض الدول أوضاع البلاد لتأميمها، مضيفا أن تركة نظام العقيد القذافي كانت ثقيلة لجهة الاستثمارات المسيّسة. وفق تعبيره.

وقال قرقاب، في مقابلة مع CNN العربية إن مشاكل قطاع الاتصالات الليبي مرتبطة بالأوضاع الأمنية ومشاكل الطاقة والصراع السياسي الدائر في البلاد، علما أن للاستثمارات الليبية في الخارج ككل تحت مظلة المؤسسة الليبية للاستثمار مقيّمة وفق تقرير من قبل شركة "ديلويت" بحوالي 67 مليار دولار.

وردا على سؤال حول خطوة إعادة الهيكلة الأخيرة قال قرقاب: "قطاع الاتصالات في ليبيا يدار من قبل الشركة الليبية القابضة للاتصالات وهي الشركة المالكة لجميع شركات الاتصالات في ليبيا وعددها ثمان شركات من ضمنها شركات الهاتف النقال ’ليبيانا والمدار‘ ، هذه الطريقة أسسها النظام السابق للتحكم بالقطاع، ولكن بدأنا بعيد ثورة 17 فبراير بإعادة هيكلة قطاع الاتصالات في ليبيا أولا حتى يكون فعّالا ومنفتحا."

وتابع قرباب مشيرا إلى التحديات الداخلية التي تعترض شبكة الاتصالات الليبية بالقول: "ليبيا دولة كبيرة جداً وعدد سكانها بسيط فعملية توصيل الخدمة لكافة المدن والقرى النائية هي عملية مكلفة جداً" إلى جانب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ما ترك آثاره على الخدمة بصفة عامة التي "شهدت الكثير من الآثار السلبية" خاصة مع توقف عمل معظم الشركات العالمية والدولية، ما جعل القطاع "يُدار بكفاءات ليبية ويحاول بشكل كبير المحافظة على الحد الأدنى من الخدمة المقبولة."

أما الوضع الدولي للشركة فقد لخصه قرقاب بالقول: "لدينا استثمارات خارجية في بعض الشركات سواء في كندا أو في إيطاليا واستثمارات مهمة جدا في الكوابل البحرية في البحر المتوسط وغرب أفريقيا.. ومؤخرا شهدت الاستثمارات الليبية في قطاع الاتصالات الكثير من التحديات، إذا استحوذت الدولة الليبية بين عامي 2002 و2009 على تسع رخص للاتصالات في دول أفريقية أثناء النظام السابق، وكان الهدف منها سياسيا وليس تجاريا، شهدت هذه الشركات الكثير من التحديات وتعثرت وخصوصاً أثناء أحداث ثورة 17 فبراير، ما دفع الدول الأفريقية لتأميم خمس شركات من أصل تسع."

وأكد قرقاب أن الحكومة الليبية وضعت "خطة إنقاذ" لما تبقى من الاستثمارات في أفريقيا بنقل ملكيتها وإدارتها تحت مظلّة الشركة القابضة للاتصالات، التي وعد أنها "سوف تسخر قدراتها وإمكانياتها لضمان استقرار الشركات العاملة في ثلاث دول رئيسية وهي ساحل العاج وجنوب السودان وأوغندا" قبل أن تبدأ بعد فترة "عملية توسّع وتطوير وإمكانية وجود نوع من التآزر وتسخير الإمكانيات لتحقيق عوائد اقتصادية لليبيا أولاً ومن ثم للدول التي تعمل الشركات بها."

ونفى قرقاب أن تكون ليبيا قد فقدت بتأميم بعض الدول الأفريقية لشركات مملوكة لها قيمة تلك الاستثمارات، مشيرا إلى "رفع قضايا في المحاكم المحلية والدولية وطلب لتعويضات كبيرة جداً مقابل عملية التأميم" مؤكدا توقع "أخبار جيدة" حول إحدى هذه الشركات والتعويضات التي اتُفق عليها.

وشدد قرقاب على اتساع دائرة الفساد في المؤسسات خلال فترة نظام العقيد القذافي قائلا: "فترة النظام السابق كانت طويلة جداً واستمرّت لأكثر من 42 سنة فيها الكثير من الفساد والتجاوزات والأمور التي جرت في ذلك الوقت، هذا ينطبق بشكل عام على مؤسسات الدولة الليبية ناهيك عن الاستثمارات التي نتحدث عنها الآن وهي في أفريقيا" كاشفا أن الشركة التي يرأس مجلس إدارتها أعدت تقريرا ماليا مفصلا حول هذا الموضوع سترفعه إلى الجهات المعنية في الدولة الليبية لأخذ الإجراءات اللازمة، تاركا الإفصاح عن تفاصيل تلك المخالفات للمحاكم الليبية والدولية.

وردا على سؤال حول تأثّر الشركة بالانقسام السياسي الحاصل الآن في ليبيا بين حكومتين والدعوى التي رُفعت في مالطا لطلب السيطرة على الشركة بالقول: "منذ بداية الأحداث كنا نشتغل من خلال مكاتبنا الموجودة في طرابلس وفي المدن الأخرى، كان موقف قطاع الاتصالات صريحا جداً بتقديم الخدمة لكل الليبيين بصرف النظر عن انتماءاتهم.. للأسف الشديد نظراً لتأزم الاوضاع في طرابلس اضطرت إدارة الشركة لنقل أعمالها للعمل من خلال مكاتبها الموجودة في مدينة البيضاء وبنغازي وكذلك من خلال مكاتبنا الموجودة في بعض الدول الأخرى مثل مالطا."

وأضاف: "للأسف الشديد هنالك بعض من استغل هذه الفرصة وهذا الفراغ لدخول مبانينا ومقراتنا ومحاولة السيطرة على شبكة الاتصالات والخدمات وتسخيرها لأغراض أخرى لكننا استدركنا هذا الأمر. وهناك محاولات من البعض للسيطرة على أصول الشركة القابضة ولكن هوية الجهات المخولة معروفة سواء في ليبيا أو في الخارج هذه الأمور سينظر فيها القضاء المحلي أو الدولي."

وشدد قرقاب على امتلاك خطط "طموحة جداً" لتطوير العمل، ولكنه لفت إلى أن الاستقرار الأمني والسياسي "عنصر أساسي لتحقيقها، وبينها العمل على اجتذاب الاستثمارات الخارجية من جديد لأجل مشاريع جديدة في القطاع قائلا: "نأمل ونطمح لاستقرار سياسي في البلد من أجل استئناف هذه المشاريع وهي عملية غير معقدة، ولا تتطلب إلا ما بين ستة أشهر إلى سنة كحد أقصى من أجل تنفيذها بمجرد توقف الانقسام."