يرى قانونيون جزائريون، أن تعديل قانون الأسرة جاء لاستدراك الأخطاء التي وقعت في قانون 2005، لا سيما ما تعلق بالطلاق والحضانة، مبدين تخوفهم من إلغاء الوليّ في التعديلات الجديدة وإعطاء المرأة حق الخلع دون ضوابط وحصره فقط في المقابل المادي، ما سيكون له عواقب وخيمة على الأسرة ويمس بالشريعة الإسلامية.

اعتبر المحامي أوزناجي نور الدين، أن إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مراجعة جديدة لقانون الأسرة، يدل على فشل تعديل 2005، الذي أحدث بشكل متسرع وغير جدي، وفي غياب باحثين جامعيين وقضاة ومحامين وصحافيين وجمعيات تُعنى بحماية الطفولة والعائلة والمجتمع.

وحمّل المتحدث مسؤولية ما ترتّب عن تعديل 2005 من آثار سلبية، للحكومة والرئيس، قائلا “إن التعديل الأخير خلّف آثارا مدمرة على المجتمع، تجلّت في ارتفاع نسبة حالات الطلاق واستفحال ظاهرة التحرش بالمطلّقات، بالإضافة إلى ترعرع أبناء الأسر المُفككة في غياهب الانحراف”.

واستدلّ المتحدث حسب يومية “الخبر”، بمحكمة باب الوادي بالعاصمة قائلا “نُسجّل معدل 15 حالة طلاق بفروع شؤون الأسرة أسبوعيا، ليصل سنويا إلى 720 حكم بالطلاق”.

وحول نفس النقطة، قالت المحامية بمجلس قضاء قسنطينة والناشطة الحقوقية، الأستاذة كريكو كوثر، إن مراجعة قانون الأسرة الجزائري جاء في الوقت المناسب، لسد الثغرات الموجودة في قانون 2005، والتي ترتبت عنها آثار سلبية، كاشتراط الرخصة لزواج الرجل مرة أخرى، وهو ما أدى إلى اتساع دائرة الزواج العرفي لتفادي طلب الرخصة من رئيس المحكمة ومن الزوجة الأولى، بالإضافة إلى جزئية تحرير المرأة من القيود أثناء طلبها للخلع.

وأضافت المتحدثة، أن نقابة المحامين لناحية قسنطينة، ستتقدم بمقترحات للجنة الشؤون القانونية بالبرلمان لسد الثغرات والتخلص من النقائص الموجودة بقانون 2005، مشيرة إلى أن مرور 10 سنوات عن التعديل الأول، كفيل بظهور معطيات جديدة يستوجب تقنينها.

من جهته، اقترح الأستاذ سعدي من كلية الحقوق جامعة الجزائر1، إعادة النظر في نقطة إقدام المرأة على خلع زوجها دون وجود أسباب مقنعة، والعودة إلى ما نصّ عليه قانون 84، حيث لا يمكن للزوجة خلع زوجها إلا بموافقة الأخير.

من جانبه، توقّع المحامي بهلولي ابراهيم، أن تمنح تعديلات قانون الأسرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في الثامن مارس، حرية أكبر للمرأة على حساب الرجل “الذي ضربت قوامته ورجولته في تعديل سنة 2005، وإذا صبت التعديلات في هذا الاتجاه ستكون ضربة أخرى للأسرة وتقاليد وأعراف المجتمع الجزائري المسلم”.

وأبرز الأستاذ بهلولي أنه يفترض أن يكون التعديل جذريا بما يخدم مصالح المجتمع والأسرة الجزائرية المسلمة، لا أن يحقق مصالح المرأة فقط، مواصلا “كنا ننتظر أن تكون هناك مراجعة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الأسرة، ويشارك في مناقشتها كل طبقات المجتمع، من أكاديميين وأهل القانون ومجتمع مدني والطبقة المثقفة وحتى غير المثقفين لأنه يهم الجميع، لا أن تتم التعديلات بموجب أمر رئاسي فتمر كما هي ولا تناقش مثل القانون العادي”.
وأضاف المتحدث أن قانون الأسرة الذي كان مستمدا بنسبة 90 بالمائة من الشريعة ثم تقلصت هذه النسبة مع تعديلات 2005، قد تتقلص أكثر مع التعديلات الجديدة.

وحول المواد التي قد يمسها التعديل، لم يستبعد محدثنا أنها قد تمس المادة 11 من قانون الأسرة التي تتيح للمرأة اختيار وليها. موضحا: “فقد تلغي التعديلات الجديدة الوليّ أصلا، كما يمكن أن تساوي بين المرأة والرجل في الميراث، أو تعطي للمرأة حق الخلع دون ضوابط وحصره فقط في المقابل المادي، بخلاف مفهومه المتعارف عليه وهذا ستكون عواقبه وخيمة على الأسرة ومساسا بالشريعة الإسلامية”.

وأضاف المحامي، أن التعديل إذا خدم المصالح المادية للمرأة فحسب على حساب ميثاق الزواج الذي حددت أحكامه وشروطه في القرآن الكريم “فاقرأ على الدنيا السلام”.

وأكثر من ذلك، أردف محدثنا أن التغيرات المنتظرة، ناهيك على أنها ستمس بأعراف وقيم المجتمع، وتمنح حرية أكبر للمرأة في الطلاق والخلع وحتى الزج بشريك حياتها في السجن، تهدف في الأساس إلى “بهدلة” الرجل الجزائري وضرب رجولته أكثر مما حدث مع تعديلات سنة 2005.

وواصل المحامي في حديثه عن التعديلات المتوقعة، أنه إذا كان الهدف الظاهر هو حماية المرأة “إلا أنه في الحقيقة ضرب للمرأة في حد ذاتها، لأن هذه التغيرات ستخلق عدوا لها، فهذه الأخيرة التي يفترض أن يحميها والدها وشقيقها وزوجها، وما دام القانون يتيح لها الزج بزوجها في السجن، ستخسر دعم وحماية محيطها، وسيساهم أكثر في تفكك العلاقات الاجتماعية ويشجع الانحلال الأسري”.
وفي السياق، قال المحامي عمار خبابة، أن التعديلات الجديدة لقانون الأسرة قد تكون استدراكا من رئيس الجمهورية لما جاء في قانون العقوبات الذي منح حقوق للمرأة على حساب الرجل.

واعتبر خبابة أن الجدل القائم منذ الإعلان عن التعديلات في الثامن مارس، مبررا لأنه جاء مباشرة بعد تعديل قانون العقوبات الذي جرّم العنف والتحرش ضد المرأة. مشيرا إلى التعديلات الجديدة على قانون الأسرة إذا كانت ستذهب في نفس اتجاه تعديلات سنة 2005 “التي بسببها ارتفع نسبة الطلاق وأطلق العنان للمرأة لطلب الخلع فهي مرفوضة”.

وحول هذه النقطة، أوضح خبابة، أن تعديلات 2005 ضربت استقرار الأسرة الجزائرية في الصميم، بخلاف قانون 1984 الذي كان أكثر توازنا، “والنتيجة كانت تسجيل 65 ألف حالة طلاق سنويا، منها 12 ألف حالة خلع”. وأضاف محدّثنا أنه يفترض أن تراجع التعديلات الجديدة المواد التي بسببها ارتفعت نسبة الطلاق، لا أن تمنح للمرأة ضمانات أكبر عند المطالبة بالطلاق وفك رباط الزوجية.

وأبرز المحامي موضحا “تعديلات 2005 ضيقت على الزوج الراغب في التعدد، وبالتالي فتح الباب أمام الزواج العرفي، كما سهّلت طلب الخلع دون موافقة الزوج، فأطلق العنان للمرأة لطلبه. ونفس الأمر بالنسبة للسكن، فأصبحت المرأة تلجأ إلى الطلاق طمعا في امتيازات السكن والنفقة، وإذا كانت التعديلات الجديدة ستكرس نفس هذه الحريات للمرأة فستساهم في تفكك الأسرة أكثر مما هي متفككة”.

وأردف محدثنا أن التعديلات إذا كانت عودة إلى الأصل، في إشارة إلى قانون الأسرة لسنة 1984، “فنحن سنكون من أول الداعمين له”.