وسط حالة من التحركات الإيجابية، التي تسعى القبائل الليبية إلى تكثيفها لإنقاذ البلاد، بدأ أمس وعلى مدار ثلاثة أيام في القاهرة، ملتقى مشائخ وأعيان القبائل والمدن الليبية، بمشاركة أكثر من 350 من شيوخ القبائل، لوضع آلية حل جديدة للأزمة الليبية، وفق ما نشرته اليوم الثلاثاء صحيفة العرب.
يشار إلى أن وزارة الخارجية المصرية أفادت بأنه تم تأجيل افتتاح المؤتمر، موضحة أن ذلك يعود إلى أن عدداً من زعماء القبائل المشاركة في المؤتمر لم يصلوا القاهرة بعد، بسبب الأوضاع الداخلية في بلدهم.
ونفى بدر عبدالعاطي، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، ما تردد أمس بشأن مشاركة بعض الشخصيات القريبة من الإخوان المسلمين في ليبيا وميليشيا فجر ليبيا في المؤتمر.
وقال إن الدعوة الموجهة لحضور مؤتمر القبائل الليبية، تقتصر فقط على ممثلي القبائل المؤثرة في ليبيا، وليست قوى سياسية أو ميليشيات.
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم الملتقى مولاي قديدي، إنه يأمل في أن يحقق لقاء القبائل لمّ شمل الليبيين دون إقصاء أو تهميش، مضيفا أن اللقاء في القاهرة جاء نتيجة للظروف الأمنية المتدهورة التي تمنع عقد ملتقى موسع على مدى ثلاثة أيام في مدينة ليبية.
في المقابل، أعلنت قبائل من كافة المناطق الليبية مقاطعتها للملتقى. وقالت قبائل ترهونة وورشفانة والنواحي الأربع والعجيلات والأصابعة والصيعان والنوايل والمقارحة والحساونة وأولاد امحمد والربايع والطوارق وسرت والجفرة والبراعصة والعواقير والمغاربة والجوازي والعزبيات والفوايد والعبيدات والعرفة والمجاورة والفواتير وأولاد الشيخ، أن مجالسها الاجتماعية لن تشارك في ملتقى القاهرة.
وأعلنت قبائل الطوارق في ليبيا بدورها، أمس الاثنين، عن عدم مشاركتها في المؤتمر، ففي تصريحات صحفية، قال أحسين الكوني رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل الطوارق في ليبيا (مجلس يضم جميع قبائل الطوارق)، إن “الموقف الثابت لقبائل الطوارق هو أن أي حل للأوضاع الجارية في ليبيا لا بد أن يستند على الثوابت الوطنية وأن يكون ليبيا وبعيدا عن التدخلات الخارجية”.
وأضاف الكوني “أي مؤتمر، يعمل على إنهاء الحرب في ليبيا، يجب أن يعقد داخل ليبيا وبمشاركة جميع القبائل الليبية”.
والطوارق، أو أمازيغ الصحراء، هم قبائل من الرحّل والمستقرين يعيشون في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو، وهم مسلمون سنيون.
واعتبر الناشط الحقوقي الليبي أشرف القطعاني، أن حوار القبائل هو أهم مسارات حوار جنيف بين الأطراف الليبية، نظرا إلى أهمية الدور الذي من الممكن أن تلعبه القبائل في عودة الاستقرار والأمن إلى ليبيا. وأضاف القطعاني في تصريحات صحفية، أنه وباختصار شديد إذا اتفقت القبائل الليبية على كلمة واحدة فسوف تنتهي الأزمة الليبية في المدى القريب، مضيفا قوله: أتصور أن حل الأزمة الليبية سيبدأ من القاهرة ذلك لأن المشاركين في ملتقى القاهرة لهم ارتباط مباشر بالأحداث، فهم إما وجهاء قبائل أو مؤثرين على أبنائهم المنتمين للميليشيات شبه العسكرية وبإمكانهم سحبهم وتخليصهم من تلك الميليشيات، أما القبيلة فتبقى الحاضنة الاجتماعية لأطراف الصراع والنزاع في ليبيا.
ويرى مراقبون أن العامل القبلي مهم في ليبيا وبإمكانه أن يساهم في قلب المعادلة السياسية باعتبار أن القبيلة لها نفوذ ويمكن أن تتدخل لحسم النزاعات والخلافات بين الفرقاء.
يشار إلى أن العقيد معمر القذافي عمل على التقليص من النفوذ القبلي السائد في ليبيا خلال سنوات حكمه الأولى ومن ثمة اعتمد على القبيلة من أجل إحكام قبضته على السلطة، كما عمل على خلق صراعات قبلية بالاعتماد على التعيينات داخل المؤسسة العسكرية لتشتيت الانتباه عن تجاوزاته وعن نظام حكمه.
ومن جانبها قالت فاطمة أبو النيران، الناشطة الحقوقية ورئيسة التجمع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية ومندوبة التجمع لدى مجلس القبائل الليبية: إن جميع الأطراف الداخلة والمتداخلة في الأزمة الليبية ضاقت ذرعا بالأوضاع التي وصلت إليها البلاد، وبات الجميع يبحث عن حل فعلي لما يجري من قتل وتدمير وانتشار للإرهاب في غالبية أنحاء ليبيا وبدأ يتفرع إلى دول أخرى بالمنطقة، منها مصر والجزائر وتونس.
وتابعت أبو النيران أن الإرهاب في ليبيا أصبح يهدد مصالح الدول التي كانت الأساس في وصول ليبيا إلى هذه الحالة من الخراب والدمار. وقالت الناشطة الليبية إن ما يستحق الاهتمام التوجه الشعبي والرسمي من قبل الليبيين أنفسهم، بطلب المساعدات والدعم من أجل الخروج بليبيا إلى بر الأمان.