تتّجه النية في تونس و حسب ما أعلن عنه وزير الثقافة التونسي مراد الصكلي، إلى كراء بعض المعالم الأثرية في البداية للاستغلال السياحي الثقافي، من خلال لزم مع المستثمرين الخواص، لتشمل العملية فيما بعد تسويغ المواقع الأثرية و كرائها على امتداد 25 أو 30 سنة، مسألة أثارت بعض المخاوف و ردود فعل متباينة و موجة من النقد.
وقالوزير الثقافة التونسي: "أعلم أني سأجد ردود فعل سلبية سواء من المعهد الوطني للتراث أو من موظفي وكالة إحياء التراث لكني سأقوم بما فيه صالح للمجموعة الوطنية". معتبرا ان الاستثمار في المواقع الاثرية سيكون في مشاريع ذات أبعاد ثقافية وله مردودية اقتصادية وتنموية.
تصريحات و قرارات أثارت استغراب الباحثين في المعهد التونسي للتراث والساهرين على المواقع الأثرية في تونس، حيث يرى بعضهم و على غرار "عدنان الوحيشي" المدير العام للمعهد ان هذا اعلان وزير الثقافة لهذا القرار عبر وسائل الإعلام دون الرجوع و استشارة المؤسسات المعنية فيه كثيرا من التجاهل و انفراد بالرأي ،حسب قوله.
رأي أيده المهندس المعماري الأول بالمعهد التونسي للتراث "غازي المستيري" واعتبر ان خيار الكراء لمن يدفع أكثر ليس محبذا لآثاره السلبية الممكنة على المواقع الاثرية، "إذ كان على الوزير العودة إلى خبرة المعهد في صيانة و إدارة هذه المواقع قبل إتخاذ هذا القرار".
و كان عدد من العاملينبالمتاحف والمواقع الاثرية بكافة تراب الجمهورية التونسية نفذوا وقفة احتجاجية، يوم الاربعاء 28 مايو الجاري، امام قصر قرطاج تنديدا بقرار الحكومة الذي اعتبروه بيعا لتاريخ تونس والتفويت في الارث الحضاري للبلاد.
من جانبه أكد وزير الثقافة ،ان هذا القرار جاء تفاعلا مع توصيات "اليونسكو" ،التي دعت إلى إدخال المواقع الأثرية في الدورة الاقتصادية و هي أهم وسيلة للمحافظة على هذه المعالم و المواقع ، اضافة إلى خلق فرص عمل جديدة و سيكون لها مردودية مالية، لوزارة الثقافة "فنحن اشترطنا أن يعود جزء من المرابيح إلى الدولة التونسية.."
و رغم أن الاستثمار في المعالم و المواقع الأثرية هو توجّه جديد في تونس، فإنه يخضع إلى العديد من الإجراءات مضمّنة بكراسات شروط، حيث من المقرّر و حسب تأكيدات الوزير، المحافظة على مراقبة هذه المعالم بإشراف المعهد الوطني للتراث فيما يخص الجوانب العلمية و بالتعاون مع وكالة احياء التراث فيما يخص آليات التصرّف.
وتملك تونس بحسب بعض الخبراء، اهم مجموعة اثرية رومانية في العالم تضم نحو 30 الف قطعة موزعة على متاحف اضافة الى مواقع اثرية بعضها مدرج ضمن التراث العالمي، كما ان تونس عضوة في الجمعية العالمية للمواقع والمعالم وقد أمضت على اتفاقية لحفظ المواقع والمعالم وصيانتها وحسن استغلالها.
و كانت "بوابة إفريقيا للإخبارية" تطرّقت في مقال سابق إلى جملة من الإخلالات والتجاوزات في مجال التصرف في التراث الأثري، و التي صارت تهدّد ذاكرة تونس و معالم هذا البلد العريق، فهل يكون قرار كراء المعالم الأثرية خطوة نحو حفظ و حماية الذاكرة التونسية من الإندثار.؟