بصوت مبحوح محمّل بالألم وجروح غائرة في أنحاء متفرقة من جسده، ومغالبة لآلام الفشل الكلوي، هكذا خرج نشوان مقبل الشميري البالغ من العمر 32 عاماً من سجون ميليشيا الحوثي، بعد اختطاف وتعذيب لأكثر من عام وثمانية أشهر.
عاملٌ بسيط من سكان مدينة تعز، ذهب إلى منطقة «القاعدة» شرق تعز والتي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، وذلك من أجل البحث عن عمل يقتات منه هو وأسرته، التي تعاني بسبب الحرب والأوضاع المعيشية الصعبة.
لم يجد «نشوان» عملاً سوى تنظيف السيارات لمواجهة متطلبات الحياة، حتى جاءت ميليشيا الحوثي وخطفته إلى أحد سجونها ومعتقلاتها دون أي تهمة، وحاولت إجباره على التجنيد والقتال معهم في الحديدة، وعندما رفض قاموا بتعذيبه وإخفائه عن أهله، ولم يعرف أحد عنه أي معلومات منذ اعتقاله.
اتهموه بأنه «داعشي»، وأنه يساند المقاومة والجيش الوطني والتحالف بنقل تحركات الحوثيين، وبهذا بدأت مرحلة طويلة من العذاب والتنكيل التي تعرض لها «نشوان» في معتقل مدينة الصالح الشهير.
وصف «نشوان» لصحيفة «البيان» الإماراتية، ما تعرض له من تعذيب بالأيام الأكثر قسوة في حياته، وأنه تمنى الموت مرات عديدة، حيث كان يسجن في زنزانة ويدعوه ينام حتى منتصف الليل ويأتي السجان لإفاقته بالمياه الباردة وأخذه إلى غرف التعذيب، وهي غرف مخصصة لتعذيب المعتقلين وكان يتداول السجانون الحوثيون بتعذيب المعتقلين فيها، ويسمع صراخ المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب في أرجاء السجن.
ويكشف «نشوان» أنه ضرب بالحديد والكابلات الكهربائية السميكة في قدميه وظهره، وتم تعليقه من أقدامه رأساً على عقب أثناء التحقيق والتناوب على ضربه من قبل المحققين، كما كان يتم ضربه بواسطة «مطرقة» في الرأس وعمل جروح غائرة في جمجمته وينزف من خلالها الكثير من الدماء، كما تحدث أنه كان يتم حرمانه من الأكل والشرب لأيام طويلة، ويعطوه القليل منها بعد أيام من أجل أن يستمر بالعيش.
وتحدث عن أن غرف التعذيب مختلفة باختلاف مهامها، فهناك غرف للضرب وغرف للكهرباء، وأنه تعرض لها جميعاً، وأنه تم صعقه بالكهرباء في المناطق الحساسة.
وحكى «نشوان» أنه في أحد الأيام تم أخذه إلى غرفة التعذيب والتحقيق وانهالوا عليه بالضرب وركزوا على الضرب في خصيتيه حتى تم إخصاؤه، وهذا ما أكده الأطباء في مستشفى «هيئة مستشفى الثورة» الذين استقبلوه بعد خروجه من المعتقل وإدخاله إلى المدينة متخفياً كمريض يحتاج لمستشفى فقط.
استمر سجن «نشوان» لمدة عام و8 أشهر، وساءت حالته وأصيب بالتليف الكبدي وأصبح بين الحياة والموت بسبب انتشار السموم في جسده، وبعد تدخل من فاعلي الخير وخشيةً من أن يموت في داخل سجون الحوثي تم دفع مبلغ وقدره «300 ألف ريال يمني» ما يعادل «600 دولار» بعد جمعه من قبل فاعلي الخير، وتم الإفراج عنه وإسعافه إلى مستشفى الثورة في مدينة تعز.
استقبله الأطباء وهو في حالة بالغة السوء لانتشار السموم في جسده حاولوا عمل اللازم، كما اضطرت أسرته لبيع ما تبقى لهم في المنزل من أجل شراء الأدوية اللازمة له، ووقفوا عاجزين لا يستطيعون توفير ما تبقى من الأدوية ليترك «نشوان» يصرخ ويعاني في إحدى غرف مستشفى الثورة.
هذا واحد من فصول العذاب التي يتعرض لها المعتقلون والمختطفون في سجون ميليشيا الحوثي، وهناك الكثير من الضحايا الذين رحلوا بسبب التعذيب في تلك السجون المظلمة، وهذا ما أكده المعتقل المفرج عنه «نشوان»، والذي قال: إن اثنين من الذين كانوا في زنزانته توفيا بسبب التعذيب المستمر، وأنه كان ليكون ثالثهم لولا تدخل فاعلي الخير.