أدت هزيمة الإخوان في الانتخابات التشريعية بالمغرب إلى طرح العديد من التساؤلات حول واقع ومستقبل الحركة في المغرب وشكل الحكومة الجديدة المقرر تشكيلها وملامح المسار السياسي القادم في المغرب بعد خروج تيار الإخوان الذي سيطر على المشهد لعشر سنوات.. للإجابة على هذه التساؤلات وغيرها التقينا المحلل السياسي المغربي إدريس قصوري.

إلى نص الحوار: 

هل يمكن أن تحدثنا عن تيار الإخوان في المغرب 

مفهوم الإخوان غير موجود في المغرب وغير متبنى لا رسميا ولا شعبيا ولا أكاديميا هذا المفهوم بآلياته وتاريخه غير موجودة حتى فكرة التنظيم الظاهري العلني والتنظيم السياسي غير موجودة في المغرب ولا أحد يتبناها حتى من يسجلون سياسيا بين علمانيين وإسلاميين يستعملون هذا المفهوم بنسبة معينة مشحونة بمفهوم الشك في الإسلاميين وعدم الاطمئنان لهم في العمل والحفاظ على الدولة لكن الاتهام الواضح وتبني المرجعية الإسلامية الإخوانية كما هو في مصر مثلا فهو غير موجود لكن في المغرب هناك تيارات إسلامية لها خصوصية ولا ترقى للغايات الإخوانية المعروفة في الدول الأخرى إنما تتبنى العمل الديمقراطي الاجتماعي والإصلاحي الحقيقي سواء من داخل المؤسسات أو خارجها وترفض أهداف الخلافة وآليات العنف.

كيف تنظرون إلى ملامح المسار السياسي القادم في المغرب؟

بعد عشر سنوات من حضور تيار الإسلاميين داخل المؤسسات وبعد أن نجح في تقديم نفسه بديلا مدعوما من السياق العربي "الثورات العربية" والموجه التي أتت بالحركة الإسلامية كلها على الصعيد العربي والمغاربي إلى حد ما يمكن القول إن المغرب طوت مرحلة عشر سنوات وقد دخل المسار المغربي إلى مرحلة جديدة ترجع بنا إلى زمن ثمانينات وتسعينات القرن الماضي والحكومات الائتلافية المغربية بأحزابها التقليدية ويمكن القول أننا انتقلنا من عهد حكومة المرحوم عبد الرحمن اليوسفي التي كانت تتسم بالتناوب السياسي إلى مرحلة التناوب بأفق اجتماعي لأن من صوت لهذه الأحزاب هي فئة عريضة من المجتمع لديها مطالب اجتماعية كبيرة على مستوى الصحة والتعليم والعمل والسكن وحل مختلف المشكلات وتوسيع قاعدة المقاولة المغربية باعتبارها وعاء للتشغيل وتضمن الاستقرار من أجل استيعاب الطبقة الوسطى والابتعاد عن الأعمال الريادية كأولوية اقتصادية في المرحلة المقبلة وبذلك فإننا انتقلنا لمرحلة تناوب جديد بأفق اجتماعي فيه أغلبية مريحة وقوية على المعارضة لكنها ستظل تحت مراقبة ليس أحزاب المعارضة التي ستكون ضعيفة في البرلمان وإنما تحت أنظار الشارع المغربي الذي لم يعد يرحم وقد صوت لصالح الإسلاميين في المرحلة السابقة ولم يرحم الأحزاب الإدارية وأحزاب النخب وأحزاب الأطر وأحزاب التكنوقراط والآن يعاقب التيار الإسلامي لأنه رفع شعارات التغيير ومحاربة الفساد ولم ينفذ شيء وتم استيعابه من طرف نخبة الدولة وتمرير مجموعة قرارات استراتيجية غير ديمقراطية يكتوي بنارها الشعب 

هل يمكن أن تقدم لنا قراءة في تشكيلة الحكومة القادمة؟

يمكن أن اقترح أربع سيناريوهات للتشكيلة الحكومية القادمة: الأول سلس وسهل لتشكيل الحكومة دون مشاكل أو صعوبات إذا توفرت النية الحسنة عند الجميع وعند الحزب الذي تم تعيين رئيسه ليدخل في مشاورات تشكيل الحكومة الجمعة وقد بدأت المشاورات بمنهجية دستورية حيث بدأ رئيس الحكومة مشاوراته من الحزب الذي يأتي في المرحلة الثانية والثالثة وهكذا وليس له صلاحية تقديم حزب على آخر وإنما يحترم التراتبية وهذا ما قام به وأعتقد أنه وفقا لهذا التوجه السلس وغير المعقد ستكون حكومة قوية ومنسجمة ونشطة وفعالة يكون فيها حزب الحمامة الذي حصل على المرتبة الأولى وحزب الأصالة والمعاصرة القريب له في المرجعية والذي هو توأمه ثم يضاف له حزب الاستقلال الذي حصل على المرتبة الثالثة ويقويهم حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان معهم تاريخيا منذ عهد حكومة عبد الرحمن اليوسفي وبالتالي سيكون هناك ثنائية حزب إداري وهو الأحرار والأصالة والمعاصرة وثنائية حزبين وطنيين وهما الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وقد بدأت تضيق المسافة المرجعية بين هذه الأحزاب لأنه لم يعد للفلسفة أي اعتبار وإنما الاعتبار للبرنامج أما السيناريو الثاني فهو أن يتم الدفع بإخراج حزب الأصالة والمعاصرة من التشكيلة الحكومية ويكون هناك حزب الأحرار مع حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي ويضاف إليهم الاتحاد الدستوري باعتباره رديف حزب الأحرار ولصيق له وقد أصبح ضعيفا وبالتالي ستكون حكومة منسجمة وإن كانت ليست بنفس القوة لأن حزب الأصالة سينضم للمعارضة وبالتالي سيعمل بقوة لأنه يريد الحكومة وليس المعارضة ويرى أنه سيموت في المعارضة لذا سيحرك ضده لذا يجب استيعابه في الحكومة لأنه المنافس القوي ولا يجب تركه خارج الحكومة أما السيناريو الثالث هو أن تكون أحزاب الأحرار والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري ويضاف إليهم الحركة الشعبية لأنها حزب مهادن وليس له عداوة مع أي طرف أما السيناريو الرابع فهو أن تكون هذه الأحزاب الخمسة مضافة لحزب الأصالة والمعاصرة وتكون ست أحزاب في الحكومة لكن يصعب تبني هذا الطرح وإن كان سيقوي الأغلبية ويضعف المعارضة لكن يصعب تبنيه كحكومة وائتلاف وطني في المرحلة الحالية لأنه سيؤثر على توزيع المقاعد وتلبية مطالب الجميع 

ما الاعتبارات التي سيتم النظر إليها عند تشكيل الحكومة؟

الاعتبارات منها ما هو تاريخي ومنها ما هو مرتبط بمصدر الولادة ومنها ما هو مرتبط بتجربة توافقية بين الأحزاب فالاعتبارات إما أن تكون أحزاب "الإدارة" من حزب الحمامة والأصالة والمعاصرة مع حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال كحزبين وطنيين وقد جربا العمل معا في الحكومات السابقة وكان بينهم توافقات كبيرة إلا أن حزب الأصالة لم يدخل الحكومة لكنه عمل مع الأحرار في المجالس المحلية والجهوية ويتقاسم معه مرجعية ليبرالية اجتماعية معينة إلا أنه نتيجة عدم التوافق بين رئيسي حزبي الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار والمنافسة بين هذين الشخصين سيتم إبعاد رئيس حزب الأصالة بدعوى أنه غير مطيع ومشاكس إلا إذا كان هناك رسائل معينة لاحتضانه لأنه أيضا يريد أن يكون في الحكومة أكثر من المعارضة أما بالنسبة لحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي فليس هناك أي مشكل بشأنهما وأيضا حزب الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة كذلك 

برأيك ما نصيب الإخوان من الحكومة؟

لن يكون لهم نصيب فيها ولا حتى مهام كبيرة في البرلمان حيث أصبح حزبا هامشيا ضعيفا ومرفوض من النظام والشعب وهذه اعتبارات ستؤدي لاستبعاده وعدم الاستعانة به في أي قضية

هل يمكن القول أن الإخوان خرجوا من المشهد السياسي في المغرب أم تتوقعون عودتهم بطرق أخرى؟

لا نتوقع عودتهم على المدى القريب أو المتوسط أو على المدى البعيد في إطار سياسي تنظيمي مستقل فاعل في المغرب بنفس الثقة والزخم الذي أعطاه إياه الشارع المغربي في المرحلة السابقة لكنه قد يركب موجة سخط قد تحدث في الشارع المغربي إذا لم يتم تحقيق الآمال لأن الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية موجودة أما حزب العدالة والتنمية فسيصبح رقما مثل باقي الأرقام الحزبية الأخرى بل سيكون رقم ضعيف وخجول 

إلى أي مدى يمكن القول إن مشروع الإسلام السياسي في المغرب بدأ بالانهيار؟

بالنسبة للمعطيات الحالية ونتائج الانتخابات الحالية وطريقة عمل الحركة والهزيمة التي منيت بها ومرحلة الجمود والسبات العميق الذي دخلت فيه وما نتج عنه من تجميد حركة الشارع وتركه يعمل كقطاعات ومطالب فئوية ضيقة هنا وهناك ويعبر عن ذاته بذاته فلا أظن أن هذه الحركة أصبح لها في المغرب وجود تنظيمي قوي فاعل مبادر قادر على قيادة الشارع لكن يمكن أن ينفجر الشارع المغربي وتركب الحركة الإسلامية التيار لأن لديها خبرة لفعل ذلك في ظل الفراغ وعدم وجود بديل في المعارضة فتيار الإخوان لديهم موارد مالية لكن ليس لديهم قدرة على مواجهة النظام.