أكد المحلل السياسي المغربي إدريس قصوري أن اندلاع حرب بين المغرب والجزائر سيؤثر على شعبي البلدين مضيفا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن الحروب يتسبب بها الكبار ويذهب ضحيتها الفقراء.

إلى نص الحوار:

برأيك ما تأثير الصراع بين المغرب والجزائر على البلدين؟

هذا الصراع يؤثر على الشعبين لأن الحروب يتسبب بها الكبار ويذهب ضحيتها الفقراء كما أن الشعوب ستتأثر كثيرا حيث يوجد بين الجزائر والمغرب علاقات قرابة ومصاهرة كما ستؤدي الحروب إلى الموت والفقر والتدمير وأعتقد أن نتيجة الحرب ستكون كارثية على الجزائر القابلة للانقسام أما المغرب فهو موحد. 

كيف تتابع التصعيد بين المغرب والجزائر في الفترة الأخيرة؟

يمكن تقسيم سياسة المغرب خلال الـ 20 سنة الأخيرة إلى مرحلتين كل منهما 10 سنوات حيث أنه في السنوات العشرة الأولى ركزت المغرب على إعادة هيكلة المشهد السياسي وإحداث إصلاحات في البلاد من حيث التنمية والمعمار والبناء والتحول من الزرعة للصناعة وتحديث الإدارة ثم توج بدستور 2011 وذلك بهدف تحقيق المصداقية أما في السنوات العشر الأخيرة بدأ المغرب ينفتح على العالم وينشغل بالقضايا الدولية في إطار المعاييرالعالمية الجديدة وتبادل الشراكات فبدأ في الاهتمام بملفات الإرهاب والهجرة والبيئة والاحتباس الحراري والمناخ ومحاربة الجريمة وحقوق الإنسان والتضامن مع الدول العربية والإفريقية والمساهمة في القبعات الزرقاء في الأمم المتحدة والمصالحة في ليبيا كما زار مجموعة من الدول وعقد لقاءات قمة مع القادة الأفارقة ونوع من علاقاته وانفتح على روسيا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية والصين وتركيا ونوع من شراكاته وبدأ يستثمر علاقاته في إطار تعزيز مصالح هذه الدول داخليا وبالتالي اكتسب مصداقية أكثر من الجزائر وبذلك اختلف ميزان القوى في المنطقة الشمالية لصالح المغرب ولم تعد القوة منحصرة في الجانب العسكري فقط ولأنه لا توجد حروب فإن من يستثمر فيها يكون خاسر وحتى الديموغرافيا لم تعد عنصرا كبيرا في موازين حيث أن النظام العالمي الجديد بدأ يبتعد نحو القوى المعنوية المتمثلة في الاقتصاد والتكنولوجيا والدبلوماسية والدين القوى فيما لازالت الجزائر تعتمد المؤشرات القديمة من الديموغرافيا وعدد السكان والجانب العسكري وبذلك انطلق المغرب للأمام وبدأ مؤشر النمو الداخلي في المغرب أفضل من الجزائر وكذلك في العملة الصعبة والاحتياطات والاقتصاد لذلك قامت الجزائر بالعمل على تشتيت انتباه المغرب عن تحقيق نجاحاته والعودة به للصفر إلا أنها لم تنجح في ذلك كما أن الأطروحات الأممية لا تسير في اتجاه دعم الجزائر وإنما تقرير المصير عبر الاستفتاء أو إعطاء الصحراء إلى البوليساريو لذلك فإن الجزائر تريد نسف هذه الأوضاع الجديدة كي لا تخرج خاسرة لذلك فإنها قد تلجأ للحرب كي تثني المغرب عن مواصلة صعوده والرجوع به لسنوات من الماضي.

برأيك ما أسباب التصعيد على الحدود بين البلدين؟

أسباب التصعيد هي أن الجزائر لا تريد أن تترك مجالا للمغرب وتريد أن تقطع المغرب عن عمقه الإفريقي وهي تعلم أن المغرب له أكثر من 1000 شراكة مع الدول الإفريقية وحين توجد توترا في الحدود فإنها تعمل على تقويض الشراكات مع الدول الإفريقية ولا تترك مجالا لنجاح الشراكات المغربية الإفريقية ومثال ذلك مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا المغرب سوف يتوقف ولن يكتمل في حال اندلاع حرب لذلك فإن الجزائر تصعد لتقطع علاقات المغرب بإفريقيا وهذا خطأ كبير لأنها في النهاية تضرب مصالح الدول الإفريقية التي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع لذلك أظن أن الأفارقة سيتحركون لمواجهة الجزائر ولابدمن التذكير أن أكثر من 28 دولة صوتوا لرجوع المغرب للاتحاد الإفريقي وأعتقد أن أكثر من 40 دولة ستقف ضد الجزائر وتعارضها في الاتحاد الإفريقي وأعتقد أن المغرب قد يطلب الاتحاد الإفريقي بالتدخل في الجزائر بالقوة وهذا موجود في الأدبيات التأسيسية للاتحاد الإفريقي حيث أنه إذا اعتدى بلد على آخر فإن الاتحاد الإفريقي يتدخل 

إلى أي مدى تتخوف من تطور الأمر لمواجهة عسكرية؟

لا أتخوف من مواجهة عسكرية أنا أعتقد أنه لا مفر منها وستحدث بين المغرب والجزائر قريبا فقد وصلنا لحالة إعلان الحرب والتهديد بالانتقام وبذلك فلم يتبقى على الحرب إلا الطلقة الأولى التي لن تكون مفاجئة للمغرب وأعتقد أن المغرب مستعد لها خاصة وأنه خاض تدريبات في الصحراء مع الولايات المتحدة وأكثر من 30 دولة في الفترة الأخيرة وهو ما أعطى المغرب تجربة وخبرة في الميدان كما أن جميع السياسيين والمدنيين المغربيين يدعمون الدولة وغير منقسمين وأعتقد أنه إذا وقعت الحرب فإن الجزائر ستنخرط فيها بكل قوتها في البداية لفرض ذاتها وتحقيق نصر جزئي لكن بعد ذلك سيتغير الأمر وستتمكن المغرب من تحقيق النصر وأعتقد أن الجزائر ستنقسم إلى ثلاث دويلات إذا دخلت في الحرب 

إلى أي مدى تتخوف من استغلال التنظيمات الإرهابية التوتر بين البلدين لتنفيذ مخططاتها؟

المغرب استطاع التحكم أمنيا في التنظيمات الإرهابية وليس لديه مشكلة مع الإسلاميين سواء داخل الحكومات أو المؤسسات أو الإدارة وكذلك جمد نشاط أقوى التنظيمات الإسلامية أما الجزائر فهي أرض شاسعة وواسعة ولديها حدود مع كثير من الدول ولديها قبائل تطالب بالاستقلال ولديها مشكلة تاريخية مع الإسلاميين في العشرية السوداء وبذلك فإن كل هذه المعطيات ستؤثر سلبا على الجزائر فالتنظيمات الإرهابية كامنة في الجزائر وسوف تستغل اللحظة المناسبة للتحرك 

هل يمكن لدول المغرب العربي التدخل لإنهاء هذا الصراع؟

أظن أن كثير من الدول حاولت التدخل واقترحت الوساطة وهو ما رحبت به المغرب لإثبات حسن الجوار والتعاون لكن الجزائر هي التي تعنتت وتذهب نحو قطع العلاقات وتوقيف الطيران والتهديد بالحرب والتصعيد وبذلك فإنها لا تنصت للأصوات العربية والإفريقية والعالمية وأعتقد أن الدول الكبرى لو تدخلت بشكل حازم في تحذير الجزائر فهذا سوف يثنيها عن الحرب.