تدخل المقاطعة العربية لقطر اليوم الجمعة  عامها الرابع ،  بينما تؤكد أغلب المؤشرات أن الحل لا يزال بعيدا ، وأن النظام القطري باق في عزلته داخل محيطه ، بسبب استمراره في غيه ، وعجزه عن مراجعة مواقفه العدوانية تجاه أشقائه نتيجة خضوعه التام لمشروع جماعة الإخوان التي تهيمن على قراره السياسي وطاقم المستشارين المستورد المستفيد من الوضع الحالي ، والارتماء بالكامل في أحضان المشروع الأردوغاني العثماني الجديد ، استجابة لرغبة نفسية مرضية بالبحث عن دور كبير  للكيان الصغير عساه يناطح به في سبيل زعامة وهمية لمنطقة الخليج أو المنطقة العربية ،
في الخامس من يونيو 2017 أعلنت أردع دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها للنظام القطري ، بعد أن أخل ببنود اتفاقية الرياض للعام 2013 وعلى رأسهاعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر وعدم إيواء أو تجنيس أي من مواطني المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته إلا في حال موافقة دولته وعدم دعم الفئات المارقة المعارضة لدولهم وعدم دعم الإعلام المعادي ،و عدم دعم الإخوان المسلمين أو أي من المنظمات أو التنظيمات أو الأفراد الذين يهددون أمن واستقرار دول المجلس عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي ،وعدم قيام أي من دول مجلس التعاون بتقديم الدعم لأي فئة كانت في اليمن ممن يشكلون خطرا على الدول المجاورة لليمن.
ثم توقيعه على بنود الاتفاقية التكميلية للعام 2014 ومنها امتناعه عن دعم الجماعات المعارضة والعدائية في دول مجلس التعاون للخليج العربي بالإضافة إلى اليمن ومصر،و عدم إيواء أو توظيف أو دعم -بشكل مباشر أو غير مباشر- في الداخل أو الخارج أي شخص أو أي وسيلة إعلامية ممن له توجهات تسيء إلى أي دولة من دول مجلس التعاون، وتلتزم كل دولة باتخاذ كافة الإجراءات النظامية والقانونية والقضائية بحق من يصدر عن هؤلاء أي تجاوز ضد أي دولة أخرى من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما في ذلك محاكمته، وأن يتم الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام ،و التزام كافة الدول بنهج سياسة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعم جمهورية مصر العربية والإسهام في أمنها واستقرارها والمساهمة في دعمها اقتصاديا، وإيقاف كافة النشاطات الإعلامية الموجهة ضد جمهورية مصر العربية في جميع وسائل الإعلام بصفة مباشرة أو غير مباشرة بما في ذلك ما يبث من إساءات على قنوات الجزيرة وقناة مصر مباشر، والسعي لإيقاف ما ينشر من إساءات فسي الإعلام المصري.
كانت الدول الأربعة ، قد تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن النظام القطري لم يلتزم بأي من تعهداته السابقة ، واختار الاستمرار في مراوغاته وتآمره على أمنها القومي بالتحالف المعلن مع القوى الإقليمية ذات الأهداف التوسعية على حساب الدول العربية وبدعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة العاملة في هذا الاتجاه ، وتحريك الخلايا التخريبية بهدف بث الفوضى في المجتمعات الآمنة، وتجييش أبواقه الإعلامية وجيوشه الكرتونية للمساس من الأنظمة ورموزها ، وتحويل الدوحة الى مركز لتصدير المشاريع العدوانية والترويج لمخططات الفوضى الهدامة على غرار ما سمي بثورات العربي ، معتمدا في ذلك على تيارات الاسلام السياسي ودعاة العنف والتكفير وتزوير الحقائق وفبركة الوقائع لبلورة رأي عام محلي وإقليمي ودولي ضد الأنظمة التي يرى أنها تعرقل خطواته لتعميم حالة الخراب الممنهج
عندما أعلنت الدول الأربع في الخامس من يونيو 2017 قرارها بمقاطعة قطر ، طرحت عددا من الشروط للتراجع عن ذلك القرار من قيام قطر بالإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية الجاري إنشاؤها آنذاك ووقف أي تعاون عسكري مع تركيا داخل الأراضي القطرية، وإعلان قطر قطع علاقاتها مع جميع التنظيمات الإرهابية والطائفية والإيديولوجية وعلى رأسها تلك التنظيمات التي تهدد مملكة البحرين وغيرها من منظمات وردت في قائمة المنظمات التي تدعمها قطر ومن أبرزها جماعة الإخوان وداعش والقاعدة وفتح الشام (جبهة النصرة سابقا) وحزب الله اللبناني، وإدراجها ككيانات إرهابية وضمها إلى قوائم الإرهاب وإقرارها بتلك القوائم والقوائم المستقبلية التي سيعلن عنها.
كما شملت المطالب، إيقاف جميع أشكال التمويل القطري لأفراد أو كيانات أو منظمات إرهابية أو متطرفة، وكذلك المدرجون ضمن قوائم الإرهاب في الدول الأربع، والقوائم الأميركية والدولية المعلن عنها، وقيام قطر بتسليم جميع العناصر الإرهابية المدرجة والعناصر المطلوبة لدى الدول الأربع، والعناصر الإرهابية المدرجة بالقوائم الأميركية والدولية المعلن عنها والتحفظ عليهم وعلى ممتلكاتهم المنقولة وغير ‎المنقولة لحين التسليم، وعدم إيواء أي عناصر أخرى مستقبلاً والالتزام بتقديم أي معلومات مطلوبة عن هذه العناصر خصوصاً تحركاتهم وإقامتهم ومعلوماتهم المالية وتسليم كل من أخرجتهم قطر بعد قطع العلاقات وإعادتهم الى أوطانهم، بالإضافة إلى إغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها.
حاول النظام القطري أن يلتف على تلك الشروط ضمن خططه المعهودة بالانقلاب على التزاماته وتعهداته ، وأن يخترق الصف المقاطع باستمالة طرف دون أخر ، وقام بتحركات على مستوى العالم بأسره بحثا عن منفذ للضغط على الدول الأربع حتى تتجاوز عن سوابقه بفتح صفحة جديدة ، دون أن ينضبط للشروط ، أو يستجيب للمطالب ، واتجه تميم بن حمد الى العواصم الكبرى كواشنطن وموسكو وبرلين ولندن وباريس وغيرها معتمدا على ديبلوماسية الصفقات  في محاولة منه لتحقيق دولي معه ضد ما وصفه بالحصار الذي يستهدف بلده ، لكنه فشل في تحقيق أي من أهدافه
كما سعى النظام القطري الى تمويل حملات واسعة بعضها إعلامي وبعضها « حقوقي » وتحريك لوبيات الضغط في أغلب العواصم المؤثرة بما في ذلك اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لتشكيل رأي عالم عالمي داعم له في مواجهة الدول الأربع ، لكن دون جدوى ، فحاول أن يعوض ذلك بالتبعية التامة للنظامين التركي والإيراني ، ليقع في دائرة الخطأ مرة أخرى بالكشف عن طبيعة تحالفاته التي لا تخرج عن دعم الإرهاب والسعي الى اختراق الدول العربية ، وليجد نفسه في موقع التابع الذليل المكلف بتمويل أهداف أردوغان علنا ومشاريع الملالي سرا  
أدى فشل النظام القطري في الضغط إقليميا ودوليا لرفع العقوبات العربية عنه ، الى توسيع دائرة نشاطه في المراهنة على قوى الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي ودعم الجماعات الإرهابية والميلشيات الخارجة عن القانون وفي تشكيل بنية تكفيرية على صعيد واسع ، وصلت الى دول غربية كالولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا ، من خلال تجنيد الجاليات المسلمة واللعب على حبال الأقليات ، وذلك ضمن مشروع إنغماسي داخل المجتمعات الأخرى ، بحثا عن دور يتجاوز حجمه الجغرافي والسياسي والحضاري ،
في داخل قطر ، أصبح القرار الأمني بيد الأتراك في ظل عدم ثقة الأمير بالأسرة الحاكمة ، والقرار السياسي بيد المستشارين الأجانب وأغلبهم من ذوي الأجندات المتطرفة ، وتم تهميش الشعب القطري بشكل غير مسبوق ، والاكتفاء بالاعتماد على الأصدقاء الشخصيين للأمير وجناحه داخل الأسرة ، وتعرضت الأفواه للتكميم والحقائق للتعتيم واستشرى الفساد في ظل الإستقواء بالأجنبي على حساب ابناء البلد ، وتم تقسيم أراضي الشعب القطري على ضيق مساحتها لتتحول الى مقسمات لإحتضان القواعد الأجنبية الجديدة أو توسيع السابق منها ، وأصبح النظام القائم مجرد خرينة للمال الذي يصرف على البعيد قبل القريب ، وعلى الإرهاب والميلشيات المسلحة في المنطقة والعالم ، وعلى شراء شهادات الشكر والثناء ، واستدرار التعاطف الدولي ، لضمان اكتساب شرعية وهمية في مواجهة محاولات الانقلاب على الأمير الحالي ، وهي محاولات تثبت خروجه عن دائرة الوفاق الأسري والولاء الشعبي وتحوله الى سبب مباشر في كل المشاكل التي تواجه بلاده داخليا وخارجيا ،
تحولت قطر الى دولة تواجه صعوبات مالية واقتصادية بسبب المقاطعة والعزلة ، وأزمة القطاع السياحي وشح الإستثمارات وإنهيار منظومة الخدمات ومنها الطيران  ، وارتفاع تكاليف المواد المستوردة من الدول البعيدة بعد أن كانت تصله من الدول الجارة ، ونتيجة الابتزاز التركي المفضوح ، وصرف موازنات ضخمة على شراء الولاءات أو على توفير الحماية للنظام وعقد الصفقات غير المبررة وخاصة في مجال التسليح لنيل رضى الدول الكبرى ، وهو ما أثر على الوضع الداخلي الذي يمكن الاكتفاء لتفسيره بوضع العمال الأجانب وخاصة في مشاريع بنية كأس العام 2022 من تمر الأشهر الطويلة دون حصولهم على رواتبهم ، وعندما فاجأ فيروس كورونا المستجد قطر ، أثبتت عجز السلطات عن مواجهته ، فتم تسجيل نسب من الإصابات تعتبر من الأعلى عالميا مقارنة بعدد السكان وإمكانيات الدولة
بنظرة خاطفة ، يمكن التأكيد على أن قطر اليوم لم تعد هي ذاتها قطر ما قبل 5 يونيو 2017 ، فكل شيء يتراجع الى الوراء بما يعلن نهاية قصة النهضة والإزدهار والرفاه ، كما أن التحولات العالمية الكبرى في مجالات  إنتاج وتصدير الغاز باتت تهدد الطفرة المالية ، والإحتقان الشعبي في أوجه ، والعلاقات الدولية تمر بفترة ركود ، لا يغطيها إلا الإندفاع الى أحضان أردوغان وتمويل وتبني مشاريعه التخريبية في المنطقة ، أو الإلتحاف بعباءات الملالي في طهران بحثا عن وساطات ميؤوس منها مع الغرب للظهور في صورة النظام القادر إقليميا على حل الأزمات