يشكل الاستقرار السياسي والبنية التحتية المتقدمة بالمغرب إلى جانب التسهيلات والتحفيزات اللازمة التي تقدمها الحكومة لفائدة رجال الأعمال الراغبين في إطلاق استثماراتهم، أهم العوامل التي تعتمد عليها المملكة لأجل استقطاب أكبر عدد من الاستثمارات الأجنبية.
وأفاد مكتب الصرف، مؤسسة حكومية مغربية تهتم بنشر إحصاءات عن الاقتصاد المغربي، بأن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب بلغ 2.16 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2015 في مقابل 1.85 مليار دولار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، أي بارتفاع بنسبة 16.4 بالمئة.
وفي إطار انفتاح المغرب على الاستثمارات الأجنبية صرّح وزير الخارجية صلاح الدين مزوار في لقاء له مع بماسامي إيجيما، الرئيس المدير العام للمجموعة الصناعية اليابانية “ميتسو”، بأن المغرب يولي أهمية كبيرة للاستثمارات اليابانية، لما توفره من مناصب شغل مهمة ونقل التكنولوجيا.
وأضاف مزوار، أن المغرب تمكن من الحفاظ على استقراره السياسي، وهو ما يميزه عن باقي دول المنطقة، موضحا أن المملكة تعمل حاليا على توسيع أنشطتها الاقتصادية في القارة الأفريقية، وفي مختلف المجالات الصناعية والمالية والتجارية.
من جهته عبر المدير العام لمجموعة ميتسو عن رضاه على مناخ الأعمال بالمغرب ورغبة مجموعته الاقتصادية في الاستثمار بالمغرب وعزمها تقوية حضورها فيه. وتعتبر ميتسو من أكبر الشركات اليابانية، إذ تتجاوز مداخيلها السنوية أكثر من 41 مليار أورو وتشتغل في العديد من الميادين من بينها النقل والبناء والإنترنت.
وأكد نور الدين العوفي، الخبير الاقتصادي المغربي في تصريح لصحيفة العرب أن الاستقرار السياسي والاجتماعي أمسى من العوامل المحددة ليس فقط لجذب الاستثمارات الأجنبية، بل لتمكين النشاط الاقتصادي من الاشتغال والانتعاش. وأشار الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن ما يحدث اليوم من فِتَن وتدْمير في منطقتنا العربية بالخصوص، يمنح المغرب امتيازا مقارنا لنأيه عن ساحات الاضطراب والاحتراب، ويجعل منه وجهة استثنائية وسوقا آمنا للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن الحركية المتنامية والمتسارعة التي تعرفها الرساميل استوجبت على الدولة المغربية توفير بيئة مؤسسية سليمة ومُحفِّزة للأموال والأعمال، لخلق حد أدنى من الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين من جهة وبين الإدارة والمؤسسات العمومية من جهة ثانية.
ورصد ملاحظون حدة التنافس بين البلدان الأفريقية لجذب استثمارات خارجية، ومنها جنوب أفريقيا التي تحظى بالأولوية لدى رجال الأعمال الأجانب. ويتوقع خبراء في الاقتصاد أن يكون المغرب منافسا قويا لهذا البلد الأفريقي في استقطاب كبرى الشركات العالمية.
يذكر أن الاستثمارات في الرأسمال بجنوب أفريقيا انخفضت بـ31 في المئة في سنة 2014، لتصل إلى 3.8 مليار دولار، مقابل تسجيل المغرب ارتفاعا مهما في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال نور الدين العوفي، الخبير الاقتصادي المغربي إن المغرب تمكن مؤخرا من تدشين إستراتيجية تجارية واستثمارية جديدة قوامها تنويع أسواقه وتوسيع جغرافية استثماراته.
وبالإضافة إلى تطوير علاقاته التجارية والمالية أُفقيا في اتجاه الدول الأفريقية، أكد الخبير الاقتصادي أن هذه الإستراتيجية لا تخلو من آثار إيجابية في المطلق وليست بحساب الفائدة النسبية الناجمة من التنافسية مع هذا البلد أو ذاك، حسب العوفي.
وذكر الأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط في هذا الإطار أن لدى المغرب في بعض الدول جنوب الصحراء موروث تاريخي ورأسمال غير مادي أو رمزي قديم، يسعى منذ مدة إلى إعادة إنتاجه وتدويره في إطار من الشراكة المتوازنة والمتكافئة. وتماشيا مع استقطاب المغرب للاستثمارات الأجنبية قال تقرير لوزارة المالية المغربية، إن استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي بالمغرب ارتفعت خلال عام 2014 بنحو 82 بالمئة، مقارنة بعام 2013.
وأكد تقرير الوزارة أن استثمارات هذه الدول المكونة من (الإمارات العربية والسعودية والبحرين وسلطنة عمان وقطر والكويت) بلغت نحو مليار دولار خلال العام 2014، وشكلت 28 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية بالبلاد.
وحسب مكتب الصرف المغربي، فقد تنامى حجم الاستثمارات الخليجية خاصة خلال العشرية الأخيرة، حيث بلغت سنويا ما بين 5 بالمئة و30 بالمئة من إجمالي التدفقات المالية الأجنبية وانتقلت من مليار دولار في العام 2004 إلى 5.4 مليار دولار في العام 2012 بمعدل 21 بالمئة في السنة.
وفي هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي المغربي، أن هذه الموارد الخليجية سوف تزداد تدفقا في سياق المشاريع الضخمة التي تهم قطاعات واعدة بالمملكة، خاصة في مجال ما يسمى “الاقتصاد الأخضر”، مثل الطاقات المتجددة والعمران البيئي.
واعتبر العوفي أنها مجالات تتميز فيها دول الخليج بالخبرة التقنية العالية، فضلا عما تمتلكه من أصول وأموال سيادية ليس من شك في أنها ستجد في المغرب الفرص الأمثل للاستثمار.