لطالما أثارت تصريحات الحبيب اللوز، القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية استهجانا واسع النطاق، باعتبارها لا تعبّر عن مطامح التونسيّين ولا عن مشاغلهم. والمعروف أن اللوز مقرّب من الجماعات السلفية المتشددة وكان من أول الداعين إلى وجوب تضمين الدستور التونسي فصلا يقرّ بضرورة تطبيق الشريعة، كما اعتبر في أحد تصريحاته الشهيرة ختان البنات عملية تجميل للمرأة، وها هو اليوم ينتقد بشدة قرار الحكومة غلق الجمعيات الراعية للإرهاب.

وتوجه الحبيب اللوز، القيادي البارز في حركة النهضة الإسلامية بشديد اللوم إلى خلية الأزمة في رئاسة الحكومة التونسية، واصفا قرارها بغلق عدد من الجمعيات بأنه غير قانوني. وأضاف اللوز خلال ندوة صحفية لمرصد الحقوق والحريات حول قرار غلق الجمعيات المشتبهة بتورطها في الإرهاب، أن قرار خلية الأزمة “غير قانوني وفيه مخالفة”.

كما قال الحبيب اللوز إن هذه القرارات من صلاحيات السلطة القضائية وليست من صلاحيات الحكومة، مبينا أن هذا السلوك “غير ديمقراطي” من طرف الحكومة.

يشار إلى أن الحكومة التونسية أصدرت قرارا يقضي بتجميد نشاط بعض الجمعيات المشبوهة والتي قد تكون مصدر تمويل العديد من العمليات الإرهابية، وهذه الجمعيات هي أساسا جمعيات دينية أو خيرية تمّ الترخيص لها بعد الثورة.

وأقدمت الحكومة على هذه الخطوة بعد تصاعد وتيرة الجريمة المنظمة والعنف الممنهج والموجّه ضدّ وحدات الجيش والشرطة، فقد قامت مجموعة من المتشددين في شهر رمضان المنقضي بقتل 15 جنديا بقذائف الآر بي جي في هجوم هو الأعنف في تاريخ المؤسسة العسكرية التونسية.

واستنكر مراقبون تصريحات القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز، واعتبروها دليلا واضحا على تعاطفه مع المتشددين واستهتارا بأرواح الأمنيّين والعسكريّين الذين راحوا ضحية للإرهاب.

والمعلوم أن الحبيب اللوز يعدّ من أكثر القياديين في حركة النهضة تشدّدا في مواقفه، فقد قام في جلسات التصويت على الدستور في البرلمان، باعتباره نائبا، بتكفير القيادي في الجبهة الشعبية منجي الرحوي علنا واتهمه بمعاداة الإسلام وقال له: “أنت تنتمي إلى التيار العلماني الذي يتوتر من كلمة الإسلام ولا تريد أن يتضمن الدستور أي كلمة تحيل على الإسلام”.

وجاء هذا الاتهام إثر اعتراض النائب منجي الرحوي على الفصل الأول من الدستور الذي يقرّ بأن الإسلام هو دين الدولة التونسية، حيث اعتبر أن الإسلام هو دين الشعب ولا يعود إلى الدولة في المطلق لأنها مجموعة من المؤسسات.

وإثر هذا الحادث تمّ تضمين الدستور فصلا يمنع التكفير ويدينه، ومن جانبها تبرأت حركة النهضة من تصريحات نائبها حيث أصدرت بيانا رسميا أقرّت فيه أن ما صدر عن اللوز لا يعبّر عن الموقف الرسمي للحركة.

وتراجع اللوز عن تصريحاته وقدم اعتذارا أمام أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أثناء الجلسة العامة لمناقشة الدستور قائلا “لقد أخطأت وأعتذر من الزميل النائب ومن جميع النواب”.

يذكر أن الحبيب اللوز كان من أوّل المنادين بضرورة تطبيق الشريعة واعتبراها مصدرا أساسيا ورئيسيا للتشريع في تونس، واستهجن عديدون موقفه واعتبروه إعلانا عن رغبته في قيام الدولة الإسلامية، وتصريحاته الشهيرة حول ما قاله في “ختان البنات” حيث اعتبره عملية تجميل للمرأة.

وبالعودة إلى تصريحاته بخصوص غلق الجمعيات الراعية للإرهاب شدد اللوز على أن هذا القرار “سيخلق أزمة في البلاد”، معربا في ذات الوقت عن ثقته التامة ببراءة هذه الجمعيات من كل التهم المنسوبة إليها.

وتوعدّ الحكومة بالتصعيد والقيام بمسيرات حاشدة وتحركات على نطاق واسع، قائلا: “بصفتي رئيس جمعية الدعوة والإصلاح فلن أصمت”.

الجدير بالذكر أن حركة النهضة قرّرت إبعاد الحبيب اللوز والصادق شورو من الترشح للانتخابات القادمة وذلك لكثرة مواقفهما المثيرة للجدل في الأعوام الأخيرة.

وترى عديد القيادات في النهضة أن اللوز وشورو المحسوبين على جناح الصقور في الحركة كان لهما عديد المواقف التي تظهر حركة النهضة وكأنها حزب ديني عقائدي متشدد، في حين أن الحركة تسعى إلى تسويق نفسها كحزب إسلامي معتدل.

وهذه أول مرة تقدم فيها النهضة على “إقصاء” قيادات لها ثقلها داخل مؤسسات الحركة نفسها، الأمر الذي رأى فيه السياسيون “مؤشرا على عمق الخلافات بين الأجنحة المتصارعة وهي تستعد لأصعب انتخابات تخوضها الحركة بحظوظ نجاح ضعيفة”.

غير أن السياسيين يقللون من أهمية هذا “الإقصاء” لأنه أولا يأتي لغايات انتخابية وليس لغايات مبدئية، وثانيا لأنه يعد مؤشرا على نفوذ الجناح الإخواني الذي يقوده داخل الحركة راشد الغنوشي نفسه.

 

*نقلا عن العرب اللندنية