ناصر شويخ قيادي في حركة نداء تونس وأبرز مرشحيها في الانتخابات التشريعية معروف باشتغاله لمدة طويلة في الحقل السياسي والعمل البلدي والمجال الرياضي وهو أيضا رجل أعمال ويدير إحدى المجموعات متعددة الجنسيات ، تحدث لبوابة افريقيا الإخبارية عن خفايا الخلافات في صلب نداء تونس ، وعن التهديدات الإرهابية التي أعلن عنها وزير الداخلية لطفي بن جدو وعن كيفية الخروج بالبلاد من الوضعية الصعبة ... وكان الحوار التالي :

  *عاشت حركة نداء تونس ما يشبه المد والجزر خلال الفترة الاخيرة ، حتى أن المتابعين للحركة اتهموا قيادييها بحب الزعامة فماهو رأيك ؟ وهل هناك أسباب أخرى؟

- أعتقد أن أي حزب يتطلع إلى بناء ديمقراطية حقيقية لن يكون جادا في هذا المسعى دون أن يمارس، الديمقراطية داخل أطره أولا . ومن هنا فمن الطبيعي أن تكون هناك خلافات في وجهات النظر والخيارات ، لكن الأهم من ذلك هو تقييم الحصيلة الإجمالية للحركة التي ورغم تأسيسها منذ أقل من عامين فقد نجحت في التموقع كأول حزب في البلاد أو في شق المعارضة على الأقل ، وبالتالي خلق التوازن في الساحة السياسية. وهذا يدل على أن تلك الخلافات كانت عنصر إثراء ودفع للحركة ليس العكس.

أما بخصوص الاختيارات المتعلقة بتمثيل الحركة في الانتخابات التشريعية فسأتحدث بكل صراحة لأقول أنها خلقت ردود فعل تراوحت بين الغضب والرفض والتلويح بالإنسحاب في بعض الحالات لكنها ردود فعل عادية تحصل في أي حزب وفي أي بلد في العالم بمناسبة المواعيد الانتخابية والمهم أن الجميع احتكم في آخر المطاف لهياكل الحركة.

*وزير الداخلية يحذر من عمليات ارهابية خلال الشهر الحالي فهل من مقاربة لطمأنة الناس وتجاوز الازمة التي تعيشها بلادنا؟

- الأكيد أن إعلان السيد وزير الداخلية عن هذه التهديدات بشكل مسبق كان بناءا على معطيات استخباراتية دقيقة لكني كنت أتمنى شخصيا لو تمت معالجة هذه المسألة داخل الأطر الأمنية وبعيدا عن الأضواء ، أي الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات السلبية لهذا الإعلان الذي من شأنه أن يزيد في تأزيم وضعية اقتصادية واجتماعية متأزمة أصلا عبر مزيد إرباك السياحة والاستثمار والاستهلاك الداخلي وبالتالي نسق النمو بشكل عام خصوصا وأن الإرهاب يتغذى أساسا من توسع رقعة الإحباط والفقر والبطالة. الإرهاب هو أشبه بفيروس القريب الذي تمثل الإصابة به مسألة عرضية عند أغلب الناس لكنه يمكن أن يفتك بذوي المناعة المنقوصة ونقص المناعة في هذه الحالة يعني ضعف الدولة وتدهور التوازنات الكبرى والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستفحال التهريب والتجارة الموازية ومظاهر الإفلات من العقاب وتفاقم الضغوطات المعيشية ، وهي تحديات حقيقية تواجهها تونس اليوم وهي من مخلفات فشل الترويكا في إدارة شؤون البلاد وبالتالي فإن البديل الأمثل لدرء مخاطر الإرهاب هو التوافق في خلق تعبئة شاملة لرفع التحديات المذكورة إلى جانب إبعاد المؤسستين الأمنية والعسكرية عن كل التجاذبات وبسط سلطة الدولة على بيوت الله.

*الاقتصاد التونسي عانى كثيرا بعد الثورة وسجل تراجعات في كل المجالات حتى أن المواطن أضحى الحمار القصير لتجاوز الدولة لضعف مواردها فأين يكمن أصل الداء ؟ وماهي الحلول المقترحة؟

- الحل يكمن أساسا في استحثاث نسق النمو وغلق نافورة التهريب والتجارة الموازية التي فضلا عن علاقتها بالإٍرهاب والمال السياسي الفاسد فإنها تنخر موازنات الدولة وتخنق القطاع المنظم وبالتالي جاذبية مناخ الأعمال، إذا تحققت هذه الشروط فإن الدولة ستجد الموارد الذاتية الضرورية للقيام بالتزاماتها وخاصة دفع التنمية في الجهات الداخلية، وستتمكن من التحكم في المديونية وعجز الميزانية. كما ستتوسع السوق أمام المؤسسات المنظمة وهو ما سيؤثر إيجابيا ليس فقط على نسق الاستثمار والتشغيل وإنما أيضا على القدرة الشرائية من خلال خلق البيئة الملائمة لتحسين مستوى الأسعار والجودة.

*هل انتم مع الاقتطاع من اجر الموظفين لمساعدة الدولة على تجاوز أزمتها ؟ وهل انتم مع الزيادة في الأجور أم ضدها ؟

- أعتقد أن الزيادة في الأجور هي مطلب شرعي للأجراء خاصة في ضوء تفاقم غلاء المعيشة لكن ينبغي أن يتم ذلك في إطار مفاوضات مسؤولة بين الأطراف الاجتماعيين تفضي إلى اتفاقات تحسن القدرة الشرائية للأجراء وتوقف المطالبة العشوائية بالزيادة في الأجور وما تفضي إليه في عديد الحالات من إضرابات يدفع فاتورتها المواطن في المقام الأول لكن ذلك ينبغي أن يتم بالتوازي مع إذكاء قيمة العمل واتخاذ الحكومة للتدابير الضرورية لإنعاش الوضع الاقتصادي وتحسين مناخ الأعمال عبر معالجة الظواهر السلبية التي ذكرتها منذ حين وهو تحد يفرض جملة من الشروط منها إعادة الاعتبار للكفاءات صلب الإدارة عبر رفع الحظر عن مئات الكفاءات الإدارية التي وضعتها الترويكا في الثلاجة.

أما بخصوص مسألة الاقتطاع من الرواتب فأعتقد أني تعرضت إلى الحلول التي من شأنها أن تطور موارد الدولة، مع اقتناعي بأن مساعدة الدولة في الظرف الحالي عبر تبرعات طوعية هو ركن من أركان المواطنة.

*نداء تونس هو مولود جديد من رحم الثورة فهل يعول في خوضه للانتخابات على خبرة قيادييه ومنخرطيه لسنوات طويلة في الشأن السياسي؟ 

- حركة نداء تونس تخوض المواعيد الانتخابية القادمة بحظوظ وافرة لكسب القسط الأكبر من الأصوات بفضل مجمل الورقات الرابحة التي تمتلكها ولا سيما انسجامها مع نمط عيش التونسيين وحضورها القوي على الميدان ونجاحها في استقطاب الكثير من الكفاءات المتشبعة بمفهوم الدولة وذات الخبرة الطويلة في عديد المجالات إلى جانب برنامجها الانتخابي الذي يقطع مع الشعبوية ويهدف إلى خلق نقلة نوعية في الأوضاع العامة خلال الخماسية القادمة.

* الشعب التونسي مل السياسة ومل ارتفاع الاسعار ومل الفوضى والارهاب ويريد تونس جديدة فهل انتم واعون كسياسيون بذلك ؟ وماهي برامج النداء بعد الانتخابات؟

- أعتقد أن بناء تونس جديدة هو هدف يتطلع إليه كل أبناء تونس الغيورين على وطنهم وهو يتطلب بالضرورة الابتعاد عن الحسابات الخاصة والتفاف كل القوى الوطنية المؤمنة بالدولة والحداثة والمتمسكة بالمكاسب الحضارية لبلادنا حول مشروع لفائدة الوطن يحقق تطلعات الشعب على درب مزيد التقدم والرفاه واللحاق بركب البلدان المتقدمة تتويجا لتضحيات أجيال متعاقبة من التونسيين منذ مرحلة الكفاح ضد الاستعمار. وهذه التطلعات نجد صداها في البرنامج الانتخابي للنداء الذي تضمن جملة من الأهداف التي تجمع بين الواقعية والطموح منها التوفق خلال الخماسية القادمة إلى مضاعفة نسبة نمو الناتج الداخلي من 4 % إلى 8 % والتقليص خلال نفس الفترة من نسبة البطالة بنحو 4 نقاط والتحكم في الموازنات الكبرى للبلاد وترميم هيبة الدولة وتدعيم الوحدة الوطنية.