رأى محرر الدفاع بالـتلغراف كون كوغلين أن أيا من تدابير نصْب السياجات أو نشْر الكلاب أو غيرها على الحدود الأوروبية الداخلية لن يبعد المهاجرين، وأن ثمة حاجة إلى إصلاح أحوال الدول الفاشلة التي خرجوا منها.

واستهل مقالا -نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني- باستبعاد نجاح أي من التدابير المتعددة التي تتخذها الحكومة البريطانية لنزع فتيل أزمة المهاجرين المعقدة في مدينة "كاليه" الفرنسية والحيلولة دون دخول هؤلاء بشكل غير شرعي إلى بريطانيا.

واستثنى كوغلين تدبيرا وحيدا وصفه بالفعال والذي يتناول المشكلة من جذورها؛ بالتعاطي مع الأوضاع في الدول الفاشلة التي خرج منها الآلاف المحاصِرون الآن للساحل الفرنسي.

وقال إنه ليس من قبيل المصادفة أن يُضرَب الحصار الأخير على ميناء نقل بريطاني حيوي في ذات الوقت الذي انزلقت فيه ليبيا صاحبة أطول سواحل على ضفاف المتوسطي إلى الفوضى.

على أن ليبيا ليست الطريق الوحيد الذي يسلكه النازحون من الدول الفاشلة أو التي في طريقها للفشل، قاصدين أوروبا بحثا عن أجواء أكثر أمانا؛ ثمة وجهات أخرى، منها سوريا التي باتت نقطة عبور "ترانزيت" يؤمها النازحون الهاربون من القمع والصراعات في الشرق الأوسط، لا سيما وأن نظام بشار الأسد لم يعد يسيطر على ما وراء المناطق العلوية.

وإلى جانب سوريا وليبيا، التفت كوغلين إلى مناطق الحدود النائية شرقي أوروبا ودول البلقان، والتي تمثل ممرا سهلا نسبيا إلى قلب القارة العجوز.

ولكن، يؤكد كوغلين، أن أغلبية المهاجرين إلى أوروبا يستعينون على دخولها بعصابات تهريب المهاجرين المتمركزة في ليبيا.
وعاد الكاتب إلى مدينة كاليه الفرنسية حيث أزمة المهاجرين الأخيرة مشتعلة، ولفت إلى اعتقاد المسؤولين في بريطانيا أن عددا كبيرا من هؤلاء المهاجرين مروا في طريقهم بمخيمات عبور في إيطاليا واليونان حتى وصلوا إلى كاليه، آملين أن ينتهي بهم المطاف في بريطانيا حيث الرخاء والرفاهية ومدينة الذهب المفقودة وحلم "إلدورادو" الذي يغري المغامرين بركوب المخاطر في سبيل الوصول إليه.

وعليه، رأى كوغلين أن هؤلاء المغامرين من المهاجرين لن تثنيهم عن أحلامهم تدابير واهية مثل ضرْب السياجات أو نشْر الكلاب أو غير ذلك.

كما استبعد الكاتب جدوى فكرة مصادرة مراكب المهربين قبالة الشواطئ الأوروبية، ذلك أن عصابات التهريب جيدة التنظيم والتمويل ومن اليسير إليها امتلاك مراكب جديدة واستئناف أنشطتها غير القانونية.

وقال كوغلين إن أوروبا إذا ما كانت جادة بالفعل في التعاطي مع المشكلة، وضمان ألا يظل "حصار كاليه" مضروبا طيلة الصيف، فإن عليها التصدي لشبكات تهريب المهاجرين في عقر دارها بـ ليبيا، ولكي يتحقق ذلك، فإن دولا مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا -التي ساعدت في خلق الفوضى بـ ليبيا عبر الإطاحة بنظام القذافي- تحتاج إلى صياغة سياسة عملية لإرساء نوع من الاستقرار السياسي في ليبيا، وغيرها من الدول الفاشلة في المتوسطي.

وأضاف الكاتب أنه إذا كان تحويل الفوضى في دولة مثل ليبيا إلى نظام، يمثل تحديا كبيرا لأوروبا، فإن تركها في حالتها الراهنة الملتهبة لا يمثل خيارا للقارة العجوز؛ ليس فقط لما سيتيحه ذلك من ملاذ آمن طوله ألف ميل هو ساحل ليبيا على المتوسط لعناصر إجرامية مثل عصابات تهريب المهاجرين، وإنما أيضا سيسمح أن تزدهر جماعات إرهابية من بينها تلك الخلية المسؤولة عن قتل 30 سائحا بريطانيا بـ تونس في يونيو الماضي.

واختتم كوغلين قائلا "إن الأخذ بيد ليبيا إلى الاستقرار والأمان هو بلا شك أفضل الطرق لإنهاء حالة الفوضى في مدينة كاليه الفرنسية".