من المتوقع أن يواجه رئيس الوزراء البريطاني موجة غضب لا متناهية بعد أكثر التسريبات إثارة بخصوص إدراج جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب البريطانية، إذ تشير المعطيات إلى أن هناك غموضا يكتنف مضمون التقرير الذي سيتم الإعلان عنه خلال الأيام القليلة القادمة.

كشفت وثيقة بريطانية مسربة عن أن حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، تتجه نحو عدم تصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا في بريطانيا. جاء ذلك بعد أن نشرت صحيفة “ذي فايننشال تايمز” البريطانية ذلك التسريب، فيما يعد صدمة للرأي العام وبعض دوائر صنع القرار في بريطانيا، من داخل مكتب رئيس الوزراء، وسط مؤشرات على تبرئته للجماعة مما يوصف بالإرهاب،.

وأشارت مصادر في الحكومة، رفضت الكشف عن هويتها، أمس الخميس، إلى أن الوثيقة المسربة ستكون الأخيرة قبيل صدور خلاصة التقرير الحكومي حول نشاط جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا.

ولم يعلق مكتب رئيس الوزراء على التسريب الحدث، لكن يعتقد أن خلية نحل بدأت تعمل داخل أروقة الحكومة لمحاولة لملمة ما تم الكشف عنه.

ويعكس التكتم الرسمي وعدم رغبة أي جهة حكومية في التعليق على هذا التسريب الجديد، وفق مراقبين، تفرّد مكتب كاميرون بالإمساك بكل خيوط ومجريات هذا التقرير الذي ينتظره عموم البريطانيين للحد من ظاهرة الإرهاب في المملكة بعد صعود نجم تنظيم الدولة الإسلامية بقوة قبل ستة أشهر.

وأكد مصدر رسمي من داخل مكتب رئيس الوزراء، أنه لن يتم نشر التقرير كاملا وستكتفي الحكومة بنشر ملخص عنه للرأي العام، لن يصنف على الأرجح جماعة الإخوان المسلمين على أنها تنظيم إرهابي.

محللون يعتقدون أنه لو تأكد صحة التسريب، فإن لندن ستواجه ضغطا شديدا من حلفائها لإعادة تقييم الجماعة

وحاول مصدر رسمي، لم يذكر اسمه، التأكيد على أن التقرير لم يتأخر، بل إن إعداده استغرق وقتا أطول، وهو ما يعني أنه تزامن مع الكشف عن سيطرة الإسلاميين على مدارس خاصة في البلاد فيما عرفت بقضية “حصان طروادة”.

وكانت مصادر مقربة من الحكومة قد تحدثت عن إصرار رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق، جون جنكيز، السفير البريطاني السابق في المملكة العربية السعودية على عدم إجراء أي تعديلات على تقريره رغم أن تكليفه وقتها أثار حفيظة الإخوان.

وتكشف الوثيقة التي لا يعرف تاريخ تسريبها بالضبط أنها لن تحتوي على توصيات وسياسة واضحة ضد جماعة الإخوان المسلمين، لكنه سيركز على شبكة متداخلة من المنظمات، بعضها اتهم بالتورط في أنشطة متطرفة، وبعدها سيقرر الوزراء ماذا سيفعلون مع كل جماعة وربما يتم تشديد الرقابة عليها.

وقال كاميرون في وقت سابق “من المهم حول جماعة الإخوان المسلمين هو أن نفهم ما هو هذا التنظيم وما هي علاقاته بالجماعات الأخرى وما هو وجودها هنا”.

ويعتقد مراقبون أنه لو تأكد صحة تلك التسريبات، فإن حكومة كاميرون ستوضع على المحك أمام المعارضة وعموم البريطانيين وبدرجات متفاوتة مع مصر والدول الخليجية التي رتّبت بيتها الداخلي للقضاء على الجماعة والتنظيمات الأصولية التي تعمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تحت إمرتها.

ويبدو أن كاميرون سيواجه عاصفة هوجاء في الأيام المقبلة بسبب ما تم تسريبه وخاصة من حلفائه الغربيين وفي منطقة الشرق الوسط، على الرغم من الإجراءات المشددة التي اتخذها خلال الأشهر القليلة الماضية، في حسر تحركات المتطرفين في البلاد خشية وقوع هجمات إرهابية محتملة ولاسيما تنظيم الدولة الإسلامية.

ووفق محللين، فإنه من المتوقع أن تطفوا على السطح ردود أفعال متباينة على ما تم تسريبه باعتبار أن ذلك يصب في خانة وضع الأمن القومي البريطاني في مأزق وكذلك في علاقاتها الاستراتيجية مع الفاعلين البارزين في هذا الملف.

وحسب قانون مكافحة الإرهاب البريطاني لعام 2000 والاتفاقات التي وقعت عليها القاهرة ولندن، فإنه يحق للحكومة المصرية أن تعرض على الحكومة البريطانية أي أدلة تثبت ضلوع الإخوان في الإرهاب وهو ما قد تم على الأرجح بين الطرفين.

-العرب