يقول كتاب جديد للرئيس السابق لمنظمة الشفافية الدولية إن الفساد في افريقيا لا يختلف عنه في أي مكان آخر على ظهر الأرض، وسيطرت صورة إفريقيا كقارة يرتع فيها الفساد على مخيلة الرأي العام لعقود وعزز ذلك الأداء الضعيف المستمر للقارة على مؤشرات مكافحة الفساد، ومن رشي اعتاد رجال الشرطة طلبها إلى نهب واسع النطاق لأموال الدول من جانب حكامها تحمل الفساد مسؤولية تعثر النمو في إفريقيا ومعاناة ملايين من الفقر وإرهاب المستثمرين، والآن ربما حان الوقت ليعيد المستثمرون الدوليون النظر في هذا الرأي. ويقول لوارنس كوكروفت في كتابه "الفساد العالمي: المال والسلطة والأخلاق في العالم الحديث" إن المحركين الرئيسيين للفساد - ويشمل الاقتصاد غير الرسمي والتمويل السياسي - هما دور الشركات متعددة الجنسيات والجريمة المنظمة وهما عاملان مشتركان بين العديد من الدول مما يعني أن الفساد ليس حكرا على افريقيا، وصرح كوكروفت "يتشابه نموذج الفساد في افريقيا معه في أي مكان آخر إلى حد كبير. إنها ظاهرة عالمية لا تنفرد بها افريقيا."
لكنه لا ينكر أن الفساد مشكلة ضخمة في افريقيا، ويقول إنه في حين ساهم نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة خمسة بالمئة في المتوسط على مدى العقد الماضي في ارتفاع مستوى المعيشة في المناطق الحضرية فإنه لم يطرأ تحسن يذكر على معيشة الفقراء وسكان الريف في معظم مناطق افريقيا جنوبي الصحراء لأن الحكومات لم توفر الخدمات الأساسية، ولا يفتقر الكتاب لأمثلة فساد الحكام من موبوتو سيسي سيكو في زائير التي أصبحت الآن جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى نيجيريا التي لم يستفد من ثروتها النفطية إلا القليل، ويجد كوكروفت أمثلة صارخة بنفس الدرجة في أنحاء أخرى من العالم ويقول إن ايا من فضائح الفساد الكبرى على مدار الاعوام الخمسة والعشرين الماضية لم تقع في افريقيا، ويذكر عل سبيل المثال رئيس إندونيسيا السابق سوهارتو الذي جمعت أسرته ثروة لا تقل عن 15 مليار دولار ورئاسة ألبرتو فوجيموري في بيرو في التسعينيات إذ يعتقد ان الفساد قلص الايرادات المستحقة للحكومة لنحو النصف والهند حيث كلفت فضيجة تراخيص اتصالات في 2008 الحكومة إيرادات مفقودة بنحو 30 مليار دولار، ومن الأمثلة الأحدث أشار لروسيا حيث ركزت الاحتجاجات ضد حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المستمر منذ 12 عاما والتي اندلعت في ديسمبر كانون الاول على الفساد وسقوط ساسة سابقين مثل بو شي لاي في الصين بعدما قتلت زوجته رجل أعمال بريطانيا، وقال كوكروفت "يمكننا عن حق القول بأن هذه الاحداث الدرامية المرتبطة بالفساد والتي تقع خارج افريقيا على نفس الدرجة أو في كثير من الحالات أضخم مما نراه يحدث في افريقيا ذاتها."
ويعتقد أن هناك تركيزا ظالما على افريقيا فيما يتعلق بالفساد وأن ذلك يرجع في جزء منه للنظرة التي خلفتها الحقبة الاستعمارية، وقال "كون الناس رأيا قاتما عما حدث في افريقيا منذ الاستقلال وهم محقين في أحيان وغير ذلك في أحيان أخرى. وجزء من ذلك مبني على افتراض انك حين تتكلم عن الفساد تتكلم عن افريقيا"، ورغم أن دولا افريقية كثيرة تحتل مراكز في النصف الأدني من معظم مؤشرات مكافحة الفساد فإن دولتين افريقيتين فقط ضمن الدول العشر الأكثر فسادا على أحدث مؤشر وهما الصومال والسودان، ويعطي المؤشر السنوي درجات من صفر للدول الأكثر فساد إلى عشرة وهي الدول الأقل فسادا ومعظم الدول الافريقية دون الأربع درجات، ويقول كوكروفت إن القضية الأكثر الحاحا هي تقليص الاقتصاد غير الرسمي الذي يقدر أن حجمه 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في تنزانيا على سبيل المثال ويصفه بأنه "مستودع هائل للرشى" والمدفوعات التي يستحيل تتبعها، ويقول "لا تهم طبيعة التشريع فمادام هناك قطاع غير رسمي يمكن أن يشتري الناس المسؤولين في أي مكان."
ويشير إلى أنه لا توجد قصص نجاح قاطع في مكافحة الفساد في افريقيا اذ أن زعماء المعارضة السابقين الذين جاءوا للسلطة من اجل مكافحة الفساد ينحرفون غالبا عن المسار نتيجة الرغبة في البقاء في السلطة، لكنه يضيف أن الزعيم الوحيد الذي قد يشذ عن هذا الاتجاه هو رئيس زامبيا مايكل ساتا الذي عدلت حكومته عن عدد من صفقات الخصخصة التي شرع فيها النظام السابق، وقال كوكروفت إنه يجدر مراقبة زامبيا وغانا اللتين تبداون جادتين في مكافحة الفساد.