للمرة السابعة يخفق مجلس النواب في اعتماد مشروع قانون الميزانية العامة للدولة الليبية للعام 2021 المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية والمقدرة بـ93.8 مليار دينار ليبي.

البرلمان الذي عقد عدة جلسات لمناقشة مشروع الميزانية رفض تمريرها باستثناء الباب الأول فقط "بند المرتبات" المقدرة بـ 34.6 مليار دينار، حيث رأى عدد من البرلمانيين أن الميزانية المقدمة هي الأضخم في تاريخ ليبيا رغم أن عمر الحكومة لن يتجاوز الـ6 أشهر كما أنهم يتحفظون على عدد من بنودها منها مثلا بند التنمية الذي خصص له 20 مليار دينار فيما لم تقدم الحكومة شرحا للمشاريع التنموية المقرر إنجازها أو البدء بها في هذه الفترة الانتقالية ناهيك عن مطالبة بعض النواب بحسم موضوع المناصب السيادية وتسمية وزير للدفاع قبل اعتماد الميزانية من مجلس النواب الذي يصعب عليه الاجتماع بنصاب كامل خاصة وأن  "الإعلان الدستوري والقانون رقم (04) لسنة 2014.م نص على ضرورة توفر نصاب 120 صوت موافق على مشروع قانون الميزانية" وهو أكبر من عدد النواب الذين يحضرون جلسات البرلمان عادة.

أربعة اتجاهات

وسلط عضو مجلس النواب الدكتور محمد العباني الضوء على وجود أربعة اتجاهات في مجلس النواب بشأن الميزانية أحدها يدعو لإصدار قانون الميزانية للحكومة التي حصلت على الثقة بأغلبية النواب فيما يرى فريق ثاني أنه يجب عدم إصدار قانون الميزانية قبل تعديله بينما ينادي صوت ثالث بأن تكون للقيادة العامة للقوات المسلحة مخصصات مالية مدرجة في الميزانية لصرف مرتباتها وتسيير أمورها بينما يرى الاتجاه الرابع أنه يجب الالتزام بالشروط القانونية لاعتماد الميزانية.

وبين العباني في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح حسم هذا الصرع عندما طلب من اللجنة الدستورية البت في مشروعية إصدار قرار وتحديد الأغلبية الموصوفة لذلك وقد قالت اللجنة التسييرية رأيها بأن قانون الميزانية يحتاج لـ120 صوتا لتداوله.

ولفت العباني إلى أن مجلس النواب لم يتمكن من اعتماد المقترح الذي تقدمت به اللجنة المالية أمس الاثنين والذي تم إعداده بموجب اقتراح رئيس المجلس لأن التصويت والاجتماع يتطلب الأغلبية الموصوفة التي حددتها اللجنة الدستورية والمقدرة بـ120 صوت لعقد الجلسة وإصدار القانون. 

وأكد العباني أن المجلس أخفق للمرة السابعة في إصدار قانون الميزانية مبينا أنه كان يتوجب على الحكومة الاستجابة لملاحظات المجلس التي قدمتها اللجنة المالية والبالغ عددها 111 ملاحظة ثم بعد ذلك قدم المجلس 38 ملاحظة ولم تستجب لها الحكومة.

ميزانية غير مقنعة

من جابه رأى المحلل الاقتصادي سعيد رشوان أن إعداد الميزانية كان خاطئ ومناقشتها أيضا اتسم بالخطأ لكنها في كل الأحوال ميزانية يجب أن تعبر عن مرحلة معينة ومحدودة ولا يجب أن تشمل التحرك في مجالات التنمية والاستثمار التنموي وإنما تركز على أهداف محددة وهي المرتبات ومصروفات القطاعات الصحية والتعليمية والإنفاق الخدمي مبينا في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية أنه حتى إذا لم يتم اعتماد قانون الميزانية فإن القانون المالي للدولة يعطي الحكومة أحقية صرف 1على 12 من الميزانية حتى يتم صرف الميزانية.

وشدد رشوان على أن قيمة الميزانية المقدمة من الحكومة غير مقنعة خاصة في الإنفاق التنموي خاصة وأن عمر الحكومة سينتهي يوم 24 ديسمبر من العام الجاري وأعرب عن اعتقاده أن الحكومة لها الحق في عمل برامج محدودة لتحسين شبكة الكهرباء أو تطلب قيمة مالية لوزارة الصحة لاستيراد أدوية وكذلك الدعم لتغطي فترة الخمس أشهر المتبقية من عمرها فقط كما يتوجب عليها توحيد المؤسسات المالية والعسكرية والأمنية وتحقيق المصالحة الوطنية أما باقي الأشياء وخاصة التنموية فستكون مسؤولية الحكومة القادمة المنتخبة.

المناصب السيادية

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي عبد الحكيم معتوق أن السبب في تأخير حسم مشروع الميزانية هو أن رئيس البرلمان وعدد من النواب قد اشترطوا منذ البداية بأن تقترن الميزانية بتغيير المناصب السيادية التي تندرج ضمن سياق مخرجات جنيف خاصة وأن هناك شخصيات عليها ملاحظات مثل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك والرقابة الإدارية لكن يبدو أن تيار الإسلام السياسي مصر على استكمال ما تبقى من شهور حتى يصار إلى انتخابات.

وأضاف معتوق في تصريح لبوابة إفريقيا الاخبارية أن تكتل الإسلام السياسي والحكومة والمليشيات ومجموعات أخرى أصحاب مصلحة في تسييل الميزانية وتساءل معتوق لماذا تم وضع ميزانية للتنمية فميزانيات التنمية تطرح لمراحل زمنية بعيدة تبلغ ثلاث سنوات أو خمسة سنوات حتى تتمكن الحكومة من إنجاز خطة تحول تتعلق بمشاريع تنموية أو بنية تحتية أو خدمية أو حتى تحسين الوضع المعيشي للمواطن وهذا لن يتأتى في وعاء زمني ضيق يقدر ببضع أشهر.

وأشار معتوق إلى أن آراء العديد من المتابعين والمراقبين تدعو لعدم اعتماد الميزانية باستثاء المرتبات ومخصصات المفوضية العليا للانتخابات لكن من غير المعقول إعطاء ميزانية تنمية لحكومة لم يبقى في عمرها إلا أقل من 150 يوما كما أنها خلال الـ100 يوم الماضية لم تنجز شئ وأنفقت بحسب تقرير لجنة المالية في البرلمان أكثر من 30 مليار دينار ولازال المواطنين يعانون من انهيار المنظومة الصحية وتردي الوضع المعيشي وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء.

وأعرب معتوق عن تمنياته وضع قاعدة دستورية للانتخابات في ليبيا والذهاب لانتخابات رئاسية وبرلمانية وعودة مؤسسات الدولة الحقيقية حتى يشعر المواطن بالاستقرار