تتصاعد التحركات في ليبيا كغيرها من دول العالم في محاولة للتوقي من فيروس كورونا الذي انتشر في العالم وبات يشكل تهديدا كبيرا.وبالرغم من من التطورات الايجابية والتي تترافق مع تطمينات ليبية بانخفاض مخاطر الفيروس في البلاد،فان تحذيرات خارجية تتصاعد من الخطر الذي يتهدد ليبيا خاصة في ظل تردي قطاع الصحة والأوضاع الأمنية الصعبة التي تعيشها البلاد.

الى ذلك،أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أن نتائج فحص 136 عينة أثبتت خلوهم من فيروس كورونا.وأوضح المركز أن المختبر المرجعي لصحة المجتمع بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض تسلم اليوم الاثنين، عدد 136 عينة للكشف عن فيروس كورونا المستجد وعقب الفحص المختبري تبين أن نتائج الفحص سالبة وخلوهم جميعا من فيروس كورونا المستجد.كما أوضح المركز الوطني لمكافحة الأمراض، أن من بين العينات السالبة، حالة تماثلت للشفاء، ليصبح العدد الكلي للمتعافين 23 حالة.

وتأتي هذه النتائج بالتزامن مع تطمينات ساقها مدير عام المركز الوطني لمكافحة المراض بدر الدين بشير النجار،الذي اشار إلى أن الوضع الوبائي الليبي مطمئن.وأضاف النجار في تصريح لمكتب الإعلام والتوثيق بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، أن المركز اتخذ كافة إجراءاته الفنية الصحية لعودة العالقين بالتشاور مع اللجنة العلمية الاستشارية واللجنة العليا لمجابهة فيروس كورونا.

وأشار إلى أن المركز الوطني قام بإعداد دليل إرشادي للأطقم الجوية بالتنسيق مع وزارة المواصلات لحماية الأطقم الجوية خلال رحلات العودة, وتوضيح لهم كيفية التعامل مع المواطنين، وكيفية التعامل مع الحقائب وعمليات تعقيم الطائرة.وأكد النجار أن من سيعود لليبيا هم من خضعوا للحجر الصحي وتحت رقابة مشددة من قِبل القنصليات والسفارات التابعة لوزراة الخارجية، وعقب التأكد من سلبية نتائج عينتين أخذت من كل مواطن، واحدة قبل الحجر والأخرى بعد الحجر الصحي.

هذا وعقدت اللجنة الرباعية المختصة بملف متابعة العالقين الليبيين بالخارج، مساء الاثنين، اجتماع بمقر ديوان وزارة الخارجية في العاصمة طرابلس.وترأس الاجتماع رئيس اللجنة وكيل وزارة الخارجية محمود التليسي، وبحضور وكيل وزارة المواصلات هشام بوشكيوات، ووكيل وزارة الداخلية عميد خالد مازن، ومدير عام المركز الوطني لمكافحة الأمراض أ.د بدر الدين بشير النجار..

وأفاد المكتب الإعلامي بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، بأن الاجتماع ناقش الخطوات النهائية قبل تسيير أولى رحلات إعادة المواطنين الليبيين العالقين بالخارج، من الناحية اللوجستية والفنية والصحية.وقال وكيل وزارة المواصلات التابعة لحكومة الوفاق هشام بوشكيوات، إن أولى رحلات عودة العالقين الليبيين بالخارج ستبدأ من صباح الثلاثاء عبر مطار مصراتة الدولي.

وقرر المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي تخفيف حظر التجوال من تام إلى جزئي،ونص القرار الذي نشر عبر الصفحة الرسمية لحكومة الوفاق عبر موقع فيسبوك، على "فرض حظر التجول اعتبارا من الثلاثاء 28 ابريل 2020، من الساعة السادسة صباحا وحتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، لمدة 10 أيام".

وكانت حكومة الوفاق قررت فرض "حظر تام" للتجول اعتبارا من 16 ابريل الجاري لمدة عشرة أيام، ضمن اجراءات لمكافحة انتشار مرض فيروس كورونا.ونص القرار على استمرار إقفال المحال التجارية الكبرى، واستمرار العمل الإداري في مؤسسات الدولة بنسبة (10%) من الموظفين، إلى جانب فتح المصارف مع وضع تدابير احترازية اللازمة لمنع التجمعات بكافة مظاهرها.كما يسمح التجول بالمركبات الآلية خلال فترة التجول المسموح بها طيلة أيام الحظر.

هذه التطمينات على الصعيد المحلي قوبلت بتحذيرات دولية من استمرار خطر كورونا على ليبيا،حيث أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في ليبيا إليزابيث هوف أن الوقت غير مناسب حتى الآن في ليبيا للتقليل من الإجراءات الاحترازية المتخذة في مواجهة فيروس كورونا المستجد.ونبهت هوف على موقع المنظمة على تويتر إلى أن الأرقام المنخفضة التي يجري الإبلاغ عنها يجب ألا تجرنا إلى شعور زائف بالأمان.

كما أكدت الممثلة بالمنظمة أن ليبيا لا تزال في المراحل الأولى من الوباء ولم تصل بعد إلى ذروة العدوى، و"إلى أن يصبح الاختبار أكثر انتشارا، سيكون من المستحيل التأكد من مدى انتشار المرض".وأوصت المنظمة بأنه على ليبيا أن تزيد من قدرات الاختبار من خلال إنشاء مختبر إضافي في الجنوب، كما أوصت بتوسيع نطاق الاختبارات لتشمل المرضى الذين يعانون من الأمراض الشبيهة بالإنفلونزا والالتهابات التنفسية الحادة.

من جانبه،حذر مسؤول ملف كورونا في مكتب ليبيا بمنظمة الصحة العالمية رمضان عصمان،الأحد من الشائعات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي مفادها خروج ليبيا من دائرة خطر فيروس كورونا.مضيفا أن هذه الصفحات تسعى لعرقلة التدابير الاحترازية التى وضعتها الجهات الطبية المختصة لمنع انتشار الفيروس، مؤكداً أن الجهة الوحيدة المخولة بالتصريح فيما يخص الفيروس هي المركز الوطني لمكافحة الأمراض.

ودعا مسؤول ملف كورونا في مكتب ليبيا بمنظمة الصحة العالمية،في تصريح  صحفي نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس"،المواطنين إلى عدم الالتفات لمثل هذه الأخبار والحرص على التقيد بالتدابير والإجراءات الاحترازية والالتزام بتطبيق قرار حظر التجول والابتعاد عن الأماكن المزدحمة.

ويخشى الليبيون من تزايد انتشار فيروس كورونا في البلاد وهو ما سيمثل خطرا كبيرا بسبب العراقيل الكبيرة التي تواجه سبل مجابهته وعلى رأسها واقع القطاع الصحي المتردي، حيث يشكل توفير الرعاية الصحية اللازمة للمواطنين أكبر التحديات التي تعترض المؤسسات الحكومية، وقد زادت الاضطرابات الأمنية التي تشهدها البلاد الوضع سوءا، بسبب الصراعات والانقسامات بين الفرقاء الليبيين من حدة الأزمة التي تنذر بكارثة إنسانية خطيرة في حالة تفشى الفيروس القاتل في البلاد.

وحذرت ستيفاني توركو ويليامز رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الأسبوع الماضي من أن القصف المكثف بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا قد يهدد النظام الصحي المتدهور بالفعل في البلاد.وأوضحت نحن في وضع الآن حيث يخضع السكان لحظر تجول لمدة 24 ساعة بسبب الجائحة. هناك عائلات نزحت من منازلها في جنوب طرابلس عدة مرات، تتحرك أكثر فأكثر نحو مناطق مكتظة بالسكان ... وتتأثر الآن بهذا القصف الرهيب والمكثف وظهور أسلحة جديدة في ساحة المعركة يتم جلبها من الخارج".

يواجه القطاع الصحي في ليبيا أزمات خانقة، جراء الحرب الأهلية، والانقسام السياسي المتواصل، في البلاد منذ سنوات، حيث تعاني المستشفيات الليبية، من نقص حاد في الأطقم الطبية، والأدوية، والمستلزمات التشغيلية الأساسية، إضافة إلى أن عددا كبيرا من المرافق الصحية أغلقت أبوابها بشكل كامل، بعد تعرضها للاستهداف، أو لكونها تقع في مناطق تشهد معارك مسلحة بين أطراف الصراع الليبي.

ووضع مؤشر الأمن الصحي العالمي في عام 2019 ليبيا في المرتبة 168 من بين 195 دولة في العالم، ذلك أن جاهزية البنية الصحية أضعف من أن تتعامل مع الأوبئة أو تحد من انتشارها، وهو أمر مماثل لدول الصراعات في الشرق الأوسط، كما حال العراق وسوريا واليمن، حيث نالت تلك البلدان مراتب متدنية هي الأخرى على التوالي في المؤشر (167، 188، 190)، ناهيك عن الفجوات الصحية بين مناطق ليبيا، نتاجًا لنمط التنمية المناطقية اللا متوازنة بعد عام 2011.

ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عدة إلى "هدنة انسانية" في ليبيا خلال رمضان، خاصة لمواجهة مخاطر فيروس كوفيد-19.ووجه الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا،دعوةً إلى جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا لـ"استلهام روح شهر رمضان الفضيل، والانخراط في استئناف المحادثات، من أجل وقف إطلاق النار بشكل حقيقي.

وعقب ذلك،أعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إيقاف جميع العمليات العسكرية من جانبها، استجابة لدعوات المجتمع الدولي والدول الشقيقة كهدنة إنسانية خلال شهر رمضان ولترك المجال لمجابهة فايروس كورونا.لكن حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج رفضت الهدنة، مؤكدة استمرارها في القتال بالتزامن مع تصاعد العدوان التركي الداعم للوفاق على الأراضي الليبية واستمرار تدفق شحنات السلاح والمرتزقة.