تسببت أزمة  كوفيد 19 في إلحاق أكبر ضرر على مر التاريخ في الاقتصاد الدولي ،خاصة بعد سياسات الإغلاق التي لم يجد العالم حلا غيرها لإيقاف جماح الإنتشار التاجي الذي تفشى  بسرعة متسببا في إغلاق و كساد في غضون ثلاثة أشهر فمنذ ظهوره في الصين أواخر ديسمبر و بداية جولته حول العالم مخلفا الإصابات و الوفيات، اندلعت موجة العزل و الإغلاق الداخلي و الخارجي في شهر مارس في كافة أصقاع العالمي ليصبح دويلات منقسمة تحاول كل منها على حدى احتواء الأزمة و تخفيف أضرارها. إغلاق لم يؤثر فقط على الاقتصاد العالمي و التبادلات الخارجية بل و أحدث شرخا عظيما بين الطبقات متسسبا في اندثار بعضها و ضمور بعضها الاخر.

 هذه الكارثة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع كبير في التفاوت في الدخل، وتعرض بذلك مكاسب التنمية للخطر، من التحصيل العلمي إلى الحد من الفقر. وتوقع البنك الدولي أن ينزلق ما بين 70 و100 مليون شخص إلى الفقر المدقع بسبب هذا الوباء العالمي ،مما يمحو جميع المكاسب التي تحققت في الحد من الفقر في السنوات الثلاث الماضية. لهذا السبب يجب على جميع الدول  بذل كل ما في وسعهم لتعزيز انتعاش أكثر شمولاً ، يستفيد منه جميع شرائح المجتمع.

حسب دراسة قام بها المنتدى العالمي للإقتصاد بالشراكة مع البنك الدولي ،كانت  التفاوتات صادمة ، ولكنها متوقعة. و يؤكد البنك الدولي أن الأوبئة الرئيسية غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم التفاوت في الدخل الموجود مسبقا.

كما يواجه العالم أعلى نسب بطالة في جميع الدول بداية من الولايات المتحدة التي بلغت فيها نسبة البطالة في ذروة الإغلال في شهر أبريل 14.7 % ، و بلغت في أوروبا 6.6 %  خلال نفس الفترة. و أعلنت جامعة الدول العربية عن عقد ندوة افتراضية لتدارس التداعيات الوخيمة لأزمة كورونا خاصة البطالة و الفقر في العالم العربي يوم 24 يونيو الجاري.

ويؤكد تقرير للمعهد العالمي لبحوث الاقتصاد الإنمائيإن التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد قد تدفع 395 مليون شخص إضافيين إلى الفقر المدقع وتزيد إجمالي من يعيشون على أقل من 1,9 دولار يوميا على مستوى العالم إلى أكثر من مليار شخص.

حيث قال آندي سومنر، أحد المشاركين في إعداد التقرير، إن "الآفاق بالنسبة للأشخاص الأشد فقراً في العالم تبدو قاتمة ما لم تبذل الحكومات المزيد من الجهود على نحو سريع وتعوض الخسارة اليومية للدخل التي يواجهها الفقراء".مضيفا أن "النتيجة هي أن التقدم في الحد من الفقر يمكن أن يرتد للوراء 20 إلى 30 عاماً ويجعل هدف الأمم المتحدة في إنهاء الفقر كأنه أضغاث أحلام".

رجح الباحثون أن يغير الفقر توزيعه الجغرافي، فالمنطقة التي يتوقع أن تشهد أكبر عدد من الأشخاص المعرضين لخطر الانزلاق إلى الفقر المدقع هي جنوب آسيا، تقودها إلى ذلك بالأساس الهند المكتظة بالسكان، وتليها منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.

توقع صندوق النقد الدولي في ذروة الإغلاق في شهر أبريل أن إغلاق الشركات وإجراءات العزل العام الرامية لإبطاء انتشار الفيروس سيدفعان العالم نحو أعمق ركود منذ الكساد الكبير كما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 في المئة خلال العام الحالي. وقالت المسؤولة بصندوق النقد الدولي، جيتا جوبيناث، في تصريح إعلامي نهاية الأسبوع الماضي ،"يبدو أن التوقعات ستزداد سوءاً"، وأضافت، "لا دولة بمنأى، والأرقام التي تصلنا منخفضة على نحو غير مسبوق" مبينة أن المخاطر تهدد الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة بشكل أكبر