يواجه العالم معركة ضد عدو مجهول وغير مرئي، هذا العدو لا يحترم أي حدود أو تسلسل هرمي وقد كشف للأسف نقاط الضعف في الأنظمة العالمية و عرَى الفجوة الكبيرة الموجودة بن قارات العالم مما يستدعي ميثاق عالمي لتقاسم المسؤوليات عالميا.
يعالج العالم مثل هذا السيناريو المعقد بالعزل و التباعد الإجتماعي و غلق الحدود حتى بات العالم دويلات دويلات، سيحتاج العالم إلى نوع جديد من الإستراتجيات لمحاربة تفشي الفيروس التاجي بتعزيز التعاون وليس العزلة بين الجميع.
سيزداد الفقر وعدم المساواة داخل المجتمعات وفيما بينها بسرعة، في العقد الماضي ، انتُشل نصف الفقراء من قعر الفقر، لكن العديد منهم سوف ينزلق إلى الوراء الآن. يخاطر الناس بالوقوع في شراك الديون حيث 85٪ من العاملين في معظم الدول يعملون في القطاع غير الرسمي الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت بشدة. الوضع لا يختلف في أجزاء أخرى من جنوب آسيا أو حتى أفريقيا لذا ، سيحتاج العالم إلى تفكير جديد بشأن رفاهية الإنسان ، وكيفية معالجة عدم المساواة ، ودعم الفقراء ، وإعادة اقتصاداتنا إلى مستويات ما قبل كوفيد 19.
كما يعتبر العمال المهاجرون في الخطوط الأمامية للمجتمعات والاقتصادات في البلدان الأكثر ثراءً، ومع ذلك ، فإنهم يجدون أنفسهم فجأة في مواقف صعبة للغاية ، بما في ذلك البطالة لذا نحتاج إلى ميثاق عالمي هادف لتقاسم الأعباء والمسؤوليات.
تحدث نعوم تشومسكي المفكر وعالم الألسنية عما ينتظر البشرية أثناء وما بعد "الكورونا" في برنامج تلفزي، وحذر من السباق إلى حافة الكارثة المرعبة التي يجري إليها العالم، والمضاعفات الاقتصادية والاجتماعية التي يتسبب بها الوباء على مستوى البشرية بأكملها. وما يتهدد البشر من خطرين وجوديين وشيكين، أولهما تزايد تهديدات الحرب النووية، وثانيها تزايد مخاطر الاحتباس الحراري الذي سيتسبب بكوارث بيئية على مستوى الكوكب.
يقول نعوم تشومسكي، "اليوم نحتاج إلى أقل من ذلك للتعامل مع الوباء، نحتاج إلى عقلية الحركة الاجتماعية من أجل التغلب، وعلى المدى القصير، على أزمة شديدة تعّبر عن فشل ذريع للنيوليبرالية، واقتصاد السوق لا يكف عن التزايد، ويمكن هنا أن نتذكر كيف تم التعامل مع إنفلونزا الخنازير عام 2009، وتعافى مئات الآلاف من الناس من الأسوأ، وتم إيجاد لقاح للقضاء على الوباء حين تحركنا بسرعة".
باعتقاد تشومسكي، "الأزمة الوبائية تعتبر مجرد جزء صغير من كابوس رهيب مقبل، وإن لم يشرع الناس على الفور في تنظيم أنفسهم ويتضامنوا في ما بينهم لتحقيق عالم أفضل بكثير من العالم الذي يعيشون فيه، فهم سيواجهون مصاعب هائلة لطالما أعاقت طريق الحق والعدالة، كما الاستعداد للتعامل مع الخطرين الوجوديين للحرب النووية والتغيرات المناخية والكوارث التي سيتسبب بها الاحتباس الحراري، والتي لن نتعافى منها ما لم نكن حازمين في مواجهتها حين نصل إلى تلك المرحلة، وهي باتت وشيكة الحدوث".
يكافح العالم لمجابهة تحديات كثيرة على غرار تغير المناخ و انتشار الفقر، و الجوع...لكن الآن ، العدو مشترك وهو الفيروس تاجي الذي بات يتحدى الوجود البشري و يحصد الضحايا والوفيات عالميا. كوفيد 19 هو تحدَ عالمي يتطلب التعاون أكثر مما يطلب العزلة وهو ما يوجب على الأنظمة العالمية وضع استراتجية مشتركة لمحاربة الوباء والتصدي لانتشاره لأن الأزمة أثبتت أن المصالح العالمية مرتبطة ارتباطا وثيقا.