في 27 فبراير/شباط 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة عقدها في مقر الأمم المتحدة بنيويورك قرارا بفرض عقوبات على نظام العقيد معمر القذافي منها منعه من السفر هو وأسرته وعشرة من أقرب مساعديه، وتجميد أرصدته مع خمسة من أفراد عائلته في قرارات أشبه بالكوميديا الحزينة.
كما وافق المجلس، في قرار حصل على موافقة اجماعية من الدول الاعضاء بالمجلس، وعددها 15 منها الدول دائمة العضوية، احالة ليبيا الى محكمة العدل الدولية للتحقيق فيما قيل عن وقوع جرائم ضد الإنسانية، إضافة الى حظر استيراد السلاح. وجاء القرار الدولي عقب دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما القذافي الى التنحي فورا، "بعد ان فقد شرعيته"، حسب قوله، وأيضا بعد إعلان وزير العدل الليبي السابق مصطفى محمد عبد الجليل ان المعارضة قررت تشكيل حكومة مؤقتة في شرقي ليبيا، وانها تعتبر معمر القذافي مسؤولا عن القمع الذي يتعرض له معارضو نظام حكمه.
وأضاف عبد الجليل أن الحكومة المؤقتة لا تعتبر قبيلة القذافي، قبيلة القذاذفة، مسؤولة عن الخسارات البشرية التي وقعت في ليبيا، والتي يقدرها بعض الدبلوماسيين بنحو ألفي قتيل. وقد أعلن السفير الليبي لدى الولايات المتحدة علي العجيلي أنه يدعم الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الجليل، الذي أكد بدوره على أن "وحدة التراب الليبي"، وعلى أن عاصمة "ليبيا الحرة هي طرابلس".
واشنطن تقر عقوبات من جانب واحد على نظام القذافي
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الحكومة الليبية، قائلة ان شرعية الزعيم الليبي معمر القذافي "وصلت الى الصفر"، و وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مرسوماً تنفيذياً يقضي بفرض عقوبات من جانب واحد على الزعيم الليبي معمر القذافي وأقربائه.
وأفاد بيان صادر عن البيت الأبيض أن الرئيس الامريكي فرض عقوبات على الزعيم الليبي معمر القذافي وأقربائه وأعوانه، وأشار البيان الى ان اوباما وقع مرسوما رئاسيا ينص على تجميد الاصول والممتلكات العائدة للعقيد القذافي و4 من أبنائه (سيف الاسلام وهنيبال ومعتصم وخميس)في الولايات المتحدة والتي تتخطى بحسب معلومات موقع "ويكيليكس" 32 مليار دولار.
ونقل البيان عن اوباما قوله ان "نظام معمر القذافي انتهك المعايير الدولية وابسط القواعد الاخلاقية ويجب محاسبته". وتابع البيان قائلا ان "هذه العقوبات تستهدف بالتالي نظام القذافي الا انها تحمي الأصول العائدة للشعب الليبي".
وأكد مسؤول أمريكي طلب عدم كشف اسمه ان هذه العقوبات ترمي الى تشجيع اعضاء الحكومة الليبية على اعلان انشقاقهم عن القذافي.
وفي 10 فبراير 2018، طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في رسالة موجهة للكونجرس الأمريكي، تمديد العقوبات الأمريكية المفروضة على أفراد من عائلة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي ومسؤولين في ليبيا من العام 2011. ويأتي طلب "ترامب"، قبيل أيام من رفع تلك العقوبات في 25 فبراير، وسبب "ترامب" طلبه بأن الوضع في ليبيا مازال يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي الأمريكي، مشيرًا إلى أن هناك حاجة ماسة لمنع تحويل الأصول أو غيرها إلى أفراد عائلة القذافي وشركائهم ممن يعوقون المصالحة الوطنية في ليبيا.
قرارات مجلس الأمن 1970 و1973
اعتمد مجلس الأمن القرار 1970 في عام 2011 (الذي تمركز حول فرض الجزاءات على أعضاء في نظام معمر القذافي)، ثم اعتمد القرار 1973 الذي نظّم التدخل العسكري الدولي في ليبيا. وتم تخفيف الحظر المفروض على الأسلحة قليلا إذ لم يعد يستهدف غير المعدات العسكرية الفتاكة.
وتجري المحكمة الجنائية الدولية، وفقا للقرار 1970، تحقيقا في لائحتي الاتهام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية الموجهتين لسيف الإسلام القذافي (أغلقت القضية ضد معمر القذافي في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 بسبب وفاته؛ وأُسقِطت الدعوى القضائية ضد عبد الله السنوسي في 24 تموز/يوليو 2014 بسبب عدم مقبوليتها لدى المحكمة الجنائية الدولية).
وفي 17 مارس 2011، أصدرت الأمم المتحدة قرار رقم 1973، كجزء من رد الفعل الدولي على اندلاع الحرب في 17 فبراير، يَقتضي فرض عدة عقوبات على حكومة القذافي الليبية أهمُّها فرض حظر جوي فوق ليبيا وتنظيم هجمات مُسلحة ضد قوات القذافي الجوية لإعاقة حركتها ومنعها من التحليق في الأجواء الليبية.
شاركت عدة دول غربية بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي من أبرزها فرنسا و بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، لكن من جهة أخرى فقد أبدت بعض الدول الأخرى تحفظ عليه، من أهمّها روسيا التي اعترض رئيس وزرائها فلاديمير بوتين بحدة شديدة على القرار،و ألمانيا التي أبدى وزير خارجيتها قلقًا إزاءه هو الآخر.
وُوجِه قرار مجلس الأمن رقم 1973 ببعض الشكوك والمَخاوف الأخرى من أطراف مختلفة بشأن الأهداف الخفية من ورائه، ولذا فقد تكررت تصريحات البيت الأبيض ووزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ عدة مرات بأن الهجمات التي يُنظمها القرار لن تهدف إلى احتلال ليبيا أو استعمارها، وإنما ستكتفي بحماية المدنيين وصد قوات القذافي، بينما لن يَتدخل المجتمع الدولي في قضية تغيير النظم الحاكم أو خلع معمر القذافي من الحُكم.
أحلاف عسكرية نفذت القرار الأممي:
بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1973 القاضي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين، تداعت دول غربية وعربية وأحلاف عسكرية لتنفيذ القرار ألأممي. وأطلقت الدول المشاركة في تنفيذ القرار اسم فجر أوديسا على العمليات التي بدأت بتاريخ 19 مارس 2011. وفيما يلي سرد للدول المشاركة والدول التي عرضت المشاركة وعتادها والعمليات التي نفذت.
دول نفذت عمليات في ليبيا في 2011 :
الولايات المتحدة: تمتلك طائرات من طراز "أف 15" و"أف 16" في قاعدة "سيغونيلا" بجزيرة صقلية، وحاملة المروحيات "باتان" وسفينتي، فضلاً عن امتلاكها مدمرتين في شرق المتوسط، هما "باري" و"ستاوت"، وكلتاهما مجهزة بصواريخ "توماهوك".
فرنسا: تملك مائة طائرة مطاردة، من طراز "رافال" و"ميراج" 2000، وطائرات "رادار أواكس"، وتوجد حاملة مروحيات من طراز "ميسترال" في المنطقة، ووضعت القواعد الجوية في كورسيكا وتشاد في حالة استنفار، وربما استخدمتها كنقطتي تموين، كما أرسلت حاملة الطائرات "شارل ديغول" نحو السواحل الليبية.
بريطانيا: نشرت طائرات قتال من طراز "تورنيدو" و"يوروفايتر"، المعروفة باسم "تايفون" في القواعد القريبة من ليبيا، وتوجد في قبرص ثلاث طائرات "رادار أواكس"، ولها قاعدة عسكرية في مالطا، لكنها رفضت استخدامها في العمليات، وتجوب حاليا فرقاطتان المتوسط، هما "ستمينستر" و"كمبرلاند".
دول عرضت المساهمة :
إيطاليا: عرضت استخدام سبع قواعد جوية، أهمها في صقلية.
إسبانيا: وعدت بتقديم "موارد بحرية وجوية"، واستخدام قاعدة "روتا" البحرية الجوية، التي تقدم دعما للقوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، وتقع قرب مضيق جبل طارق وقاعدة "مورون" جنوب أشبيلية التي تستخدمها قوات الجو الإسبانية والأمريكية.
بلجيكا: أعربت عن استعدادها للمشاركة، متحدثة عن احتمال نشر 4 ـ 6 طائرات "أف 16"، ناشطة حاليا في إطار "الناتو"، وسفينة لتفكيك الألغام.
الدانمرك: اقترحت المساهمة بست طائرات مطاردة "أف 16"، وطائرة نقل.
النرويج: وعدت بمساهمة دون تحديد طبيعتها، وعلى الأرجح قدمت طائرات نقل من طراز "هركيوليس"، وأخرى مقاتلة من طراز "أف ـ 16".
اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ليبيا
أنشأ مجلس حقوق الإنسان, في جلسة طارئة في 25 فبراير 2011, اللجنة الدولية لتقصي الحقائق حول ليبيا وفوّضها أن "تتقصّى حقيقة جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المزعومة في ليبيا, وأن تتثبت من وقائع وظروف هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة, وتحدّد المسؤولين عنها, إذا ما أمكنها ذلك, وتقدّم توصيات, خاصةً حول إجراءات المحاسبة, كلّ ذلك بغية ضمان أن يخضع الأفراد المسؤولون للمحاسبة ".
طبقت اللجنة في تحرياتها الأنظمة القانونية الدولية بحسب ما أملاه الوضع. وخلصت إلى أنَّ قوات القذافي في ليبيا قد ارتكبت جرائم دولية، وبخاصة جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. كما اقتُرِفَت أعمال قتل واختفاء قسري وتعذيب في سياق هجوم واسع أو منهجي على السكان المدنيين. ووجدت اللجنة انتهاكات إضافية من بينها القتل غير المشروع، وتصرفات فردية بالتعذيب وسوء المعاملة، وهجمات على المدنيين واغتصاب.
واستنتجت اللجنة علاوةً على ذلك أنَّ الثوار (أو القوات المناهضة للقذافي) قد ارتكبوا انتهاكات خطيرة، من بينها جرائم حرب وخروقات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الأمر الذي يتواصل حتى وقت كتابة هذا التقرير. وجدت اللجنة أنَّ هذه الانتهاكات تشتمل على القتل غير المشروع، والاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري والهجمات العشوائية، والنهب. ووجدت على نحوٍ خاص أنَّ الثوار يستهدفون تاورغاء وغيرهم من المجتمعات.
كما توصّلت اللجنة إلى أنَّ الناتو قد خاض حملة بالغة الدقّة بعزم واضح على تجنّب إصابة المدنيين. لكن اللجنة أثبتت، في حالات محدودة، وجود إصابات بين المدنيين وأهداف لا دليل على استخدامها عسكرياً. ولم تتمكن اللجنة من التوصّل إلى استنتاجات في مثل هذه الحالات على أساس المعلومات التي قدّمها لها الناتو وتوصي بمزيد من التحقيق في هذا الأمر.
تواجه الحكومة الانتقالية تحديات كثيرة في التغلّب على إرث يزيد على أربعين عاماً من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وتدهور الإطار التشريعي، والمؤسسات القضائية والوطنية. مع ذلك عبرت عن التزامها بحقوق الإنسان وقامت بخطوات إيجابية لوضع آليات للمحاسبة. وهذه الحكومة تعيد تفعيل القضاء بصورة تدريجية بإعادة فتح المحاكم واستدعاء القضاة، و قد حققت بعض التقدم فيوضع معتقلين تحت سيطرة الحكومة المركزية.
ومع ذلك, فإنَّ اللجنة عبرت عن قلقها من الفشل في محاسبة الثوّار الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة. فالسلطات الليبية يمكن أن تقاطع إرث القذافي بفرض القانون على الجميع، والتحقيق في كلّ التجاوزات -بصرف النظر عن مرتكبها- وضمان أن تتلاءم عمليات العفو مع التزامات ليبيا في ظلّ القانون الدولي. ولكي تنفّذ الحكومة الانتقالية التزامها بتحسين وضع حقوق الإنسان في ليبيا، فإنها تحتاج دعماً مقدراَ من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
اتهامات للبعثة الأممية:
يعتبر أستاذ القانون الدولي " د. محمد الزبيدي " في تصريح خاص لبوابة أفريقيا الإخبارية، إلي ان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعد بعثة سياسية خاصة متكاملة تم إنشاؤها في 16 /سبتمبر 2011 بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2009 (2011) بناء على طلب من رئيس وزراء حكومة المجلس الانتقالي المؤرخ في 14سبتمبر 2011 لدعم السلطات الجديدة في البلاد .
وأضاف الزبيدي أنه وبناءً علي ما تقدم، قام مجلس الأمن بتعديل ولاية البعثة وتمديدها من خلال قرارات 2022 (2011)، و2040 (2012)، و2095 (2013)، و2144 (2014)، و2238 (2015)، و2323 (2016)، فيما وولايتها الحالية ستكون سارية لغاية 15 سبتمبر 2017. - مع مضي الوقت تحول دور البعثة من جهة داعمة ذات صفة استشارية إلى سلطة فعلية بيدها مفاتيح الحل والعقد فبعد صدور قرار مجلس الأمن (2174) حدثت تغيرات جوهرية في دور الأمم المتحدة في ليبيا، ويتمثل ذلك في تعديل اختصاصات بعثة الدعم وتوسيع نطاق الرقابة الدولية على الكيانات والأفراد الليبيين، وهو ما صار يعطي إطاراً واسعاً للتدخل في الشؤون الداخلية، بصلاحيات تنفيذية واسعة في تقرير المسؤولية عن الانتهاكات وإعداد قوائم المتهمين، وهي مسؤولية خطيرة في ظل عدم وضوح متطلبات التحقيق في الجرائم ووجود نزاع على السلطة واتساع نطاق العنف، وقد تضمن القرار (2174/ 4) إدراج الأفراد والكيانات التي تخترق القانون الدولي الإنساني وتهدد السلم والاستقرار أو تقويض التحول السياسي أو تقديم دعم لها، ووضع أربعة مستويات للاتهام بارتكاب انتهاكات، وهي: التخطيط أو شن هجمات ضد مرافق الدولة، أو تقديم الدعم للجماعات المسلحة والشبكات الإجرامية، أو العمل لصالح المدرجين في القائمة الجنائية الدولية وبهذا اصبح من حق البعثة اعداد القوائم الجنائية أو في تقييم انتهاكات القرار الدولي، وبذلك اصبحت جهة قضائية ورقابية ناهيك عن الدور السياسي والدستوري والتشريعي علي حد قوله.
وأشار أستاذ القانون الدولي الي أن السبب يعود في تغول البعثة لضعف الحكومات الليبية على مختلف تنوعاتها وتوجهاتها فضلا عن خوف قادة المليشيات من ادراجهم ضمن قوائم المطلوبين الأمر الذي هيأ السبيل للبعثة الأممية بأن تكون القوة الوحيدة التي تصنع القرار وليس رئيس البعثة سواء كان مارتن كوبلر الذي تولى منصبه في اكتوبر 2015 خلفا للاسباني برناردينو ليون الذي عمل منذ تسلم مهامه في اغسطس 2014.
وأوضح محمد الزبيدي استاذ القانون الدولي بليبيا ان بعثة الأمم المتحدة هي بعثة سياسية أسوة بأي بعثة يمكن للدولة المضيفة عدم الموافقة على وجودها أو رفض رئيسها طبقا لمعاهدة فيينا للتمثيل الدبلوماسي والقنصلي زيادة على أن وجود بعثة الدعم قد جاء استجابة لطلب حكومة المجلس الانتقالي وبالتالي يمكن للسلطات الليبية الغاء او تجميد هذا الطلب.