أعرب الكاتب الصحفي محمد بعيو، عن سعادته باستلام الصحفي عبدالرزاق الداهش، اليوم الثلاثاء، لمهام إدارة هيئة دعم وتشجيع الصحافة.

وقال بعيو، في ورقة بعنوان (فـي بـالـيـرمـو تـفـرقـوا..فـي هـيـئـة الـصـحـافـة تـلاقـيـنـا) نشرها عبرحسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "بالنسبة لي وربما للجماعة الصحفية الوطنية، كان اليوم استثنائياً بكل المقاييس مهنياً ووطنياً وإنسانياً، يومٌ اجتمع فيه طيف الصحفيين، بتعدد ألوانه، وتنوع خطوطه، وغنى أصوله وفروعه على قوس قزح الوطن الممتد عبر سماء القارة الليبية بما يحويه من جمالٍ مكتمل وما يحتويه من كمالٍ جميل، وتناغمت فيه أوتار المحبة في معزوفةٍ للود ليس فيها خروجٌ ولا نشاز، فكان الصحفيون في سيمفونية التداني والتلاقي هم المؤلفون والعازفون والسامعون في هيام جميل، لأعذب كلمات المحبة والوفاء قالها في بعضهم، وقالها في أنا كبار قيمةٍ ومقام يكبرون بالحقيقة، ولا يستكبرون عن الحق، ويحرسون الحاء والقاف من تسلل دال الحقد وداء البغض ووبال التشرذم، ليبدو المشهد في أسمى تجلياته القدسية كأبدع ما يكون تحرسه ملائك التصافي من أبالسة التجافي. في الشكل كان الحدث مراسم التسليم والاستلام، بين رئيس الهيئة العامة لدعم وتشجيع الصحافة السابق المهندس والصحفي الأستاذ محمود بو شيمة، واللاحق الكاتب الصحفي الأستاذ عبدالرزاق الداهش، وهي مراسم تأخرت نحو شهر ونصف لأسباب لا حاجة لتبيانها وقد صارت وراءنا، لكنها جاءت في وقتها بعد اكتمال الصورة، ووضوح الرؤية، واتضاح المسار، والمسيرة المهنية الصحفية في مقبل الأيام، ونضوج مشروع التحول الكبير في الصحافة الليبية ملكيةً وإدارة وحريةً وأداء، والذي صاغه تحت إشراف الأستاذ محمود بوشيمة ثلةٌ من كبار صحافتنا وخبرائها ومخضرميها ومتألقيها، وسيكون تنفيذه بإشراف الأستاذ عبدالرزاق الداهش، الذي سبق وأن تولى رئاسة هيئة الصحافة مرتين، التزاماً لا تراجع عنه، فمن العيب أن لا تكون في لـــيـبـيـــا، التي صدرت فيها أول صحيفة في بلاد العرب وأفريقيا وفي معظم العالم يوم ذاك قبل نحو قرنين، وقبل الأهرام المصرية بنحو نصف قرن، صحافةٌ يومية قوية ورقية وإلكترونية، تمثل السلطة الرابعة لا التابعة، ومن العار أن تتوقف المطابع في بلاد تكاد تطبع النقود الريعية بلا مجهود، وتحول ثلاثة أرباع مداخيلها إلى الخارج لاستيراد سلع ربعها على الأقل بعائد بلا عوائد، ليس بينها الورق والأحبار والكتب والصحف، فكأنها تشتري الجهل بالمال وتعامل المعرفة بالإهمال".

وتابع بعيو، "أما في المضمون فقد كان اللقاء اليوم بالنسبة لي شجناً إنسانياً تجاوز حدود الوصف، فهو أول تواصل مباشر بعدد كبير من الصحفيين، وفي مقر هيئة الصحافة، وهو مقر مستأجر بشارع الجمهورية لا يناسب إطلاقاً متطلبات الصحافة، وليس ذلك المقر الأصلي الجميل الكبير الذي تشرفت حين رأست هيئة الصحافة عام 2009 بتطويره وتجهيزه إدارياً وفنياً ليصبح مفخرةً ليس فقط لصحافتنا بل لكل إدارتنا آنذاك، وغادرته اضطراراً لا اختياراً في مايو 2010، حتى تم إحراق أدواره العليا في أواخر أغسطس 2011 ضمن تداعيات الحرب الأهلية التي تداعت إليها الأحلاف وأسلمتنا فريسةً للأجلاف، وكان يمكن صيانته والعودة إليه لولا أن تولى إدارة شئوننا الجاهلون والحاقدون والناقمون. رأيت في العيون وسمعت من الأفواه مِن آيات الوفاء وتعابير الشوق والمحبة، ما فاق احتمالي، فتداعت الدموع إلى مآقيَّ لكنني قمعتها دون حق، فأنا مهما كنت لن أكون سوى نتاجٍ طبيعي لتربية قاسية، ترى في الدموع ضعفاً لا يليق بالرجال، رغم أن أقوى ما في بني البشر رجالاً ونساء دموعهم الصادقة تنطق بضعفهم الإنساني أمام المحبة الصادقة، وتضعضع إرادتهم أمام دواهم الشجن وعواصف الحنين، فكأن اليوم هو التالي لأمس، وكأنما لم يمر على خروجي ستةٌ وستون شهراً بالتمام والكمال، فما يزال رفاق الأمس وحتى من تلى وسمع ولم يرافق، يذكر تلك الأيام الجميلة التي قطعاً لن تعود، لكن ما هو أجمل منها يمكن أن يكون، فمن قال أن الكوالح لا تلد الموالح، وهل يقنط من رحمة الله إلا الجاهلون. في رحاب باليرمو عاصمة صقلية الإيطالية التقى فرقاء ليبيون عادوا منها ربما أكثر افتراقاً، وفي رحاب طرابلس الأُم التقى صحفيون ليبيون فبقوا فيها أكثر تلاحما وأشد وفاقاً وأقوى وِثاقا، وقريباً سيتوحد كل صحفيي لـــيـبـيـــا وإعلامييها ليصبحوا بحق السلطة الرابعة التي تتمول من الشعب لا من الحكومات، وتخدم الشعب المرجعية وصاحب الشرعية لا المرجعيات المزعومة والشرعيات الموهومة، وتكون مهنة المصاعب والمتاعب أول غيث التصالح والسلام ليعبر الوطن درب المتاعب وزمن المصاعب ويتحد ويستقر ويتقدم، وما ذلك على الله عز وجل بعزيز، ولا هو على إرادة الليبيين الأقحاح الإصحاح بمستحيل. ولــتــبــق لــــيــبــيــــا حــتــى زوال الــــزمـــن".