يأتي إعلان برلين كمنافس للدعوة الروسية للأطراف الليبية بـ موسكو والتي لم تشهد الكثير من الزخم أو الحضور الدولي والعربي المتوازن، وقد يكون ايضا إستكمالاً واستمالة للأطراف الليبية والدولية للتعريف بالأهمية والحرص علي عدم ترك الملف بعيداً عن أوروبا، أو في ظل التوافقات مع المؤتمرين الفرنسيين  بقيادة "ماكرون" خلال عامي 2017 و 2018.

يجب أن لا نغفل الجانب الإيجابي لكل أنماط المبادرات الدولية والإقليمية  وغيرها، وبالأخص عندما تتعذر المعالجات الوطنية، فهي تمثل مرتكزات ومن أهمها اولاً: تحريك المياه الراكدة، ثانياً: تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ثالثاً: استمالة الحلول والتوصل لتوافقات وطنية واقليمية ودولية، رابعاُ: تقصي الحلول العسكرية والنزاعات المحلية. 

وبالرغم من المواد الطويلة لمخرجات برلين (المعلنة) والبالغ عددها (55) بنداً، تبدأ بسبع مواد تمهيدية وديباجية وأهمها السيادة الليبية والوحدة الوطنية كمبدء اساس للإتفاق، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الليبية ودعم المساعي الحميدة والتوفيقية توافقاً مع مواثيق منظمة الأمم المتحدة، وتضم الإتحاد الإفريقي لعمليات المصالحة كطرف ومراقب قادم اقليمي استكمالا لجهود جامعة الدول العربية.

سلال برلين:

السلة الأولي:-

العسكرية والأمنية

لقد غطت المواد (8ّّ – 24) و (35 – 36) الجزء الأكبر والأهم للمخرجات، الا وهو الشأن العسكري والأمني وذلك  للتمهيد والتأسيس واعادة بناء الثقة، وأهم ما جاء بنصوصه عملية وقف إطلاق النار (8 - 18)، وما جاء بالمادة (9) بشأن "تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات"، والمادة (14) لمكافحة الإرهاب، والمادة (21) بمنع دعم الأفراد والجماعات المصنفة ارهابية وضرورة المحاسبة،  لنأتي لحقيقة أخري بالمادة (22) حيث تشهد بحدود قدرات المجتمع الدولي للإلتزام بالمراقبة البحرية والبرية والجوية. 

السلة الثانية:-

العملية السياسية 

تمثل المواد (25 – 34) الجانب الموازي للسلة الأولي، وتظلل مواده الإتفاق السياسي للصخيرات  كإطار عام ،و تنص المادة (25) إنشاء أو ترميم  المجلس الرئاسي وتفعيل حكومة شاملة،  تأكيداً للقناعة الدولية بأن حكومة الوفاق (برغم شرعنتها دولياً) الا أنها لا تمثل الواقع الليبي وتفتقد "للقاعدة والقوة ". 

السلة الثالثة

العمليات الإقتصادية والمالية

تذهب الإصلاحات وفق نصوص مواد برلين (37 – 43) لإستعادة مكانة الدولة اقتصاديا وماليا وتفعيل الحوكمة، والتركيز علي الشريان الحيوي وهو النفط والإستثمار، التقاء  بقواعد المراقبة  والتدقيق المالي.  تؤسس المادة (40) الدعوة لإنشاء صندوق التنمية (الإصلاح الإقتصادي والمالي) ، أي ستصبح كافة الموارد والإيرادات السيادية خاضعة بشكل او اخر لاليات مختلفة، ومنها الدخل السيادي الرئيس للنفط ومصرف ليبيا المركزي.  كما يضيف الإتفاق ضمنياً إعادة النظر في تجميد الأصول الليبية وفق ما نصت به المادة (43).

وبجانب السلال الثلاث، وتحديدا (44 – 55) تتجه المخرجات الي الملفات  الحقوقية والمتابعة، وتدفع الي إحترام المعايير الإنسانية ودعم المؤسسات القضائية وتفعيلها، وتجريم كل حالات الإحتجاز القسري والتعسفي، وتحث ايضا مندوبي الطرفين لإستكمال حوار بناء عسكري - أمني لمخرجات القاهرة "5+5، وتأسيس لجان متابعة وفرق تقنية".

التفاؤل الحذر للإعلان (برلين)

بالرغم من عدم ضمان تحقق الكثير من النتائج والمخرجات ، الا أن هناك نقاطاً تدعو الي تفاؤل  (في حالة اجتماع الإرادة وتوافقها دولياً ومحلياً )ولو بشكل جزئي، ومنها:-

-        إرساء قواعد العودة للمسار السياسي .

-        تحريك المياه الراكدة للتقدم في مسير الإنتقال والتحول.

-        الرعاية الأممية توافقاً بين الأطراف الكبري، فهناك لجان تم تشكيلها للمتابعة الدولية لتنفيذ بعض الإصلاحات علي الصعيد الإقتصادي والمالي، والإستمرار في لقاءات عسكرية لمراقبة الهدنة وفق ممثلين ليبيين من الطرفين.  

-        الحضور والقبول الدولي والإقليمي، ومشاركة الإتحاد الأفريقي، خطوة للتحول لمناهج أكثر دقة ومعرفة وموائمة.  

-        تغليب الحل السياسي ليكون بديلاً عن حلول عسكرية مما يجنب البلاد ويلات الحروب، ويمنع التدخلات الهدامة بكل أشكالها. 

-        الدعوة لتشكيل حكومة شاملة، وإعادة القرار الصائب وفق هيكلية جديدة للمجلس الرئاسي ما قد يدفع لتوحيد المؤسسات بكل أنماطها، محافظة علي الدخل القومي وتوزيع الثروة بشكل منصف وعادل وتصحيح للقاعدة التشريعية.

-        الدعوة الي المراقبة الدولية لمنع كافة انواع الخروقات وتدفقات السلاح والمرتزقة.       


الثوابت الوطنية في مواجهة برلين 


السيادة الوطنية ، الوحدة الوطنية

 البند (1) نؤكد من جديد التزامنا القوي بسيادة ليبيا وإستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية. 



جيش ليبي، وقف إطلاق النار، حظر الأسلحة وتفكيك المليشيات

البند (9-24)... وندعوا الي إتخاذ خطوات موثوقة وقابلة للتحقيق ومتسلسلة نحو تفكيك المليشيات والجماعات المسلحة والمليشيات.



إعادة المسار التشريعي والتنفيذي

البند (25) ...كما ندعوا الي إنشاء مجلس رئاسي فعال وتشكيل حكومة واحدة موحدة وشاملة وفعالة يصادق عليها مجلس النواب.



عدالة التوزيع للثروة

البند (40) ندعم الحوار الإقتصادي مع ممثلي المؤسسات المالية والإقتصادية الليبية، ونشجع علي تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية الهيكلية.



التنمية و الإعمار

البند (42) نشجع علي الية لإعادة الإعمار في ليبيا تدعم التنمية وإعادة الإعمار في جميع المناطق. 



المواطنة وحقوق الإنسان


البند (50) نشجع السلطات الليبية علي المضي قدما في تعزيز عمل مؤسسات العدالة الإنقالية، بما في ذلك مبادرات المقاضاة والتعويضات..الخ