فاجأ عبدالعزيز بلخادم المستشار السابق للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي تمت إقالته من منصبه بعد توسّع دائرة التجاذبات على السلطة، الرأي العام الجزائري بالحضور في اجتماع مغلق عقده الرئيس الجزائري للنظر في أسباب الأزمة المندلعة على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وقد تقرر في هذا الاجتماع استنادا إلى مصادر مطلعة تشكيل حكومة أزمة لاحتواء الاحتجاجات في مناطق الجنوب بسبب الغاز الصخري.

وأكدت مصادر مطلعة أن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، عقد اجتماعا وصفته بـ”الهام والحساس”، على مستوى رئاسة الجمهورية.

وحضر الاجتماع مجموعة من الشخصيات السياسية، على غرار، الوزير الأول عبدالمالك سلال، ومدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي، إلى جانب قيادات أمنية وعسكرية، كمدير الأمن، اللواء عبدالغني هامل، وقائد هيئة أركان الجيش، الفريق قايد صالح، ومدير جهاز الاستخبارات، الفريق توفيق الذي حاول بوتفليقة تجميد نشاطه دون جدوى، حسب "العرب".

وأضافت المصادر أن اللافت في هذا اللقاء، حضور وزير الدولة والأمين العام الأسبق للحزب الحاكم، عبدالعزيز بلخادم، الذي تمت تنحيته في الأشهر الماضية، من منصبه في الحكومة وفي الحزب، كرد من الرئاسة على ما أسمته بعض الأوساط بـ”خطايا” بلخادم السياسية وطموحه لخلافة بوتفليقة.

وتابعت المصادر، أن اللقاء الهام غاب عنه الرجل القوي في السلطة الجزائرية الشقيق والمستشار سعيد بوتفليقة، تفاديا لأي التباس أو جدل، مما قد يتأكد للرأي العام، وللمعارضة السياسية، حول الدور الخفي للرجل في إدارة شؤون البلاد، ووقوفه وراء العديد من القرارات الحاسمة، مثل التغييرات التي طالت المؤسسة العسكرية، وجهاز الاستخبارات.

وقالت إن الاجتماع الذي دام خمس ساعات في قصر المرادية، تناول العديد من الملفات الحساسة والثقيلة، خاصة تلك المتعلقة بالوضع الأمني على الحدود، نتيجة تنامي نشاط التنظيمات الجهادية في المنطقة، المستفيدة من تلاشي سلطة الدولة في مالي وليبيا، وما للمسألة من تأثير استراتيجي في الجزائر، وانعكاسات على ضبط السلامة والوحدة الترابية للبلاد.

وبالإضافة إلى ذلك تم تناول الوضع الداخلي، بكل تفصيلاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في ظل أزمة أسعار النفط، والانسداد السياسي الداخلي الناجم عن عدم انخراط قطاع عريض من المعارضة في التمهيد للاستحقاقات المستقبلية، وعلى رأسها تعديل الدستور.

وأمام العودة القوية والمفاجئة لبلخادم للسلطة، كواحد من الأركان الذي قدم وجهة نظره في مختلف الملفات المفتوحة، فإن المصادر أكدت أن الرجل أوكلت له مهمة احتواء الموقف المشتعل في جنوب البلاد، وتوظيف علاقاته وثقله لدى أعيان المنطقة، لتلطيف الأجواء، وإقناع الشباب والنشطاء بفتح جولة جادة من الحوار مع السلطة، بشأن الاستكشافات التي باشرتها شركة سوناطراك النفطية على الغاز الصخـري فـي عين صالـح وتمنراسـت وأدرار.

وتستمر المظاهرات والاحتجاجات اليومية في مختلف مدن الجنوب للأسبوع الثاني على التوالي، مدعومة بمساندة شعبية وسياسية في مختلف ربوع البلاد، ولم تفلح محاولات الحكومة في إقناع هؤلاء بالعدول عن رفضهم المطلق لعمليات الاستكشاف، الأمر الذي بات يؤرق السلطة المركزية المتوجسة خيفة من إمكانيات ما تسميه بـ “الاختراق الخارجي الذي يستهدف استقرار الجزائر”، أو التوظيف السياسي من طرف المعارضة.

كما لم تستبعد مصادرنا أن يكون ملف الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) من ضمن القضايا المثارة في اللقاء، بسبب حالة التجاذب القوي التي تهيمن عليه منذ سنوات، وعدم توفيق الأمين العام الحالي، عمار سعداني، في إضفاء الانسجام والتوافق الداخلي على الحزب الذي يعتبر الواجهة السياسية للسلطة، ولذلك فإن تأجيل توقيت المؤتمر العاشر من مارس القادم، إلى أجل غير مسمى، يعد مقدمة للاستغناء عن سعداني، وعودة بلخادم أو أحد رجالاته لترأس الحزب.

وعلى صعيد آخر يستعد الرئيس بوتفليقة، بين الفينة والأخرى، للكشف عن حكومته الجديدة، التي أكدت بشأنها مصادرنا بأنها ستكون حكومة “أزمة”، لمواجهة تداعيات الأزمة النفطية، ومبادرة من السلطة لمباشرة سياسة التقشف.

وهو ما تأكد من التسريبات حول إبعاد بعض الوجوه الفاشلة في تسيير قطاعاتها، كعمار غول، ونورية بن غبريت، وهما على التوالي وزيرا النقل والتربية في الحكومة الحالية، ودمج عدد من الحقائب في حقيبة واحدة، كما هو الأمر بالنسبة للصناعة والمالية، والتربية والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، والسكن والبيئة وتهيئة الإقليم.

وإذ شكلت عودة بلخادم العنوان الأكبر للقاء أركان السلطة، فإن مراقبين يرون أن السلطة في الجزائر، تريد الاستعانة بكل كوادرها، وطي صفحة التجاذبات من أجل مواجهة أخطار خارجية وداخلية قادمة.