تباينت رؤى المتابعين للأوضاع في السودان بشأن اللقاءات المكثفة التي بدأها رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى للسلام بالسودان ثابو مبيكي بشأن دفع الحوار الوطني بالبلاد الذي دعا له الرئيس عمر البشير.

فبينما تكهن بعض المراقبين بفشل المهمة التي اعتبروها "تحصيل حاصل" في ظل مواقف ما تزال متباعدة بين مكونات السودان السياسية المختلفة، لم يستبعد آخرون أن تحقق الزيارة نتائج إيجابية "لكونها مدعومة دوليا".

لكن تفاؤلا أبداه من التقاهم المسؤول الأفريقي يشي بوجود أفكار إيجابية يحملها في جعبته قد تقود إلى نتائج مرضية، وتحول حقيقي نحو الأفضل وفق قولهم.

فقد أكد عضو لجنة الحوار الوطني عن حزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر أنهم أطلعوا مبيكي على الإجازة الأولية لخارطة الطريق الخاصة بالحوار التي أقرتها القوى المشاركة بالحوار.

وأكد عمر للصحفيين أن أعضاء اللجنة شرحوا لمبيكي كل الإجراءات التي اتخذت "باعتباره واقعا يعبر عن إرادة سودانية تشكلت ملامحها في هذه الخارطة" مشيرا إلى أن الآلية "أوضحت للوسيط الدور المطلوب من الاتحاد الأفريقي في المرحلة المقبلة".

وقال أيضا إن للجنة رغبة في أن يعمل الاتحاد الأفريقي باتجاه إنفاذ المهام التي تساهم في معالجة الأزمة السودانية بمجملها، مشيرا إلى أهمية دور الاتحاد الأفريقي بالمسألة السودانية.

وأبلغ عمر الصحفيين طلب اللجنة من الاتحاد الأفريقي لعب دور في المساعدة بإقناع الحركات المسلحة والقوى السياسية الأخرى الرافضة للحوار مع الحكومة، مضيفا "أوضحنا له أن مسيرة الحوار ستنطلق في المرحلة المقبلة في وجود تأمين من كل المجموعة المشاركة في خارطة الطريق".

ومن جهته، أكد عضو اللجنة عن حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أحمد سعد عمر وجود تفهم أفريقي كبير لخارطة الطريق التي تم التوافق عليها مع الحكومة، متوقعا نهاية سعيدة للحوار الذي يجد اهتماما دوليا وإقليميا كبيرا.

كما أبدى -في تعليقه للصحفيين- تفاؤله بنجاح الاتحاد الأفريقي في إقناع الحركات المسلحة بالجنوح للحوار لتحقيق السلام.

غير أن المحلل السياسي محمد علي سعيد استبعد أي نجاح لمبيكي في تلبية طلب لجنة الحوار (7+7) بالمساعدة في إقناع الأحزاب السياسية المعارضة غير المشاركة بالحوار والحركات المسلحة بالانضمام للحوار الوطني الذي لم ينعقد حتى الآن بعد إطلاقه من قبل البشير في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأشار سعيد للجزيرة نت إلى عدم الاستجابة لمطالب المعارضة "خاصة في ظل اعتقال قوات الأمن لعدد من النشطاء السياسيين مثل رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض إبراهيم الشيخ، ومريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي".

ورأي أن بعضا من الأطراف داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم غير مستعدة لتوفير الحريات وتهيئة الأجواء التي تساعد على الجلوس للحوار والتفاوض، مشيرا إلى أن ما ورد بخارطة الطريق للحوار الوطني "مجرد تعبيرات جوفاء تفتقد المصداقية".

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين، فيرى أن زيارة مبيكي "امتداد لاتفاق باريس بين تحالف الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي في الثامن من الشهر الجاري" مشيرا إلى أنها ربما تكون الفرصة الأخيرة التي يحملها مبيكي للحكومة السودانية قبل التدخل الدولي.

وعلى الرغم من تفاؤله بإمكان تحقيق الزيارة لأغراضها، فإنه يرى أن محاولات الفرصة الأخيرة "ربما تأتي بنتائج عكسية غير متوقعة" معتبرا اتفاق باريس فكرة دولية "ينظر إلى تنفيذها بأياد أفريقية سودانية".

ويقول للجزيرة نت إن مبيكي "ما هو إلا مقدمة لتلك الأفكار التي تقود للبناء على ما أسسه المهدي من لقاء مع الجبهة الثورية وكافة حملة السلاح بالسودان".