" لقد أصاب الوباء عالماً غير مستقر أصلاً، عالم تجري فيه تحولات عميقة في السلطة وتتسبب في غرائز تنافسية تتخطى العقليات التعاونية." هكذا علق بورغي بريندي، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي على الوضع العالمي "الغير مستقر" و الذي يزداد توتره و تذبذبه يوما بعد يوما خصوصا مع اندلاع الجائحة الوبائية التي مازالت تحصد الضحايا و الأرواح و تعمق الركود العالمي العام.

بلغ إجمالي الإصابات العالمية بالفيروس التاجي 15,433,760 إصابة مؤكدة حسب اخر إحصائيات الصحة العالمية و تبقى الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر تضررا من حيث عدد الإصابات و الوفيات و لم يؤثر الفيروس التاجي سلبا على الأشخاص فقط بل طال أقوى الإقتصادات العالمية و أطاع بأعرق العروش النفطية.

و قد كشف الخبراء أن فيروس كورونا قد أظهر جليا نقص التعاون العالمي حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في أواخر شهر يونيو الفارط، في إشارة إلى الاستجابة المتصدعة لأزمة كوفيد19، من أن "هناك نقصاً تاماً في التنسيق بين البلدان". وقد كشف الفيروس التاجي "شدة الإفتقار" إلى التعاون العالمي، بل وفتح خط أمام منافسات جديدة. ولكن، ومن جهة أخرى، يمكن للفيروس التاجي أن يعمل أيضاً على إعادة ضبط هذه الغرائز من خلال تذكير الجهات الفاعلة العالمية بأن التنسيق هو المفتاح لتعزيز ليس فقط الأولويات المشتركة، ولكن أيضاً المصالح الذاتية.

و يتسبب فيروس كورونا في أشد أزمة تجويع و تفقير شهدها العالم فبين عامي 1990 و 2015، انخفض الفقر المدقع من ما يقرب من 40٪ من سكان العالم إلى 10٪. وقد كانت هذه النتيجة ممكنة إلى حد كبير بفضل اقتصاد عالمي أكثر تكاملاً وسلاسل قيمة عالمية أكثر اتصالا. و لكن نسبة الفقر اليوم تقارب 23.5في إنزلاق حاد قضى على التطور الحاصل خلال الخمس سنوات الماضية. لقد كان الدرس الرئيسي المستفاد من الأزمة المالية في عام 2008 هو ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف، لأن من مصلحة كل طرف أن يعمل مع الطرف الآخر. فالاقتصاد العالمي مترابط إلى حد أن الأزمة المالية في بلد ما تؤثر على الأسواق في جميع أنحاء العالم.

اليوم تمتد آثار الفيروس التاجي الى كل القطاعات و المجالات و الدول متجاوزا كل الحدود بحيث لا يحترم أي خط على الخريطة العالمية.فلا يمكن للعالم أن يخرج من الركود الأعمق المتوقع في عام 2020، إلا من خلال العمل المنسق و التعاون الدولي وفقاً لمشروع صندوق النقد الدولي، خاصة مع انخفاض الناتج العالمي بنسبة 4.9 %، ما يجعل التهديدات عالمية فرغم اختلاف نسب التضرر بالفيروس إلا أن التضرر بأثاره موحد و حاد على الجميع.