في الساعة من ظهر 19 مايو 2012 لفظ عبد الباسط المقرحي، المدان الوحيد في قضية لوكربي ، أنفاسه الأخيرة بعد مرض عضال ألم به في السجن السكوتلندي ، وكانت من آخر كلماته : «أنا بريء ،،، والله قادر على إظهار الحقيقة».
واليوم تعود القضية من جديد ، من خلال معطيات تؤكد أن المقرحي بريء ، وأن ليبيا لم تكن مسؤولة عن حادثة إسقاط طائرة البانام الأمريكية ، فوق قرية لوكربي في أسكتلندا ، يوم 21 ديسمبر 1988، والتي أدت الى مقتل 270 شخصا، وأن المسؤول الحقيقي عن تلك الجريمة هو نظام الملالي في ايران.
فقد نشرت صحيفة «ديلي الميل» البريطانية مقتطفات من كتاب جديد للمؤلف الأميركي دوغلاس بويد بعنوان « لوكربي : الحقيقة » أثبت فيه أن كل الإدعاءات التي إستهدفت نظام العقيد الراحل معمر القذافي كانت باطلة ، و أن وزير الداخلية الإيراني الأسبق علي أكبر موهتشاميبور هو الذي أمر وموّل الاعتداء.
وأضاف صاحب الكتاب ، أنه ، «بعد 11 عاماً من المذبحة، أدين مدير الأمن بالخطوط الجوية الليبية عبد الباسط المقرحي (47 عاماً) في الحادث بناءً على نسج من الأكاذيب تركزت على زعم صاحب متجر مالطي أنه رأى المقرحي يشتري ملابس مشابهة لتلك التي كانت في الحقيقة مع القنبلة، والتي كانت لتتمزق عبر جسم الطائرة» مشيرا الى إن التحقيقات البريطانية - الأميركية المشتركة توصلت بعد ثلاث سنوات من الحادث إلى أدلة تؤكد مسؤولية «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، حيث تم العثور على بقايا متفحمة من جهاز راديو ماركة «توشيبا» بين حطام الطائرة، والذي كان يحتوي على قنبلة ودائرة كهربية.
وكانت السلطات الألمانية قد اعتقلت، قبل أسابيع من تفجير الطائرة بناءً على معلومات من الاستخبارات الأميركية، خلايا نائمة للجبهة الشعبية، وعثرت خلال المداهمات على قنابل مخفية داخل أجهزة راديو ماركة «توشيبا»، فضلاً عن أسلحة ومواد متفجرة وذخائر ،غير أن منظمة التحرير الفلسطينية أصدرت تقريراً بعد وقوع الحادث بفترة قصيرة تؤكد فيه أنها منظمة سياسية وتنفي عن نفسها شبهة الإرهاب، وزعمت أن إيران هي التي دفعت أموالاً لـ«الجبهة الشعبية» لتفجير الطائرة ،متهمة رجلاً يدعى أبو إلياس بأنه المشتبه الأول في اقتحام مخزن الحقائب في مطار هيثرو وزرع القنبلة.
هذه المعطيات ليست جديدة ، ولكن العالم كان يصمّ آذانه عن الحقيقة ، ففي يونيو 2000 ، وبينما كان القضاء الإسكتلندي يحاكم الليبيين عبد الباسط المقرحي والأمين فحيمة ، وكانت ليبيا تخضع للحصار ، أكدت تقارير إعلامية أن إيران خططت وتمول تفجير لوكربي عام 1988 وإن منشقاً إيرانياً يدعى أحمد بهبهاني ، نسق العمليات الإرهابية الإيرانية لعقد من الزمان ، لديه وثائق تثبت ادعاءاته.
وقالت قناة سي بي أس آنذاك أن وكالة المخابرات المركزية تستجوب بهباني المحتجر وقائيا في تركيا.وفي نوفمبر عام 1991 ، تم توجيه الاتهام إلى الليبيين المقرحي وفحيمة وتسليمهما للمحاكمة ، إعتمادا على شهادات لأفراد من بينهم السويسري ادوين بولير ، رجل الأعمال الذي يقف وراء تصنيع المؤقت الذي تسبب في انفجار القنبلة ،والتاجر المالطي طوني غوشي و هو يدير محلا لبيع الملابس قال عنه الادعاء انه مصدر الثياب الذي لفّت داخلها القنبلة ، والعميل المزدوج الليبي عبد المجيد جعاكه الذي كان يشتغل في مكتب الخطوط الجوية في مالطا و ذكر للمخابرات الأميركية أنه شاهد المتهمين عبدالباسط المقرحي و محمد الأمين فحيمه في مطار مالطا و معهما حقيبة سامسونايت البنية اللون و ذلك عشية حادث تفجير طائرة البانام الأميركية. و يقول الإدعاء بأن الحقيبة الليبية تم شحنها على متن الخطوط المالطية نحو فرانكفورت أين تم نقلها إلى طائرة البانام.
و قد عمل الدفاع على التشكيك في رواية العميل الليبي المزدوج و آخذ عليه تناسيه مسالة الحقيبة و قال بأن جعاكة أتي على ذكر الحقيبة ذات اللون البني للمرة الأولى، حسب برقيات الاستخبارات الأميركية، في شهر أغسطس من عام 1991 و ذلك عشية سفره إلى الولايات المتحده على متن سفينة أميركية حيث حصل على اللجوء هناك
وأبرزت صحيفة الديلي ميل البريطانية ، في تقرير مطول لها الأحد ، إنإسم ضابط الأمن في الخطوط الليبية عبد الباسط المقرحي والذي كان في الخارج للقيام بأعمال تجارية في الفترة مابين 20-21 ديسمبر 1988 ، برز نتيجة مروره بمطار لوكا المالطي ، إلا أن ما كان مطلوبا هو الدليل الذي يورطه ، ولحسن الحظ كان لدى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ظهر شاهد ليبي تقييمه منخفض للغاية هو عبد المجيد جعاكة الذي كان يعمل كميكانيكي فى فرع الخطوط الجوية العربية الليبية بمالطا
وكانت المفاجأة ،أنه وبعد تقديم مكافأة كبيرة للحصول على معلومات حول تورط ليبيا فى لوكربي ، تطوع جعاكة فجأة وشهد برؤيته للمقرحي وهو يحمل حقيبة سامسونايت بنيّة اللون من صالة القادمين بمطار لوكا في 20 ديسمبر 1988. وفي صباح اليوم التالي ، زعم بأن المقرحي قام بتحميل الحقيبة في رحلة إلى فرانكفورت ، حيث سيتم نقلها إلى لندن في رحلة بان آم وتحميلها على متن الرحلة 103.
وبذلك أصبح جعاكة شاهدا أمام المحاكمة إلى جانب صاحب متجر مالطي يدعى ” توني جوتشي ” و الذي شهد بدوره بأنه باع ملابس مماثلة لتلك التي عثر عليها بالقرب من القنبلة لرجل يتناسب مع وصف المقرحي وكان هناك أدلة الطب الشرعي أيضا حيث تم تحديد جزء من لوحة الدائرة الكهربائية التي عثر عليها بعد أشهر من التحطم فى غابة أسكتلندية قريبة من لوكربي ، على أنه جزء من الجهاز الذي أسقط الطائرة المنكوبة .
وكما ذكر ضابط مكتب التحقيقات الفيدرالي ، توماس ثورمان ، أن ذلك الجزء كان جزء من جهاز توقيت إلكتروني صنعته شركة “ميبو” وهي شركة سويسرية تصنع لوحات دارات كهربائية للأجهزة المنزلية ، وقد صدرت بعضها إلى ليبيا وكان أحد الفنيين في شركة ” ميبو ” وهو ” أولريش لومبيرت ” على استعداد للإدلاء بشهادته بأنه صنع هذه اللوحة الخاصة. وفي 14 نوفمبر 1991 ، اتُهم المقرحي و الأمين خليفة فحيمة بالتورط فى الهجوم وذلك عبر مؤتمرات صحفية متزامنة عُقدت في إدنبره وواشنطن طالبت بتسليمهما لكن ليبيا رفضت ذلك الطلب وعرضت محاكمتهما على أراضيها. بالمقابل ،كانت إيران قد تعهدت في ظل الزعيم الثوري آية الله الخميني ، بأن السماء "ستمطر دما " بعد أن أسقطت السفينة الأمريكية فينسينز الطائرة الإيرانية مما أسفر عن مقتل 290 شخصًا ،ورجحت أجهزة غربية أن طهران ، التي كانت تفكر في احتجاز الرهائن الغربيين في لبنان ، أمرت بتدمير طائرة بانام بمساعدة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ، المدعومة من سوريا.
ووفق الكتاب الجديد لدوغلاس بويد ، فإن وكالة الاستخبارات بوزارة الدفاع الأميركية أصدرت بياناً في سبتمبر 1989، ذكرت فيه أن «التفجير تم التخطيط له والأمر بتنفيذه وتمويله من جانب وزير الداخلية الإيراني السابق علي أكبر موهتشاميبور، بينما تم الاتفاق مع أحمد جبريل قائد (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة) بتنفيذ العملية» ،كما أن التخطيط لإسقاط الطائرة لم يكن في ليبيا وإنما في إيران قبل الحادث بخمسة أشهر ، بعد إسقاط سفينة بحرية أميركية لطائرة إيرباص تابعة للخطوط الجوية الإيرانية في 3 يوليو 1988؛ ظناً منها أنها طائرة مقاتلة معادية.
ونقل كتاب « لوكربي : الحقيقة » عن ضابط سابق بالاستخبارات الإيرانية قوله، إن المرشد السابق الخميني قد أمر بالقصاص رداً على إسقاط الطائرة الإيرانية؛ ما يعني إسقاط طائرة ركاب أميركية ،وهو ما يعني أن الاستخبارات الإيرانية كلفت جبريل بتنفيذ العملية، والذي بدوره استأجر خبير متفجرات أردنياً يدعى مروان خريسات لصناعة قنبلة يمكنها المرور من أجهزة تفتيش حقائب المسافرين، ويمكنها الانفجار فوق الماء، لتدمر الطائرة وتقتل كل من على متنها ولا تترك أي أثر خلفها.
وكانت الجبهة الشعبية قد جربت قنبلتها من قبل ، عبر تفجير طائرة «سويس إير» في 21 فبراير 1970، لتقتل 47 راكباً، بالإضافة إلى طاقمها، وطائرة تابعة للخطوط النمساوية في اليوم نفسه كان مقرراً لها الهبوط بأمان في مطار فرانكفورت.
ويرى الكاتب الأمريكي ، أن السبب وراء توجيه أصابع الاتهام إلى ليبيا وليس إيران، كان غزو صدام حسين للكويت في أغسطس 1990، وحاجة الولايات المتحدة إلى إذعان طهران، لافتا الى أن أغلب المشاركين في العملية ماتوا ، فالمقرحي الذين أدين ظلما توفي في منزله في طرابلس في مايو 2012 ، وجبريل قتل في تفجير نفذته جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في أغسطس 2014. وتردد أن خريسات توفي في أكتوبر 2016،
أما أبو إلياس الذي وضع القنبلة على متن رحلة «بان إير» رقم 103، فرجح الكاتب أن يكون مازال على قيد الحياة، ويعيش في واشنطن بموجب برنامج حماية الشهود، وتم توظيفه من جانب سلطات التعليم المحلية تحت اسم باسل بوشناق.
وفي ديسمبر 2013 فجرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية في تقرير مطول لها، مفاجأة مدوية آنذاك حول حادث لوكربي، وهي أن "إيران هي الضالعة في الحادث وليست ليبيا، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا كانا على علم بذلك، لكن تم غض الطرف عن ذلك الأمر مقابل صفقة لاطلاق سراح رهائن، والذين تم احتجازهم في بيروت من بينهم تيري وايت".
وأوردت الصحيفة على لسان الدكتور جيم سواير، الذي توفيت ابنته في الحادث وهي في الثالثة والعشرين من عمرها ، إنه يعتقد أن اتهام ليبيا كانت خطأ شنيعا، وأن إيران هي وراء ذلك الحادث، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا تجاوزا عن ذلك الأمر في مقابل تحسين العلاقات مع إيران فضلا عن اطلاق سراح رهائن ببيروت.
وقالت الصحيفة "إن د. سواير إنه ليس وحده من يعتقد ذلك، بل هناك العديد من أسر الضحايا تنكر أن يكون عبد الباسط المقرحي، المتهم في تفجير الطائرة، هو من فعل ذلك. وفي مارس 2014 ، وقبل أن تكشف الدوحة عن تحالفها التام مع نظام الملالي ، قال فيلم وثائقي بثته قناة «الجزيرة » القطرية الناطقة باللغة الأجليزية ، أنه كشف عن أدلة جديدة على أن إيران ، وليس ليبيا ، أمرت بتفجير رحلة بانام 103 فوق لوكربي ،وأشار إلى أن مجموعة إرهابية فلسطينية انتقمت إلى سفينة حربية أمريكية أسقطت طائرة مدنية إيرانية.
ونقل الفيلم عن "مسؤول استخبارات إيراني كبير سابق" أبو القاسم مصباحي قوله "إن إيران قررت الرد في أقرب وقت ممكن. وقد اتخذ هذا القرار من قبل النظام بأكمله في إيران وأكده آية الله الخميني" ردا على ما حدث قبل خمسة أشهر من إسقاط طائرة الخطوط الجوية الإيرانية رقم 655 من قبل سلاح الجوي الأمريكي ،حيث تعهدت طهران بأن السماء سوف تمطر بالدماء للانتقام.
وحسب مصباحي ، "كان هدف صانعي القرار الإيرانيين هو نسخ ما حدث لإيرباص الإيراني بالضبط. كل شيء متشابه بالضبط ، ما لا يقل عن 290 قتيلاً" ،وقالت « الجزيرة » أنها إطلعت على برقيات وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية التي أفادت بأن قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أحمد جبريل ، كان قد دُفع لتخطيط القصف ،وأنه "تم منح المال إلى جبريل مقدما في دمشق لتغطية نفقاتها الأولية ،وكانت المهمة تفجير رحلة بان آم".
كما نقل التحقيق عن عميل سابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) روبرت باير قوله «بعد ستة أيام من اسقاط طائرة ايرباص كان هناك اجتماع في بيروت »
كما يتهم الفيلم الوثائقي حافظ الدلقموني بقيادة الخلية وتجنيد صانع القنابل مروان خريسات. وقد اعتقلت الشرطة الألمانية الدلقموني وخريسات في ألمانيا قبل تفجير لوكربي بشهور ووجد بحوزتهما اربع قنابل واحدة منهما تشبه تماما تلك التي فجرت طائرة بان أم. والمهم في الموضوع أن الشرطة كانت تعتقد في وقتها أن هناك قنبلة خامسة لم يعثر عليها، وهي التي استخدمت في تفجير الطائرة بحسب وثائقي الجزيرة.
كما يشير الفيلم إلى شخص رابع،هو أبو طالب الذي نسب إليه شراء الملابس من دكان في مالطا ويعتقد أنه كان من حمل القنبلة إلى الطائرة.
أما عميل الإستخبارات المركزية الأمريكية السابق روبرت باير فيقول في الفيلم الوثائقي أن وكالة الأمن القومي تكون لديها رأي بأن الجبهة هي من قام بالتفجير بإيعاز إيراني ،إلا أن التحقيق تغير اتجاهه فجأة بعد مكالمة هاتفية بين تاتشر وجورج بوش (الأب) ربما لأن الولايات المتحدة لم تشأ أن تستعدي سوريا التي انضمت لاحقا لأمريكا وبريطانيا في حربهما ضد صدام حسين في حرب الخليج الأولى.
وبحسب باير فقد اتصلت ايران بالجبهة بعد سقوط الطائرة الإيرانية بستة أيام واتفقت معها على دفع ملايين الدولارات مقابل إسقاط طائرة أمريكية.كانت ليبيا تدرك حقيقة الدوافع التي تقف وراء إتهامها بالتورط في قضية لوكربي ، وبعد 10 سنوات من الحصار دفع القذافي 1.7 مليار دولار تعويضات لعائلات الضحايا ولكن إبنه سيف الإسلام كان يصر على أن الإعتراف كان حنكة سياسية ليس إلا وذلك لإقناع الغرب رفع العقوبات التي شلت البلد وتعبيد الطريق أما صفقات بترول ضخمة، بعضها قام توني بلير بترتيبها.
وفي فبراير 2001 دافع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بقوة عن براءة مواطنه عبدالباسط المقرحي الذي دانته القضاء الأسكتلندي وشدد على ان الحكم في تفجير لوكربي "حكم سياسي وليس قضائياً"، وانه جاء نتيجة "ادانة سياسية" لليبيا من الولايات المتحدة وبريطانيا لـ"حفظ ماء الوجه"، بعدما عملا على اظهارها مركزاً للارهاب. واضاف "ان الذين استبعدوا عن المسؤولية في التفجير سيأتي الدور عليهم، لأننا في خندق واحد" ،واصفا المقرحي بأنه "رهينة" لدى القضاء الاسكتلندي ،و الحكم بـ"المهزلة". وقال: "عبد الباسط بريء ولم يتم التوصل الى اي ادلة ضده ونحن نعتبره مخطوفاً ورهينة بغية ارهاب الشعب الليبي وابتزازه".
وأضاف القذافي ان "المحكمة الاسكتلندية لا يمكن ان تعتبر مسؤولة بالكامل عن نتيجة المحاكمة، لأن اجهزة الاستخبارات الاميركية والبريطانية التي اجرت التحقيقات التي استندت اليها المحكمة لعبت دورا اساسيا في القضية". مشيرا الى ان الولايات المتحدة وبريطانيا التين اتهمتا ليبيا بالارهاب مارستا الضغوط من اجل "ادانتها سياسيا حفاظاً على ماء الوجه"، لأنه في حال اعلان البراءة ستكون الحملات التي شنت عليها غير مبررة وستفقد الدولتان سمعتهما امام العالم. واعتبر انه كان يتعين "اتهام ليبيا وإلا تعرضت الولايات المتحدة وبريطانيا للاحراج امام العالم بأسره وتحملتا تعويضات باهظة مستحقة للشعب الليبي"، في اشارة الى الغارات الجوية على ليبيا في 1986والتي اسفرت عن سقوط عدد من القتلى منهم ابنة القذافي نفسه.
وفي تصريحات صحفية ، اتهم محامي ليبيا في قضية لوكربي إبراهيم الغويل، مندوب ليبيا الأسبق بالأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم ومن وصفهم بجماعته مسؤولية إهدار ملف لوكربي ، قائلا أن " محكمة العدل الدولية كانت قد تحصلت على كافة الأدلة وكانت على وشك أن تطلق حكما ببراءة ليبيا، لولا تدخل شلقم آنذاك بصفته وزيرا للخارجية, ودخوله في تصالح مباشر مع الضحايا مقابل 8 مليار دولار، ثم جرى الحديث عن خفضها لمبلغ 4 مليار، وقد انتهت عملية التصالح بنحو 2.8 مليار دولار, وتم تعويض اسر الضحايا بنحو 2 مليار على نحو دفعتين، مليار ثم مليار، وآخر 800 مليون طلب معمر القذافي بنفسه إيقاف صرفها"، مؤكدا يف الوقت ذاته أن ليبيا لم تكن لها أي علاقة بتفجير الطائرة بان ام 103 فوق بلدة لوكربي منذ البداية»
الى ذلك ، أقام نجل عبد الباسط المقرحي دعوى استئناف جديدة لتبرئة والده وأعلن أن “العالم سيعرف أنه بريء”، مدعوماً بعائلته، واقارب البريطانيين الذين قضوا في ذلك الحادث المأساوي، مطالبا السلطات الاسكتلندية بالإفصاح عن وقائع إساءة تطبيق أحكام العدالة.
وأضاف نجل المقرحي أنه سيقدم خلال أسابيع ملفاً يحتوي على مستندات وأدلة جديدة، إلى لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية SCCRC، وتابع : “نحن كعائلة نعتقد أن أبي بريء، فقد علم والدي أنه سيموت يوماً ما، لذلك أعطانا كافة الأدلة لقضيته، وهي معي الآن”مؤكدا أن “هناك ظلماً بيناً، لأن هناك أدلة جديدة لم تُسلم للقضاء الاسكتلندي، أو لأي مكان آخر، أريد فتح القضية مرة أخرى، ونحن على أتم استعداد لتقديم كافة الأدلة الجديدة من البداية حتى النهاية، وسوف يعرف العالم أن أبي بريء”.
وصرح قائلاً “أريد أن أقول لضحايا تلك المأساة، ولسكان مدينة لوكربي، إنني أود أن تمنحوه فرصة، وسوف تعرفون الحقيقة”. وأكد “الأدلة التي ستقدم إلى المحكمة ستظهر براءة والدي”، فيما أشارت مصادر من أسرة المقرحي أن المعطيات الجديدة حول تورط إيران في الحادثة هي في الأساس قديمة ، وأن إتهام ليبيا كان باطلا من الأساس ، لكنها لعبة السياسة والمصالح الدولية التي كانت وراء إتهام بلادهم.
واليوم تعود القضية من جديد ، من خلال معطيات تؤكد أن المقرحي بريء ، وأن ليبيا لم تكن مسؤولة عن حادثة إسقاط طائرة البانام الأمريكية ، فوق قرية لوكربي في أسكتلندا ، يوم 21 ديسمبر 1988، والتي أدت الى مقتل 270 شخصا، وأن المسؤول الحقيقي عن تلك الجريمة هو نظام الملالي في ايران.
فقد نشرت صحيفة «ديلي الميل» البريطانية مقتطفات من كتاب جديد للمؤلف الأميركي دوغلاس بويد بعنوان « لوكربي : الحقيقة » أثبت فيه أن كل الإدعاءات التي إستهدفت نظام العقيد الراحل معمر القذافي كانت باطلة ، و أن وزير الداخلية الإيراني الأسبق علي أكبر موهتشاميبور هو الذي أمر وموّل الاعتداء.
وأضاف صاحب الكتاب ، أنه ، «بعد 11 عاماً من المذبحة، أدين مدير الأمن بالخطوط الجوية الليبية عبد الباسط المقرحي (47 عاماً) في الحادث بناءً على نسج من الأكاذيب تركزت على زعم صاحب متجر مالطي أنه رأى المقرحي يشتري ملابس مشابهة لتلك التي كانت في الحقيقة مع القنبلة، والتي كانت لتتمزق عبر جسم الطائرة» مشيرا الى إن التحقيقات البريطانية - الأميركية المشتركة توصلت بعد ثلاث سنوات من الحادث إلى أدلة تؤكد مسؤولية «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة»، حيث تم العثور على بقايا متفحمة من جهاز راديو ماركة «توشيبا» بين حطام الطائرة، والذي كان يحتوي على قنبلة ودائرة كهربية.
وكانت السلطات الألمانية قد اعتقلت، قبل أسابيع من تفجير الطائرة بناءً على معلومات من الاستخبارات الأميركية، خلايا نائمة للجبهة الشعبية، وعثرت خلال المداهمات على قنابل مخفية داخل أجهزة راديو ماركة «توشيبا»، فضلاً عن أسلحة ومواد متفجرة وذخائر ،غير أن منظمة التحرير الفلسطينية أصدرت تقريراً بعد وقوع الحادث بفترة قصيرة تؤكد فيه أنها منظمة سياسية وتنفي عن نفسها شبهة الإرهاب، وزعمت أن إيران هي التي دفعت أموالاً لـ«الجبهة الشعبية» لتفجير الطائرة ،متهمة رجلاً يدعى أبو إلياس بأنه المشتبه الأول في اقتحام مخزن الحقائب في مطار هيثرو وزرع القنبلة.
هذه المعطيات ليست جديدة ، ولكن العالم كان يصمّ آذانه عن الحقيقة ، ففي يونيو 2000 ، وبينما كان القضاء الإسكتلندي يحاكم الليبيين عبد الباسط المقرحي والأمين فحيمة ، وكانت ليبيا تخضع للحصار ، أكدت تقارير إعلامية أن إيران خططت وتمول تفجير لوكربي عام 1988 وإن منشقاً إيرانياً يدعى أحمد بهبهاني ، نسق العمليات الإرهابية الإيرانية لعقد من الزمان ، لديه وثائق تثبت ادعاءاته.
وقالت قناة سي بي أس آنذاك أن وكالة المخابرات المركزية تستجوب بهباني المحتجر وقائيا في تركيا.وفي نوفمبر عام 1991 ، تم توجيه الاتهام إلى الليبيين المقرحي وفحيمة وتسليمهما للمحاكمة ، إعتمادا على شهادات لأفراد من بينهم السويسري ادوين بولير ، رجل الأعمال الذي يقف وراء تصنيع المؤقت الذي تسبب في انفجار القنبلة ،والتاجر المالطي طوني غوشي و هو يدير محلا لبيع الملابس قال عنه الادعاء انه مصدر الثياب الذي لفّت داخلها القنبلة ، والعميل المزدوج الليبي عبد المجيد جعاكه الذي كان يشتغل في مكتب الخطوط الجوية في مالطا و ذكر للمخابرات الأميركية أنه شاهد المتهمين عبدالباسط المقرحي و محمد الأمين فحيمه في مطار مالطا و معهما حقيبة سامسونايت البنية اللون و ذلك عشية حادث تفجير طائرة البانام الأميركية. و يقول الإدعاء بأن الحقيبة الليبية تم شحنها على متن الخطوط المالطية نحو فرانكفورت أين تم نقلها إلى طائرة البانام.
و قد عمل الدفاع على التشكيك في رواية العميل الليبي المزدوج و آخذ عليه تناسيه مسالة الحقيبة و قال بأن جعاكة أتي على ذكر الحقيبة ذات اللون البني للمرة الأولى، حسب برقيات الاستخبارات الأميركية، في شهر أغسطس من عام 1991 و ذلك عشية سفره إلى الولايات المتحده على متن سفينة أميركية حيث حصل على اللجوء هناك
وأبرزت صحيفة الديلي ميل البريطانية ، في تقرير مطول لها الأحد ، إنإسم ضابط الأمن في الخطوط الليبية عبد الباسط المقرحي والذي كان في الخارج للقيام بأعمال تجارية في الفترة مابين 20-21 ديسمبر 1988 ، برز نتيجة مروره بمطار لوكا المالطي ، إلا أن ما كان مطلوبا هو الدليل الذي يورطه ، ولحسن الحظ كان لدى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ظهر شاهد ليبي تقييمه منخفض للغاية هو عبد المجيد جعاكة الذي كان يعمل كميكانيكي فى فرع الخطوط الجوية العربية الليبية بمالطا
وكانت المفاجأة ،أنه وبعد تقديم مكافأة كبيرة للحصول على معلومات حول تورط ليبيا فى لوكربي ، تطوع جعاكة فجأة وشهد برؤيته للمقرحي وهو يحمل حقيبة سامسونايت بنيّة اللون من صالة القادمين بمطار لوكا في 20 ديسمبر 1988. وفي صباح اليوم التالي ، زعم بأن المقرحي قام بتحميل الحقيبة في رحلة إلى فرانكفورت ، حيث سيتم نقلها إلى لندن في رحلة بان آم وتحميلها على متن الرحلة 103.
وبذلك أصبح جعاكة شاهدا أمام المحاكمة إلى جانب صاحب متجر مالطي يدعى ” توني جوتشي ” و الذي شهد بدوره بأنه باع ملابس مماثلة لتلك التي عثر عليها بالقرب من القنبلة لرجل يتناسب مع وصف المقرحي وكان هناك أدلة الطب الشرعي أيضا حيث تم تحديد جزء من لوحة الدائرة الكهربائية التي عثر عليها بعد أشهر من التحطم فى غابة أسكتلندية قريبة من لوكربي ، على أنه جزء من الجهاز الذي أسقط الطائرة المنكوبة .
وكما ذكر ضابط مكتب التحقيقات الفيدرالي ، توماس ثورمان ، أن ذلك الجزء كان جزء من جهاز توقيت إلكتروني صنعته شركة “ميبو” وهي شركة سويسرية تصنع لوحات دارات كهربائية للأجهزة المنزلية ، وقد صدرت بعضها إلى ليبيا وكان أحد الفنيين في شركة ” ميبو ” وهو ” أولريش لومبيرت ” على استعداد للإدلاء بشهادته بأنه صنع هذه اللوحة الخاصة. وفي 14 نوفمبر 1991 ، اتُهم المقرحي و الأمين خليفة فحيمة بالتورط فى الهجوم وذلك عبر مؤتمرات صحفية متزامنة عُقدت في إدنبره وواشنطن طالبت بتسليمهما لكن ليبيا رفضت ذلك الطلب وعرضت محاكمتهما على أراضيها. بالمقابل ،كانت إيران قد تعهدت في ظل الزعيم الثوري آية الله الخميني ، بأن السماء "ستمطر دما " بعد أن أسقطت السفينة الأمريكية فينسينز الطائرة الإيرانية مما أسفر عن مقتل 290 شخصًا ،ورجحت أجهزة غربية أن طهران ، التي كانت تفكر في احتجاز الرهائن الغربيين في لبنان ، أمرت بتدمير طائرة بانام بمساعدة "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ، المدعومة من سوريا.
ووفق الكتاب الجديد لدوغلاس بويد ، فإن وكالة الاستخبارات بوزارة الدفاع الأميركية أصدرت بياناً في سبتمبر 1989، ذكرت فيه أن «التفجير تم التخطيط له والأمر بتنفيذه وتمويله من جانب وزير الداخلية الإيراني السابق علي أكبر موهتشاميبور، بينما تم الاتفاق مع أحمد جبريل قائد (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة) بتنفيذ العملية» ،كما أن التخطيط لإسقاط الطائرة لم يكن في ليبيا وإنما في إيران قبل الحادث بخمسة أشهر ، بعد إسقاط سفينة بحرية أميركية لطائرة إيرباص تابعة للخطوط الجوية الإيرانية في 3 يوليو 1988؛ ظناً منها أنها طائرة مقاتلة معادية.
ونقل كتاب « لوكربي : الحقيقة » عن ضابط سابق بالاستخبارات الإيرانية قوله، إن المرشد السابق الخميني قد أمر بالقصاص رداً على إسقاط الطائرة الإيرانية؛ ما يعني إسقاط طائرة ركاب أميركية ،وهو ما يعني أن الاستخبارات الإيرانية كلفت جبريل بتنفيذ العملية، والذي بدوره استأجر خبير متفجرات أردنياً يدعى مروان خريسات لصناعة قنبلة يمكنها المرور من أجهزة تفتيش حقائب المسافرين، ويمكنها الانفجار فوق الماء، لتدمر الطائرة وتقتل كل من على متنها ولا تترك أي أثر خلفها.
وكانت الجبهة الشعبية قد جربت قنبلتها من قبل ، عبر تفجير طائرة «سويس إير» في 21 فبراير 1970، لتقتل 47 راكباً، بالإضافة إلى طاقمها، وطائرة تابعة للخطوط النمساوية في اليوم نفسه كان مقرراً لها الهبوط بأمان في مطار فرانكفورت.
ويرى الكاتب الأمريكي ، أن السبب وراء توجيه أصابع الاتهام إلى ليبيا وليس إيران، كان غزو صدام حسين للكويت في أغسطس 1990، وحاجة الولايات المتحدة إلى إذعان طهران، لافتا الى أن أغلب المشاركين في العملية ماتوا ، فالمقرحي الذين أدين ظلما توفي في منزله في طرابلس في مايو 2012 ، وجبريل قتل في تفجير نفذته جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في أغسطس 2014. وتردد أن خريسات توفي في أكتوبر 2016،
أما أبو إلياس الذي وضع القنبلة على متن رحلة «بان إير» رقم 103، فرجح الكاتب أن يكون مازال على قيد الحياة، ويعيش في واشنطن بموجب برنامج حماية الشهود، وتم توظيفه من جانب سلطات التعليم المحلية تحت اسم باسل بوشناق.
وفي ديسمبر 2013 فجرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية في تقرير مطول لها، مفاجأة مدوية آنذاك حول حادث لوكربي، وهي أن "إيران هي الضالعة في الحادث وليست ليبيا، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا كانا على علم بذلك، لكن تم غض الطرف عن ذلك الأمر مقابل صفقة لاطلاق سراح رهائن، والذين تم احتجازهم في بيروت من بينهم تيري وايت".
وأوردت الصحيفة على لسان الدكتور جيم سواير، الذي توفيت ابنته في الحادث وهي في الثالثة والعشرين من عمرها ، إنه يعتقد أن اتهام ليبيا كانت خطأ شنيعا، وأن إيران هي وراء ذلك الحادث، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا تجاوزا عن ذلك الأمر في مقابل تحسين العلاقات مع إيران فضلا عن اطلاق سراح رهائن ببيروت.
وقالت الصحيفة "إن د. سواير إنه ليس وحده من يعتقد ذلك، بل هناك العديد من أسر الضحايا تنكر أن يكون عبد الباسط المقرحي، المتهم في تفجير الطائرة، هو من فعل ذلك. وفي مارس 2014 ، وقبل أن تكشف الدوحة عن تحالفها التام مع نظام الملالي ، قال فيلم وثائقي بثته قناة «الجزيرة » القطرية الناطقة باللغة الأجليزية ، أنه كشف عن أدلة جديدة على أن إيران ، وليس ليبيا ، أمرت بتفجير رحلة بانام 103 فوق لوكربي ،وأشار إلى أن مجموعة إرهابية فلسطينية انتقمت إلى سفينة حربية أمريكية أسقطت طائرة مدنية إيرانية.
ونقل الفيلم عن "مسؤول استخبارات إيراني كبير سابق" أبو القاسم مصباحي قوله "إن إيران قررت الرد في أقرب وقت ممكن. وقد اتخذ هذا القرار من قبل النظام بأكمله في إيران وأكده آية الله الخميني" ردا على ما حدث قبل خمسة أشهر من إسقاط طائرة الخطوط الجوية الإيرانية رقم 655 من قبل سلاح الجوي الأمريكي ،حيث تعهدت طهران بأن السماء سوف تمطر بالدماء للانتقام.
وحسب مصباحي ، "كان هدف صانعي القرار الإيرانيين هو نسخ ما حدث لإيرباص الإيراني بالضبط. كل شيء متشابه بالضبط ، ما لا يقل عن 290 قتيلاً" ،وقالت « الجزيرة » أنها إطلعت على برقيات وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية التي أفادت بأن قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أحمد جبريل ، كان قد دُفع لتخطيط القصف ،وأنه "تم منح المال إلى جبريل مقدما في دمشق لتغطية نفقاتها الأولية ،وكانت المهمة تفجير رحلة بان آم".
كما نقل التحقيق عن عميل سابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) روبرت باير قوله «بعد ستة أيام من اسقاط طائرة ايرباص كان هناك اجتماع في بيروت »
كما يتهم الفيلم الوثائقي حافظ الدلقموني بقيادة الخلية وتجنيد صانع القنابل مروان خريسات. وقد اعتقلت الشرطة الألمانية الدلقموني وخريسات في ألمانيا قبل تفجير لوكربي بشهور ووجد بحوزتهما اربع قنابل واحدة منهما تشبه تماما تلك التي فجرت طائرة بان أم. والمهم في الموضوع أن الشرطة كانت تعتقد في وقتها أن هناك قنبلة خامسة لم يعثر عليها، وهي التي استخدمت في تفجير الطائرة بحسب وثائقي الجزيرة.
كما يشير الفيلم إلى شخص رابع،هو أبو طالب الذي نسب إليه شراء الملابس من دكان في مالطا ويعتقد أنه كان من حمل القنبلة إلى الطائرة.
أما عميل الإستخبارات المركزية الأمريكية السابق روبرت باير فيقول في الفيلم الوثائقي أن وكالة الأمن القومي تكون لديها رأي بأن الجبهة هي من قام بالتفجير بإيعاز إيراني ،إلا أن التحقيق تغير اتجاهه فجأة بعد مكالمة هاتفية بين تاتشر وجورج بوش (الأب) ربما لأن الولايات المتحدة لم تشأ أن تستعدي سوريا التي انضمت لاحقا لأمريكا وبريطانيا في حربهما ضد صدام حسين في حرب الخليج الأولى.
وبحسب باير فقد اتصلت ايران بالجبهة بعد سقوط الطائرة الإيرانية بستة أيام واتفقت معها على دفع ملايين الدولارات مقابل إسقاط طائرة أمريكية.كانت ليبيا تدرك حقيقة الدوافع التي تقف وراء إتهامها بالتورط في قضية لوكربي ، وبعد 10 سنوات من الحصار دفع القذافي 1.7 مليار دولار تعويضات لعائلات الضحايا ولكن إبنه سيف الإسلام كان يصر على أن الإعتراف كان حنكة سياسية ليس إلا وذلك لإقناع الغرب رفع العقوبات التي شلت البلد وتعبيد الطريق أما صفقات بترول ضخمة، بعضها قام توني بلير بترتيبها.
وفي فبراير 2001 دافع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بقوة عن براءة مواطنه عبدالباسط المقرحي الذي دانته القضاء الأسكتلندي وشدد على ان الحكم في تفجير لوكربي "حكم سياسي وليس قضائياً"، وانه جاء نتيجة "ادانة سياسية" لليبيا من الولايات المتحدة وبريطانيا لـ"حفظ ماء الوجه"، بعدما عملا على اظهارها مركزاً للارهاب. واضاف "ان الذين استبعدوا عن المسؤولية في التفجير سيأتي الدور عليهم، لأننا في خندق واحد" ،واصفا المقرحي بأنه "رهينة" لدى القضاء الاسكتلندي ،و الحكم بـ"المهزلة". وقال: "عبد الباسط بريء ولم يتم التوصل الى اي ادلة ضده ونحن نعتبره مخطوفاً ورهينة بغية ارهاب الشعب الليبي وابتزازه".
وأضاف القذافي ان "المحكمة الاسكتلندية لا يمكن ان تعتبر مسؤولة بالكامل عن نتيجة المحاكمة، لأن اجهزة الاستخبارات الاميركية والبريطانية التي اجرت التحقيقات التي استندت اليها المحكمة لعبت دورا اساسيا في القضية". مشيرا الى ان الولايات المتحدة وبريطانيا التين اتهمتا ليبيا بالارهاب مارستا الضغوط من اجل "ادانتها سياسيا حفاظاً على ماء الوجه"، لأنه في حال اعلان البراءة ستكون الحملات التي شنت عليها غير مبررة وستفقد الدولتان سمعتهما امام العالم. واعتبر انه كان يتعين "اتهام ليبيا وإلا تعرضت الولايات المتحدة وبريطانيا للاحراج امام العالم بأسره وتحملتا تعويضات باهظة مستحقة للشعب الليبي"، في اشارة الى الغارات الجوية على ليبيا في 1986والتي اسفرت عن سقوط عدد من القتلى منهم ابنة القذافي نفسه.
وفي تصريحات صحفية ، اتهم محامي ليبيا في قضية لوكربي إبراهيم الغويل، مندوب ليبيا الأسبق بالأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم ومن وصفهم بجماعته مسؤولية إهدار ملف لوكربي ، قائلا أن " محكمة العدل الدولية كانت قد تحصلت على كافة الأدلة وكانت على وشك أن تطلق حكما ببراءة ليبيا، لولا تدخل شلقم آنذاك بصفته وزيرا للخارجية, ودخوله في تصالح مباشر مع الضحايا مقابل 8 مليار دولار، ثم جرى الحديث عن خفضها لمبلغ 4 مليار، وقد انتهت عملية التصالح بنحو 2.8 مليار دولار, وتم تعويض اسر الضحايا بنحو 2 مليار على نحو دفعتين، مليار ثم مليار، وآخر 800 مليون طلب معمر القذافي بنفسه إيقاف صرفها"، مؤكدا يف الوقت ذاته أن ليبيا لم تكن لها أي علاقة بتفجير الطائرة بان ام 103 فوق بلدة لوكربي منذ البداية»
الى ذلك ، أقام نجل عبد الباسط المقرحي دعوى استئناف جديدة لتبرئة والده وأعلن أن “العالم سيعرف أنه بريء”، مدعوماً بعائلته، واقارب البريطانيين الذين قضوا في ذلك الحادث المأساوي، مطالبا السلطات الاسكتلندية بالإفصاح عن وقائع إساءة تطبيق أحكام العدالة.
وأضاف نجل المقرحي أنه سيقدم خلال أسابيع ملفاً يحتوي على مستندات وأدلة جديدة، إلى لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية SCCRC، وتابع : “نحن كعائلة نعتقد أن أبي بريء، فقد علم والدي أنه سيموت يوماً ما، لذلك أعطانا كافة الأدلة لقضيته، وهي معي الآن”مؤكدا أن “هناك ظلماً بيناً، لأن هناك أدلة جديدة لم تُسلم للقضاء الاسكتلندي، أو لأي مكان آخر، أريد فتح القضية مرة أخرى، ونحن على أتم استعداد لتقديم كافة الأدلة الجديدة من البداية حتى النهاية، وسوف يعرف العالم أن أبي بريء”.
وصرح قائلاً “أريد أن أقول لضحايا تلك المأساة، ولسكان مدينة لوكربي، إنني أود أن تمنحوه فرصة، وسوف تعرفون الحقيقة”. وأكد “الأدلة التي ستقدم إلى المحكمة ستظهر براءة والدي”، فيما أشارت مصادر من أسرة المقرحي أن المعطيات الجديدة حول تورط إيران في الحادثة هي في الأساس قديمة ، وأن إتهام ليبيا كان باطلا من الأساس ، لكنها لعبة السياسة والمصالح الدولية التي كانت وراء إتهام بلادهم.