أصبحت الجزائر على حافة الاضطرابات وارتفاع القلق بشكل غير مسبوق، منذ تولي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، فترة رئاسية جديدة، بسبب انخفاض أسعار البترول، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي للموازنة الجزائرية، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وفي تقرير تحت عنوان "نهاية البترول الغالي الثمن يثير اضطرابات في جزائر بوتفليقة"، أوضحت الصحيفة الفرنسية، الأكثر انتشارا، أن الجزائر أصبحت في وضع أكثر قلقا نظرا للغيابات الطويلة للرئيس بوتفليقة، الذي لم يعد يظهر سوى في لقاءات المسؤولين الكبار، كذلك بسبب انخفاض أسعار البترول خلال الفترة الأخيرة، وفقا لما نشره موقع دوت مصر.

ويوضح علي بن فيس، المرشح للانتخابات الرئاسية السابقة ضد بوتفليقة: "لقد قضت الدولة والمجتمع الجزائري عاما أبيض، فالانتخابات جرت من أجل تسوية المشاكل، لكن أي من هذه الأزمات لم يتم تسويتها"، قبل أن يضيف: "البلد أصبحت في مأزق سياسي واقتصادي واجتماعي".

وتشير الصحيفة إلى أنه خلال العام الماضي، لم ينعقد مجلس الوزراء غير 5 مرات، كما تم خفض النشاط التشريعي، ويعلق الوزير السابق، عبدالعزيز رحابي:" في 2014، تم تقديم 27 مشروع قانون فقط من قبل الحكومة إلى البرلمان الوطني، حتى أن هذا الأخير لم يلعب دوره في الوقوف ضد السلطة، بل أنه يبدو غير فعال"، مستنكرا الشلل الذي أصاب المؤسسات والرئيس المعزول، الذي يحاول أن يلعب دوره شقيقه سعيد بوتفليقة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من محاولة النظام، خلال الفترة الأخيرة، الظهور على أنه يلعب دورا، من خلال الإعلان عن تعديل دستوري في منتصف مايو الماضي، ثم نشر التليفزيون الرسمي صور للقاء الرئيس بوتفليقة مع الوزراء، إلا أن هذه المحاولات لم تعد مقنعة للمواطنين، ويوضح رحابي: "يحاولون أن يخلقوا حدثا وإعطاء مشاعر بأن الرئيس لديه دور سياسي، لكن في الحقيقة أنه لا يمتلك أجندة داخلية".

وأوضحت الصحيفة إلى أن هذا الشلل السياسي يتزامن مع أزمة اقتصادية ضخمة تعانيها البلاد، وهي الانخفاض الساحق لأسعار البترول من 125 دولارا إلى 50 دولارا، في حين أن البترول يشكل 60% من الموازنة العامة، و98% من نسبة الصادرات الجزائرية.

ونظرا لأن الحكومة تعتقد أن انخفاض أسعار البترول لن تستمر لفترة طويلة، الأمر الذي جعلها "تنهك" اقتصادها الداخلي المتمثل في احتياط النقد وصناديق ضبط الإيرادات، لكن هذه الوسائل لا تزيد عن كونها "ثلج تحت الشمس"، فقد تآكلت بشكل سريع ولم تمنع عجز الموازنة، ولأول مرة يعلن رئيس الوزراء، عبدالملك سلال، في مايو الماضي، خطورة الأزمة.

وتجد الحكومة الجزائرية صعوبة في إيجاد بديل للبترول، حتى في الصناعة التي لا تشكل أكثر من 5% من الموازنة العامة، في ظل تزايد الفارق بين الواردات والصادرات، فقد ارتفعت الواردات عن الصادرات خلال العام الماضي بقيمة 60 مليار دولار.

وعلى الرغم من ارتفاع الغضب من سياسة الحكومة، وإيجاد المعارضة صدى قويا لدى المواطنين خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الجزائريين يفضلون حتى الآن الاستقرار المميت على المخاطرة بالدخول في فوضى.

ويقول الباحث الاجتماعي ناصر جابي:" المعارضة أصبحت ظاهرة أكثر خلال الشهور الأخيرة، لكن لا يمكنها أن تحشد الشارع، فالسياسة الاجتماعية القائمة على التوزيع التي تقوم بها الدولة نتج عنها وضع لا يطالب فيه الشعب بتغيير في الخطة السياسية".

وعلى الرغم من هذا الرأي، فإن التظاهرات أصبحت في كل مكان، فخلال العام الماضي أصبحت الدولة في مواجهة مع تغيرات غير مسبوقة، ففي سبتمبر 2014 تظاهر مئات رجال الأمن أمام مقر الرئاسة لاستنكار ظروف عملهم، كما دخل حراس الأقاليم في مواجهة مع الدولة، كل هذا يضاف إلى المظاهرات التي تعم العديد من الولايات بسبب غاز النفط الصخري.