هي النقابية السابقة والنائبة البرلمانية الحالية الأمينة العامة لحزب العمال الذي أسسته قبل 24 عاما. يسجل لها التاريخ الجزائري والعربي كونها أول امرأة تترشح لمنصب لرئاسة الجمهورية عام 2004 وهو ما كررته بعدها في استحقاقي عامي 2009 و 2014 ضد ذات الرئيس المرشح ومن بين الأشهر بين منافسه الآخرين. من جديد " لويزة حنون" مرشحة لمنصب الرئاسة اليوم تحت ذات الشعار السلم‏ و‏ الحرية‏ اللذين لطالما نادت بهما. عرفت بعنادها أيام التنظيم السري اليساري المحضور واعتقلت لأجل ذاك ولكنها اليوم أيضا متهمة بالذوبان في بوتقة النظام الذي احتواها فيما تقول بعض الأصوات التي تنتقدها وتنتقد امتيازات السفر للخارج والعلاج فيه مع أفراد عائلتها وهي التي طالما نادت بالمساواة وحقوق العمال. يعدها التاريخ السياسي الجزائري الحديث من بين الشخصيتين النسويتين المثيرتين للجدل بالإضافة إلى وزيرة الثقافة الجزائرية الحالية "خليدة تومي" رغم أن "حنون" لم يحن لها منصب وزاري بعد.

 الدراسة والعمل والتنظيم السري

استبق مولود "لويزة حنون" في ال7 افريل 1954 موعد انطلاق الثورة الجزائرية بشهور وقد يكون لذاك استلهمها للنمط الثوري الاشتراكي التي عرفت به. تنحدر من محافظة "جيجل" الساحلية الشرقية وتربت غير بعيد عنها بمحافظة "عنابة" التي تحصلت فيها على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) عام 1975. عرفت بالمناداة بحقوق العمال أثناء اشتغالها موظفة بمطار المحافظة شرقا ضمن شركة الطيران العمومي وهذا بعد إتمام الدراسة الجامعية. وبعيد سنوات فاحت شائعات انتمائها إلي تنظيم يساري سري في وقت الحزب الواحد بالجزائر وفي وقت قمع كل التيارات التحررية أيا كانت فاتهمت بالمساس بأمن الدولة وواجهت المحكمة نظير ذاك وسجنت لمدة أكثر من عام.   كانت لأحداث أكتوبر 1988 (ثورة الخبز) بإثارتها السياسية رغم منطلقاتها الاقتصادية والاجتماعية (فيما يصنف لدى بعض المتتبعين بالجزائر بالربيع العربي قبل أوانه الآن) الشرارة التي أطلقت من خلالها "حنون" نبرة النضال الذي أصبح بامتياز سياسيا بعد تشكيلها لحزب العمال عام 1990 وقتما أقرت التعددية بالجزائر لأول مرة وكان حزبها بالإضافة إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحضور الآن من بين الأشهر ضمن أكثر من ستين حزبا عرف النور.

حزب العمال الاشتراكي أم ماذا ؟

زامن تأسيس "حنون" لحزبها الموصوف بالتوجه الاشتراكي سقوط المعسكر الاشتراكي نفس ورغم ذلك لاقت صيحاتها المنادية بحقوق العمال استجابة كبيرة من قبل شرائح جزائرية متعددة بخلاف العمال الذين كان جلهم عاملا بالقطاع العام وقتها ما أكسبها شركية ثورية (فيما يشابه) بمجابهتها السلطات للمنداة بالحقوق العمالية. وبقيت تنادي بكل ما هو ضد الفكر الليبرالي والرأسمالي  كمحاولات الاستثمار الأجنبي بالبلاد وتسريح العمال وإفلاس مؤسسات الدولة الكبرى التي صرفت الملايير والسنوات لبعثها في سنوات الرئيس "هواري بومدين" خصوصا كمصانع الحديد والصلب ومؤسسات النقل العمومي المختلفة والأسواق العمومية الكبرى وغيرها.وضلت "حنون" معروفة بحماسة الكلام الزائدة‏ رغم أن واقع البلاد الاقتصادي الآن تغير جذريا عن العقدين الماضيين، فاليوم القطاع الخاص بعماله منتشر بكل أنحاء البلاد وفي كل المجالات ومع ذلك بقيت السيدة السياسية أو المرأة الحديدية كما يصف البعض تحظي باحترام أنصارها وخصومها علي السواء‏. ولم يعد لكلام "المرأة مكانها البيت" الذي سمعته وقت تأسيس حزبها (خاصة من قيادات جبهة الإنقاذ المحضورة والتي أيدت حنون شرعيتها عندما ألغي المسار الانتخابي عام 1991 الذي فازت به جبهة الإنقاذ) مكان في الساحة الجزائرية التي كرست سياسة الرئيس الحالي تواجد المرأة بكل الهيئات بما فيها البرلمان الذي أصبح يعد أكبر نسبة تمثيل للمرأة في العالم العربي.

"لويزة حنون" رئيسة الجمهورية

قد يتوقع الشارع الجزائري كل شيء و في أي وقت، على غرار ما يحدث في مسألة ترشيح الرئيس الذي تثير حالته الصحية جدلا واسعا، لكنه لا يتوقع أشياء آخري التي قد يصعب هضمها كأن يحكم البلاد رئيس من أصول امازيغ البربر (القبائل) من منطقة القبائل الكبرى التي لطالما نادت أصوات من داخلها بالانفصال أو والت توجهات أحزاب محسوبة عليها لأجندات فرنسية بالخصوص، وهو ما لم ولن يسمح به الجيش أبدا صاحب اليد الطولي في حكايات تنصيب رئيس الجزائر في كل مرة. ولن يستسيغ الشارع الجزائري بما كان ترأس مرآة لحاله وإن كان يعلم أن ما فيها من صلاح أكبر من العفن والفساد الموجود الآن.ولكن العارفين بدهاليز السياسة الجزائرية يعرفون إصرار "لويزة" لذلك المبتغى وإن بدا بعيدا فهي لم تستطع تجميع ال75 ألف صوت من 25 محافظة لانتخابات عام 1999 كما نص عليه قانون الانتخابات وقتها ولكنها لم تفقد الأمر وكررت المحاولة بنجاح في انتخابات عام 2004 ومواقفها الرافضة للتزوير بدا جليا وقاسيا بعد خسارة سنة 2009، رغم أن بعض ممن يعادون مسارها السياسي ينتقدون ولائها للسلطة وللرئيس الحالي وتخفيف نبرة التصدي والمجابه المعروف عندها فيما أوعز أن يكون استفادة من امتيازات مادية معينة. وبرغم كل ذلك لا يجب نكران صناعة "لويزة حنون " لإسم سياسي لها وباقتدار وسط عديد الأسماء التي لا وزن لها في ميزان التأثير عبر مراحل البلاد المتعاقبة والمتقلبة أفلا توصف بالمرأة الحديدية الصادمة أو الحسناء الاشتراكية الواقفة دوما وموعد الرئاسيات يتجدد معها في ال17 افريل 2014.