رغم تشكيل حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج الإثنين 15 16/فبراير/2016 لا زالت الأزمة مستمرة .فرغم الضغوطات الدولية، لم يفلح المجتمع الدولي في إجبار البرلمان على التسريع بالمصادقة على حكومة الوفاق.حيث أعلن البرلمان المعترف به دوليا تأجيل جلسة منح الثقة لحكومة فايز السراج وإرجاء جلسة للتصويت على لجنة الحوار الجديدة بسبب اقتصار الحضور على أربع دوائر انتخابية من جملة 13 دائرة انتخابية.
ويرى مراقبون كل هذا التأخير في منح الثقة للحكومة ومواصلة البرلمان المناورة والممانعة، إنما هو من نتائج أخطاء بعثة الأمم المتحدة التى إستعجلت في إعلان الحكومة ومن هناك طرحها على البرلمان للمصادقة عليها في حين كان الأجدر تهيئة الأرضية والظروف لتلك المراحل.وسادت في الأيام الماضية خلافات بين أعضاء المجلس بشأن الشخصية التي ستتولى وزارة الدفاع والتي أسندت في النهاية للعقيد في الجيش الليبي مهدي البرغثي، وكان مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا قد رفض تشكيلا مبدئيا مقترحا الشهر الماضي وسط شكاوى من أن عدد الوزراء المعينين والذي بلغ 32 وزيرا أكبر مما يجب.ولا يستبعد المتابعون للشأن الليبي في شقه السياسي، أن تتواصل ممانعة البرلمان وحتى إن حضر السراج وفريقه الحكومي إلى طبرق فإن مجلس النواب قد يجد ذرائع ومبررات لتأجيل جلسة المصادقة وحينها إما يجري تكليف رئيس جديد للحكومة باقتراح من لجنة الحوار السياسي أو أن يضطر فايز السراج لتقديم استقالته لفشله في تمرير الحكومة.
موازة لذلك، يرى محللون اقتراب موعد التدخل العسكري الغربي في ليبيا وشكله وآلياته، وارتباط ذلك بتشكيل حكومة الوفاق الوطني؛ومنذ انطلاق الحشد الدولي بالتدخل العسكري في ليبيا لمحاربة داعش ورغم تتالي تصريحات المسؤولين السياسيين والعسكريين،لم يعط أحد منهم أي تفاصيل أو معلومة حول هدف محدد بعينه. غير أن وزيرة الدفاع الإيطالي ريننوا خالفت الجميع وكشفت أن أي تدخل عسكري في ليبيا سيتم بالتنسيق الكامل مع إيطاليا وباقي مكونات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة في ليبيا وبينت أن فرنسا وبريطانيا لن تقدما على التدخل بمفردهما وأوضحت الوزيرة أن القوات الإيطالية وضعت أحد أهدافها من التدخل هو حماية وتأمين شركة إيني الإيطالية للنفط.
من جانبه أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إن الضربات العسكرية الغربية ضد مجموعات داعش في ليبيا ستتم رغم كل التخوفات. وأضاف في تصريحات صحفية تداولتها وسائل الإعلام التونسية، اليوم الخميس، إن الأوضاع في ليبيا صعبة بحكم غياب الدولة وكثرة الميليشيات المسلحة واصفا ذلك بالتركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق. وقال السبسي إنه حتى الآن لم تتوفر الرغبة الجماعيّة للخروج من هذا الوضع من قبل الأطراف الليبيّة مبيّنًا أنّه التقى بجميع الفرقاء ولاحظ أنّه ثمّة استعداد للقيادة لكن لا يُوجد استعداد مشترك لتحمل الآخر.
من جهتها دعت صحيفة "واشنطن بوست" إدارة الرئيس باراك أوباما إلى التحرك سريعا، وضرب ما أطلقت عليها عاصمة الدولة الإسلامية في ليبيا، قبل أن يتمكن هذا التنظيم من السيطرة على مناطق جديدة في هذا البلد الذي تسوده الفوضى منذ عام 2011.وترى الصحيفة أن "الحل السياسي في ليبيا يجب ألا يكون شرطا للعمل العسكري ضد التهديد الإرهابي، ذلك أن أوباما اعترف يوم الثلاثاء الماضى بصعوبات تشكيل الحكومة، وقال:"كلما وجدنا فرصا لمنع تنظيم الدولة من التجذر في ليبيا، فإننا سننتهزها".وتؤكد"واشنطن بوست"إن "هذه الفرص موجودة الآن،تقوم الولايات المتحدة والدول الحليفة لها بغارات جوية على سرت، وتساعد قوات الحماية الليبية، التي تقوم بحماية منشآت النفط، لقد حاول أوباما الانتظار على الهامش في العراق وسوريا، ويجب ألا يرتكب الخطأ ذاته في ليبيا".
إلى ذلك حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، من تنفيذ ضربات جوية دولية خلال هذه الفترة ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا.معتبراً أنه لمكافحة "داعش" يجب بناء جيش لاستعادة السيطرة على المناطق والبلدات والقرى التي يسيطر التنظيم عليها حالياً، كما وعلى جزء من الساحل الليبي على البحر المتوسط.المسؤول الأممي أوضح، أن الضربات الجوية وحدها لا تفي بالغرض، وأضاف: "يجب أن يكون هناك تواجد لقوات برية"، معتبراً أن محاربة "داعش" يجب أن تكون معركة ليبية. ويأتي كلام كوبلر، بعد تصريحات ولقاءات عدة بين مسؤولين كبار في دول إقليمية وغربية، دعت إلى مكافحة التنظيم في ليبيا، في الوقت الذي يسود فيه غموض كبير حول آليات وترتيبات التدخل العسكري، فضلاً عن توقيته، لا سيما في ظل وجود تضارب في المصالح بين الدول.
في جوّ مشحون بمؤشّرات قرب تدخل عسكري غربي في ليبيا يتواصل الاقتتال بين الأطراف الليبية ويتعطّل الحلّ السلمي بينها.و لا شك في أن تقاطع مواقف القوى الاقليمية والدولية وتباينها سيزيد في تعطيل اعتماد أي حل سلمي للأزمة في ليبيا لأنه سيأخذ بعين الاعتبار المصالح المتضاربة لهذه القوى وهو أمر ليس بالهين.فتعارض مصالح العديد من القوى الاقليمية والدولية في ليبيا وحرصها جميعا على ألّا يكون حل الأزمة الليبية على حساب مصالحها يزيد الوضع سوءا ويطيل عمر الأزمة.