مازالت الأوضاع الأمنية المتردية تلقي بظلالها على ليبيا، في ظل الإشتباكات المتكررة بين المليشيات المتعددة، والصراعات التي تهدف لفرض النفوذ، وانتشار العصابات الإجرامية الى تتبنى الإختطاف والقتل والتهريب،مستغلة في ذلك إستمرار الخلافات بين الفرقاء وعجزهم عن إرساء سلطة موحدة.
وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة، تجد ليبيا نفسها مجددا في مرمى العقوبات الدولية،التي بدأت منذ العام 2011 كنهج إتبعته القوى والمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي.
** تمديد العقوبات
إلى ذلك،قرّر مجلس الأمن الدولي مساء الاثنين 05 نوفمبر 2018، تمديد العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا وعمل لجنة الخبراء التي تشرف عليها حتى شهر فبراير/شباط 2020، بسبب عدم استقرار الحالة في هذا البلد الذي يعيش في فوضى منذ 2011
واعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا صاغته بريطانيا بتمديد العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا حتى 20 شباط/فبراير 2020.وحصل القرار الذي تم التصويت عليه في جلسة انعقدت بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك على موافقة 13 دولة من إجمالي أعضاء المجلس (15 دولة) فيما امتنعت دولتان عن التصويت.
وتتضمن العقوبات حظر توريد الأسلحة، وتجميد الأصول والأموال الليبية في الخارج، وحظر السفر، والتدابير المتعلقة بالصادرات النفطية غير المشروعة،وفقا لقراري مجلس الأمن رقم 1970 و1973 لعام 2011.ووصف القرار الوضع في ليبيا بأنه مازال يمثل تهديد للسلم والأمن الدوليين، مؤكدا التزام مجلس الأمن القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية.
ويأتي قرار تمديد هذه العقوبات، في وقت تحاول فيه السلطات المحليّة سواء التي تتمركز في الشرق الليبي أو في العاصمة طرابلس، إقناع المجتمع الدولي بضرورة رفع حظر تصدير السلاح المفروض عليها، وفكّ تجميد الأموال، من أجل مساعدتها على مكافحة الإرهاب، وتحسين الأوضاع المالية في البلاد.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج،الخميس الماضي، على أهمية القيام بمراجعة شاملة للعقوبات الدولية المفروضة على ليبيا، والوقوف على مدى الجدوى من استمرارها.ووصف السراج العقوبات الدولية بأنها تمثل العائق أمام دوران عجلة الاقتصاد وانطلاق عملية التنمية، مطالبا بإدارة الأموال المجمدة بالخارج، وليس رفع التجميد عنها، حتى يتسنى لحكومته الإيفاء بالتزاماتها، "في إشارة منه للأخبار المتداولة حول تصرف بلجيكا في جزء من الأموال الليبية المجمدة واختفاء أموال كانت في حسابات مصرفية في بلجيكا.
وجاء ذلك خلال لقاء بمقر المجلس في طرابلس، جمع السراج مع رئيس لجنة العقوبات بمجلس الأمن "أولوف سكوج" ووفد مرافق له.وشدد السراج على أهمية مثل هذه اللقاءات في تبادل وجهات النظر والوقوف على حقيقة المرحلة الحساسة التي تمر بها ليبيا، والأوضاع الاقتصادية و السياسية والأمنية فيها، وما يعانيه الليبيون جراء هذه الأوضاع.
** سبب جديد
أدرج مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، العنف الجنسي المُرتكب بمعدلات عالية في ليبيا، على لائحة الأسباب لفرض عقوبات عليها. ووافق المجلس، على قرار إضافة التخطيط وارتكاب العنف الجنسي (الممنهج)، بأغلبية 13 صوتا مع امتناع الصين وروسيا، دون أن تصوت أي دولة على رفض هذا القرار.
ودفعت هولندا والسويد لتضمين "التخطيط وتنفيذ أو ارتكاب أعمال تتضمن عنفا جنسيا أو قائما على النوع" كمعايير للعقوبات، وأشارتا إلى المشكلة المثيرة للقلق بشكل متزايد في ليبيا خاصة ضد المهاجرين الذين يحاولون الوصول لأوروبا.
وأعرب كارل سكو مساعد السفير السويدي لدى الأمم المتحدة عن الأمل في أن يكون لهذه المعايير الجديدة "تأثير رادع وأن تتم محاسبة مرتكبي مثل هذه الجرائم".
ووصف السفير الهولندي كاريل فان اوستروم القرار بـ"الخطوة المهمة إلى الأمام" ليتمكن مجلس الأمن من معاقبة مرتكبي الجرائم الجنسية "مثلا في مخيمات اللاجئين" حيث يتعرض لاجئون للاغتصاب.
وحذر مسؤولون أمميون في السابق من أن عناصر الميليشيات والمهربين والمجرمين غالبا ما يقومون بعمليات اغتصاب في ليبيا.
وفي غضون ذلك،امتنعت روسيا والصين عن التصويت على قرار مجلس الأمن المتعلق بالعقوبات بليبيا، لكنهما لم تستخدما الفيتو لعرقلة القرار الذي يوسع المعايير التي تسمح بفرض عقوبات لتشمل أعمال العنف التي تقوم على الجنس
واتهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا كلا من هولندا والسويد وهما البلدان اللذان أعدا هذه المعايير الجديدة، بمحاولة تسجيل نقاط على الساحة السياسية المحلية.وقال أمام المجلس "إنها الشعبوية بأبهى أشكالها"، معتبرا أن على المجلس أن يركز اهتمامه على التهديدات على الأمن الدولي
** تهديد أممي
ويأتي هذا القرار في وقت تتواصل فيه محاولات فرض الأمن في العاصمة الليبية وسط مخاوف من تجدد الإشتباكات بين المليشيات.وحذر غسان سلامة، المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا ورئيس البعثة الأممية،الأربعاء 31 أكتوبر 2018،من فرض عقوبات دولية في حال عرقلة الترتيبات الأمنية في ليبيا.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج في العاصمة طرابلس مع مسؤولين عسكريين وأمنيين بحضور المبعوث الدولي غسان سلامة.وبحسب بيان المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق الوطني، فقد بحث الاجتماع مناقشة الخطوات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بتنفيذ الترتيبات الأمنية لمدينة طرابلس الكبرى، كما تم بحث نشر قوات لفرض الأمن، والاتفاق على مراحل تنفيذ الخطة، وتحديد الاحتياجات اللوجستية والأسلحة والذخيرة.
ورحب المبعوث الأممي بالجهود التي تبذلها حكومة الوفاق لتنفيذ الترتيبات الأمنية واستجابة كافة الجهات لها، محذراً من فرض عقوبات دولية على المعرقلين لهذه الترتيبات، مؤكداً أن هذه الترتيبات التي بدأت بالعاصمة طرابلس ستمتد لتشمل باقي المناطق في ليبيا..
من جهته، جدد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق طلب رفع الحظر الجزئي عن توريد الأسلحة إلى ليبيا، لتتمكن الحكومة من تنفيذ ما ورد في تدابير الترتيبات الأمنية وتمكين المؤسسة العسكرية والأمنية من أداء مهامها.كما دعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لتحقيق الاستقرار في ليبيا، بحسب ذات البيان.
يذكر أنه في مارس/آذار 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970، وطلب فيه من جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار". كما حظر القرار أيضًا أن "تشترى الدول الأعضاء، أي أسلحة وما يتصل بها من أعتدة من ليبيا.
وفي يونيو 2017، أصدر مجلس الأمن،قرارا بمواصلة حظر التسليح على ليبيا لافتا إلى أن"الحالة في ليبيا لا تزال تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين".وشكل القرار خيبة أمل لكلّ الأطراف المتصارعة في ليبيا التي تطالب الأمم المتحدة برفع حظر التسليح المفروض على البلاد حتى يتسنى لها محاربة الإرهاب.