ترسخ وجود الميليشيات في أعقاب الأزمة التي عصفت بليبيا، حيث استغلت انتشار السلاح وغياب سلطة الدولة لتكون لنفسها مناطق نفوذ تحت سلطة الرصاص، وهو ما أدخل البلاد في دوامة من العنف والفوضى.
وتبدأ نشاطات هذه الميليشيات من التجارة غير الشرعية إلى الخطف على الهوية إلى استعباد المهاجرين والمتاجرة بهم، إلى التحكم في عمليات صرف الأموال من البنوك وقرارات المؤسسات السيادية وحتى ساعات وصول التيار الكهربائي وطرح الأحمال بالقوة.
وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة الوفاق الليبية لتنفيذ ترتيبات أمنية بهدف إرساء الأمن داخل العاصمة بقوات شرطة نظامية، تتحرك الأطراف الدولية لدعم الترتيبات عبر فرض عقوبات من شأنها تحجيم تغول هذه المليشيات المسلحة وإنهاء عبثها بأمن المدينة وسكانها.
صلاح بادي
وفي تطور جديد، أدرج مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة، اسم صلاح بادي، القائد المثير للجدل لميليشيات مسلحة من مدينة مصراتة، على قائمة عقوباته بإيعاز أميركي وفرنسي وبريطاني.
وطبقاً لما بثه الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة، فقد وافقت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، على إضافة اسم بادي، قائد كتيبة الصمود أو ما كان يعرف في السابق بعملية "فخر" أو "كبرياء" ليبيا، إلى قائمة الأفراد والكيانات الخاضعة لتجميد الأصول وحظر السفر.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في بيان مقتضب، السبت، إنها ترحب بالالتزام القوي من مجلس الأمن بمحاسبة أولئك الذين يسعون إلى تقويض الاستقرار والأمن في ليبيا، ويرفضون الالتزام باتفاقات وقف إطلاق النار، ويواصلون تهديد المدنيين والمرافق المدنية والمؤسسات السيادية.
وكانت البعثة حددت اسم بادي وميليشياته في تحذير وجهته خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، لمن وصفتهم بالعابثين بالأمن من الملاحقة الجنائية الدولية.
من جهتها، نقلت الخارجية البريطانية، عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر على لسان وزير شؤون الشرق الأوسط "أليستر بيرت "، أن بريطانيا نجحت في مساعيها مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، في تأمين موافقة مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على صلاح بادي قائد إحدى المجموعات المسلحة في ليبيا.
وتتضمن العقوبات، منع صلاح بادي من السفر، وتجميد أرصدته المالية، كما أنها فرضت عليه لأنه كان معرقلا دائما للحلول السياسية في ليبيا، ومعارضا لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، إلى جانب دوره القيادي في الاشتباكات التي دارت في طرابلس شهر آب/أغسطس الماضي، والتي تسببت في مقتل 120 أغلبهم من المدنيين.
قادة المليشيات
وتأتي هذه التطورات وسط حديث عن اتجاه أميركي وأوروبي للقيام بعمليات نوعية باتجاه قادة الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس.ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، عن مصادر ليبية قولها أن القرار قد يمهد لعملية محتملة في إطار ما وصفته بعمليات نوعية محددة لاعتقال، أو توقيف بعض قادة الميليشيات المسلحة المتهمين بمحاولة فرض حالة من عدم الاستقرار في العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن بادي على رأس قائمة محدودة، يجرى التداول بشأنها.
كانت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا أكدت في بيان لها نشرته على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ، في سبتمبر الماضي، أنها تعد لائحة بأسماء منتهكى القانون الإنسانى الدولى من قادة الميليشيات المسلحة بالعاصمة طرابلس، لتقديمها إلى مجلس الأمن الدولى لفرض عقوبات عليهم ومقاضاتهم.
وجاء ذلك في أعقاب فرض الولايات المتحدة بالتعاون مع لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي لعقوبات مالية على إبراهيم الجضران، القائد السابق لحرس المنشآت النفطية الليبية.وأضافت لجنة العقوبات اسم الجضران إلى قائمة الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات الدولية، بعد مقترح تقدمت به البعثة الدائمة لليبيا في الأمم المتحدة.
وأكد نص القرار الأميركي الذي نشرته وزارة الخارجية الأميركية، على تجميد كل أصول الجضران في الولايات المتحدة وحظر الأميركيين من التعامل معه.وأشار البيان إلى أن جماعات مسلحة بقيادة الجضران قامت في حزيران/يونيو الماضي بمهاجمة ميناء رأس لانوف وميناء السدرة ما أدى إلى حدوث أزمة سياسية واقتصادية كبدت ليبيا خسائر بقيمة تزيد عن مليار و400 مليون دولار.
وتعاني المدن الليبية، وخاصة العاصمة طرابلس من سيطرة الميليشيات المسلحة التي تشكل خطرا كبيرا على حياة المدنيين خاصة في ظل احتدام الصراعات بينها حول النفوذ.وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن العقوبات الدولية ضد قادة المليشيات خطوة تعتبر خطوة ضرورية لوضع حد لأنشطتها المهددة لاستقرار البلاد، يرى آخرون أن هذه العقوبات الدولية غير كافية لردع تلك المليشيات وقادتها، ولن تحول دون استمرار جرائمها.