بعد ثلاثة سنوات من الثورة، تحولت ليبيا إلى مكان يثير المخاوف لدى الولايات المتحدة ، كما بلد يجذب الإرهابيين وتنتشر فيه الأسلحة والمخدرات ويهدد استقرار جيرانه، حسب صحيفة لوس انجلس تايمز في مقال نشر بتاريخ 27 يونيو 2014.

حاليا، يتصور الرئيس الأمريكي باراك أوباما تدخلا عسكريا محدودا في العراق، وينظر للتجربة الليبية على أنها تحذير من الأضرار غير المقصودة التي قد تتسبب فيها القوى الكبرى عند التدخل في نزاعات لا يمكن التنبؤ بها.

وقال الخبير في الشرق الأوسط لدى مركز التقدم الأمريكي، برايان كاتوليس، "إذا كانت العراق وأفغانستان أمثلة على الإفراط في التدخل، فإن ليبيا هي المثال العكسي، حيث تم القيام بالقليل، وتم الحصول على نتيجة غير مقبولة، الدرس المستخلص هو أن القبول بحد أدنى من المخاطر له تكاليفه".

فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي نجحوا في جهدهم العسكري، إلا أنهم لم ينجحوا في وضع ليبيا على الطريق الديمقراطية والاستقرار، ولا يرغب الأمريكيون الآن في القيام بمحاولة أخرى لبناء الدولة في ليبيا، واضعين نصب أعينهم الفشل في العراق.

تهديد

ولكن وضع حد لجهود مساعدة الحكومة الليبية الجديدة للسيطرة على البلاد، قد يؤدي إلى جعل ليبيا تهديدا أمنيا أعلى مما هو عليه قبل التدخل العسكري، دون قصد الولايات المتحدة وحلفائها. وهي التي أصبحت ملاذا للمتشددين في شمال إفريقيا.

 

ويصور التحذير الأخير من السفر الصادر من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ليبيا على أنها مجتمع في طور الانهيار، يعاني من الجريمة والإرهاب والاقتتال الداخلي وانتشار الأسلحة.

وقال نائب مستشار الأمن القومي، بان رودس، إن ما سيأخذ وقتا طويلا في ليبيا هو النجاح في استراتيجيات بناء التحالفات السياسية، ولن يكون تدخلنا العسكري نهاية القصة ، بل بداية فصل جديد".

من جهته، يقول السيناتور الجمهوري السابق ريتشارد لوغار، المعارض للتدخل العسكري في ليبيا، "لم يكن هناك الكثير من المؤشرات على أن هؤلاء الناس سينعمون بالأمن والحرية التي رغبوا فيها".

للتاريخ

يذكر أن أوباما كان مترددا في البداية الأمر بخصوص التدخل، كما كان عديد من مساعديه العسكريين، بما في ذلك وزير الدفاع السابق روبرت غايتس، ولم يرد هذا الأخير دفع القوات الأمريكية في حرب قد تكون طويلة، وقد هدد بالاستقالة، حسب ما ذكره في مذكراته "الواجب". ولكن تلك الخطوة كانت مدعومة من قبل سوزان رايس وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية آنذاك، اللتان خشيتا وقوع كارثة إنسانية، حسب غايتس.

وأصر أوباما وقتها على أن تتحمل القوات الأمريكية الحملة الجوية فقط ، وإعطاء الدور القيادي لبريطانيا وفرنسا، ولكن العملية طالت أكثر مما كان متوقعا، وعندما انتهت، اعتبر أوباما أنها دليل على فعالية "الناتو"، ولكن لم تكن تلك سوى بداية المشاكل، حسب الصحيفة.

تدخل آخر

وذكرت كبيرة الدبلوماسيين الأمريكيين للشرق الأوسط، آن باترسون، أمام إحدى لجان الكونجرس مؤخرا، "لقد أخذنا على حين غرة، لم نتوقع بعد مغادرة القذافي، غيابا للمؤسسات الحكومية في البلاد".

وتتمثل الأولوية القصوى للإدارة الأمريكية حاليا في خطة لمدة ثمانية سنوات تهدف إلى تدريب قوى تصل إلى 8 آلاف جندي، ولكن بعد عام من طلب السلطات الليبية المساعدة، لم يبدأ البرنامج لأنه من الخطير جدا للمدربين الدخول إلى ليبيا، ولم تقدر الحكومة الليبية على تمويل البرنامج.

من ناحية أخرى، أبرزت الصحيفة أن ليبيا تمثل قضية من الدرجة الثانية بالنسبة للإدارة الأمريكية التي تتعامل مع عدد آخر من الأزمات، ويرى بعض المراقبين أنها قد تضطر في النهاية إلى بذل المزيد من الجهد، وقد توقع تقرير لمؤسسة راند، صدر في ربيع هذا العام، أن استمرار الأزمات في ليبيا قد يتطلب تدخل "الناتو" مرة أخرى.