بعد ان فشلت مساعي حصول الحكومة الأولى التّي تشكّلت برئاسة السراج، إثر الحوار السياسي اللّيبي بتونس في النصف الأوّل من شهر ديسمبر الماضي ،على ثقة البرلمان اللّيبي، بسبب عدم قبول كيفية توزيع الحقائب الوزارية، وبعد أن تعطّل الحوار الإجتماع الرئاسي الثاني بتونس خلال هذا الأسبوع، ونقله إلى الصخيرات برعاية الأمم المتّحدة،وفي ظل حالة الارتباك التي يشهدها الحل السياسي في ليبيا، تتأزم الأوضاع يومًا بعد الآخر، وبالأخص مع تعنت البرلمان الليبي والمؤتمر المنتهية ولايته.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية التي تبث من شرق ليبيا؛ حيث مقر البرلمان المعترف به دوليًّا، عن مصادر مطلعة بأن "المجلس الرئاسي قد يطلب من البرلمان تمديد المهلة الممنوحة له لتقديم التشكيلة الوزارية".من جانبه أكد عضو مجلس النواب الليبي عبدالمنعم بالكور، التحاق ستة من الأعضاء المقاطعين بالبرلمان، مشيرًا إلى وجود عدد كبير من النواب في طبرق، وأن عددهم يفوق النصاب، وذلك وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الليبية.الجدير بالذكر أن تسعة من أعضاء البرلمان المقاطعين الآخرين التحقوا بالجلسات في الأسبوع الماضي، وطالب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بتمديد المهلة المحددة من البرلمان لتشكيل الحكومة وعرضها، وكان من المنتظر أن يتم تشكيل الحكومة في العاشر من يناير الجاري، وذلك بعد تسلّم المجلس لخطاب البرلمان برفض التشكيلة الأولى المكونة من 32 وزيرًا في 31 يناير الماضي.

وكان متوقعا أن يجري الإفصاح عن تشكيلة حكومة التوافق في نسختها الثانية الأحد الفارط، من قبل المجلس الرئاسي المتواجد حاليا بالمغرب الأقصى غير أن الخلافات الحادة حول توزيع الحقائب الوزارية برز من جديد مما دفع بالمجلس لتأجيل إعلان الحكومة وعرضها على برلمان طبرق.من جانبه جدد المبعوث الدولي لدى ليبيا مارتن كوبلر، الدعوة للتسريع بتقديم مقترح الحكومة إلى البرلمان تماما مثل مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي التي طالبت هي أيضا بضرورة تنازل الفرقاء وإزالة العقبات أمام عرض الحكومة واعتمادها من طرف البرلمان ،وتقدير عواقب وتداعيات تعثر الحل السياسي للأزمة الراهنة في البلاد.

على صعيد آخر تتابع دول المنطقة بإهتمام وإنشغال كبيرين، التطورات الأمنية والعسكرية في ليبيا ومختلف التقارير والاخبار بخصوص تدخل عسكري محتمل.فبالرغم أن مصر لم تتوقف على امتداد العامين الماضيين من تحذير العالم من خطورة تمدد داعش في ليبيا، وسيطرته على مناطق واسعة في هذا البلد، وتداعيات ذلك على أمن دول شمال إفريقيا، وأمن البحر الأبيض والأمن الأوروبي،فإنها ترفض في الوقت الراهن التدخل الغربي في ليبيا،إذ قال السفير سامح شكري، وزير الخارجية: مصر مع خيار حل أي خلافات في ليبيا بالجهود السياسية، لافتًا إلى أن الحل العسكري غير مطروح.

من جهتها ترفض الجزائر أي تحرك عسكري في ليبيا، وأعلنت تمسكها بحل سياسي، داعية الفرقاء إلى استكمال الحل السياسي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية في طرابلس قادرة على تلبية الاحتياجات الملحة للشعب الليبي.وأبدت تونس قلقها من تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، وذلك على لسان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي أكد أنه على الدول التي تفكر في التدخل العسكري في طرابلس مراعاة مصالح الدول المجاورة وفي مقدمتها تونس.وقال وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني إن تونس "تعارض أي تدخل بري أجنبي في ليبيا"، مضيفا أن تسلل الإرهابيين من الأراضي الليبية "يمثل تهديدا دائما" لبلاده.

ومع بلوغ الحشد الدولي درجة متقدّمة لتنفيذ التدخّل العسكري في ليبيا،أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر "نفاد صبر" المجتمع الدولي حيال عدم قدرة الأطراف السياسية الليبية على توحيد السلطات، مشيرا إلى أن هذا الأمر يسمح بـ"التوسع العسكري"لجهاديي تنظيم الدولة الإسلامية. وحذر كوبلر في مؤتمر صحافي عقده في تونس من أن تنظيم الدولة الإسلامية يتمدد "نحو الجنوب"، ما يعتبر "خطيرا خصوصا بالنسبة إلى النيجر وتشاد" المجاورتين.وتعتبر هذه التصريحات في سياق المقدمات الأوروبية لتدخل عسكري في ليبيا تكون نتائجه القضاء على تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية بغرض حماية المصالح الأوروبية وحدودها الجنوبية من الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

وفي هذا السياق أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن الدول التي يستهدفها "داعش" ربما تضطر قريبا للإسراع “بسحق التنظيم في ليبيا"، مضيفا أنه "كلما طال غياب حكومة وحدة وطنية أصبح أسهل لتنظيم داعش الترسخ في ليبيا". وأكد فالس لإذاعة أوروبا 1 "نحن نعيش مع التهديد الإرهابي، ولدينا عدو مشترك هو داعش ينبغي أن نهزمه وندمره في العراق وسوريا وليبيا". مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي بكامله جاهز لأي احتمال عسكري وفي أي توقيت.

وترى عدة أوساط سياسية أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا ستكون له تداعيات وخيمة على طرابلس من ناحية، ودول الجوار من ناحية أخرى، لاسيما مع تزايد الأزمة وتفجر الوضع، مما قد يؤدي إلى تدفق المسلحين إلى دول الجوار.ولكن وفي ظل هشاشة الوضع الأمني في ليبيا التي بدأت في الاقتراب من حالة شبيهة بالحالة العراقية في التقسيم الواضح بين منطقة يسيطر عليها داعش ومناطق تسيطر عليها ميليشيات تابعة لقوى متصارعة في ما بينها، في وضع سياسي وأمني يتسم بغياب تام لأي دور حكومي رسمي يبقى التدخل العسكري هو الأرجح.