أشار الكاتب فريديريك واهري، في مقال صدر بتاريخ 7 يوليو 2014 على موقع صحيفة نيويورك تايمز، أن مقتل المحامية والناشطة الليبية سلوى بوقعيقيص، صدم ليبيا التي تواجه حاليا مسارين متباينين تجاه الأمن: القمع أو المصالحة.

وعندما قتلت سلوى بوقعيقيص، كان واهري في لقاء مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي استقبله في قاعدة عسكرية مترامية الأطراف، وبإجراءات أمنية بالغة الدقة، حتى أنه لم يسمح له بأن يستعمل قلمه وأوراقه الخاصة خلال اللقاء.

خطر وانقسام

واعتبر الكاتب أن "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر هو في حد ذاته "ميليشيا" أخرى خارج سلسلة القيادة العسكرية الرسمية، وتستهدف حملته السلطة التشريعية المنتخبة في البلاد، التي يتهم فيها الإسلاميين بدعم الكتائب المسلحة وعرقلة بناء الجيش والشرطة، وقد ترك كل هذا ليبيا منقسمة بعمق، وبالنسبة للبعض، حفتر يعد المنقذ الذي سيقدم الاستقرار الذي طال انتظاره، ويرى الآخرون فيه معمر القذافي، ورجلا قويا يقوض الديمقراطية باسم محاربة الإرهاب.

ووسط تصاعد العنف في ليبيا والاستقطاب، تقلصت فرص الحوار والتوافق، حسب الكاتب. واضطر "بناة الجسور" مثل بوقعيقيص إلى اتخاذ أحد الجانبين، وفي محادثة أخيرة للكاتب معها قبل مقتلها، ذكرت بوقعيقيص أن حفتر، رغم أخطائه، استطاع أن يكسر التابوهات في ما يتعلق بمواجهة الإسلاميين والتحرك ضدهم، وأضافت أنه رغم عدم إمكانية إيقافه، على الحكومة الليبية أن تضمه إليها وأن تعطيه الشرعية، أملا في الحد نوعا ما من قوته والسيطرة عليه.

ولكن، يقول الكاتب، هناك خطر كبير – لليبيين وأصدقائهم في الخارج – في تأييد رجل عسكري له تعريف غامض للإرهاب الذي يشمل الجماعات السياسية الإسلامية غير العنيفة مثل الإخوان المسلمين، فحفتر ينفي حق الجماعات الإسلامية السلمية في تشكيل مستقبل دولة ما بعد القذافي. ويميز العديد من الليبيين بين هذه الجماعات و"أنصار الشريعة"، والخطر هو أن يتم تصنيفهم جميعا في سلة واحدة، ما قد يؤدي إلى تطرف المعتدلين.

ديمقراطية وتهديد

واعتبر الكاتب أن الأكثر إثارة للقلق هو أن حفتر يدعي الدفاع عن الديمقراطية في الوقت الذي يهدد هيئة منتخبة في البلاد بالقوة العسكرية، وأضاف أن دعمه سيكون صفقة خاسرة ذات عواقب سلبية على مستقبل ليبيا، ولتجنب سقوط البلاد في مزيد من الفوضى أو الوقوع في الاستبداد، يجب على الليبيين أن يركزوا على تشكيل حكومة إجماع وطني تتناول المظالم في شرق البلاد. ويجب أن يتم بناء مؤسسات أمنية تشرف عليها السلطات المنتخبة، وينبغي أن تلزم نفسها بالمصالحة الوطنية وصياغة الدستور.

من جانبها، يجب على القوى الخارجية مثل الولايات المتحدة أن توضح أنها لن تتسامح مع المس بسيادة القانون في مصلحة مكافحة إرهاب، غير واضح المفهوم بالنسبة لحفتر، يستهدف به المعارضين السياسيين.