بالرغم من انشغال العالم بالخطر الكبير الذي شكله انتشار فيروس "كورونا" الجديد،فان الأوضاع في ليبيا مازالت في دائرة الضوء،حيث تتواصل مشاهد التورط التركي في الصراع الدائر في البلد الافريقي ومساعيها المتواصلة لتأزيم الأوضاع هناك في محاولة لاطالة أمد الفوضى التي تمثل بوابة النظام التركي للتوغل في ليبيا وتمرير أجنداته القائمة أساسا على نهب ثروات البلاد ومد أذرعه فيها لتكون منطلق توسعه في المنطقة عموما.

وعاد الحديث مجدد عن الوجود التركي في ليبيا وذلك من خلال تواصل الكشف عن الخسائر المتجددة التي تتلقاها أنقرة في صفوف المرتزقة الموالين لها جراء العمليات العسكرية التي تشهدها العامة الليبية طرابلس حيث يدفع نظام أردوغان منذ أشهر بآلاف من المرتزقة لدعم حكومة الوفاق وحلفائه في تيار الاسلام السياسي وعلى راسه جماعة "الاخوان" الساعية للسيطرة على البلاد خدمة لأجندات أردوغان.

 وفي حصيلة جديدة لخسائر تركيا في ليبيا،كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان،الخميس 19 مارس/أذار، أن عدد قتلى المرتزقة الأتراك جراء العمليات العسكرية في ليبيا ارتفع إلى 129 قتيلاً.وقال المرصد، إن القتلى سقطوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة، فضلاً عن معارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.





بدوره، أكّد مصدر عسكري ليبي لصحيفة "البيان"، أنّ الرقم الحقيقي للقتلى في صفوف المرتزقة الأتراك أكثر من ذلك بكثير، مشيراً إلى أن الرقم المعلن يعتمد على إحصاءات من داخل الأراضي السورية لمن لقوا مصارعهم في ليبيا من عناصر الميليشيات الناشطة هناك، فيما يوجد مرتزقة جلبتهم تركيا إلى طرابلس من جنسيات غير سورية.وأضاف المصدر أنّ هناك إحصاءات تتحدث عن أكثر من 270 قتيلاً في صفوف المرتزقة، بينهم 80 لقوا مصرعهم في محاور القتال جنوب وشرق مصراتة.

وأعلن الجيش الوطني الليبي،أنه قتل عددا لم يحدده من قيادات وعناصر المرتزقة السوريين الموالين لتركيا والعناصر الإرهابية التابعة لحكومة الوفاق،في ضربة استهدفت في وقت متأخر من مساء أول من أمس مواقعهم بالعاصمة طرابلس.وقال الجيش في بيان لشعبة إعلامه الحربي إن ضربات المدفعية "استطاعت قتل عدد كبير من قيادات تلك العناصر، المحسوبة على جماعة الحشد الميليشاوي وتنظيم داعش، ما أدى لانهيار تام في صفوف تلك العناصر المتمركزة في محور عين زارة بجنوب العاصمة".

وأوضح البيان أنه بعد رصد وحداته لمواقع مصادر القصف العشوائي، الذي طال منازل المدنيين في المناطق الآمنة في طرابلس،"تحركت وحدات المدفعية واستهدفت تلك المواقع، التي تؤوي عددا كبيرا من المرتزقة السوريين والإرهابيين الفارين من بنغازي، الذين لا يهتمون لأمر المدنيين في طرابلس".

ويتلقى مرتزقة اردوغان في ليبيا ضربات موجعة بشكل متكرر حيث تؤكد التطورات الميدانية عجزهم عن مواجهة الجيش الليبي الذي حقق تقدمات هامة خلال الايام الماضية.ويبدو أن مأزق أردوغان يتزايد وهو ما كشفت عنه خطوته الأخيرة  بتخفيض رواتب المرتزقة السوريين في ليبيا في مشهد كشف بوضوح حالة الارتباك التي يعيشها النظام التركي.

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان،إن تركيا خفضت رواتب المقاتلين السوريين الذين جرى تجنيدهم وإرسالهم للقتال في ليبيا، وذلك بعد أن فاق تعدادهم الحد الذي وضعته أنقرة وهو 6000 مقاتل.وأشار المرصد، عبر موقعه الإلكتروني، إلى أنه رصد ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس إلى نحو 4750 مرتزقا، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1900 مجند.

وتدفع تركيا للمرتزقة القادمين من سوريا رواتب تصل إلى 2000 دولار لكل مقاتل شهرياً، حسب الأرقام التي قدمها المرصد السوري لحقوق الإنسان بسوريا في وقت سابق.وفشلت هذه الجماعات من المرتزقة في تحقيق أي تقدم عسكري على حساب قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على جبهة طرابلس. 

وبحسب صحيفة "العرب" اللندنية،يرى مراقبون أن خطوة تخفيض الرواتب محاولة من أردوغان للخروج من المستنقع الليبي بأخف الأضرار الممكنة بعد اقتناعه بحجم الخطأ الذي ارتكبه بالدخول على خط الأزمة في ليبيا والرهان على ميليشيات الوفاق. ويضيف هؤلاء أن سياسة التخفيض في رواتب المرتزقة يكشف سياسة النظام التركي الذين يستغل المقاتلين لأغراضه الفردية دون الاكتراث بمصيرهم.






وأضافت الصحيفة أنه من المرجح أن تثير هذه الخطوة غضب المرتزقة السوريين، وربما الانسحاب من دعم ميليشيات الوفاق في الأيام المقبلة، نظرا لأن الإغراءات المالية التي قدمها أردوغان هي الدافع الوحيد لقدوم هذه القوات إلى طرابلس، مما سيساهم في مزيد هشاشة جبهة الميليشيات وسيعجّل بقرار الجيش الليبي الدخول إلى العاصمة الليبية طرابلس وتحريرها من الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون.

ويخوض الجيش الليبي مواجهات عسكرية في ضواحي العاصمة طرابلس منذ الرابع من أبريل الماضي، ضد القوات الموالية لحكومة الوفاق.وتمّ التوصل إلى هدنة في ليبيا في 12 يناير الماضي خلال مؤتمر عُقد في برلين، لكنها شهدت انتهاكات متكرّرة،ورغم التحذيرات الدولية لتركيا من مواصلة إرسال المرتزقة إلى ليبيا،فقد واصلت أنقرة مساعيها في تأجيج الصراع في البلاد واستمرار الاشتباكات.

وعلى ضوء تفشي فيروس كورونا في كل أرجاء المنطقة، تصاعدت الدعوات الدولية لوقف اطلاق النار في ليبيا وتوحيد الجهود لمواجهة خطر الفيروس.وأعلنت الصين انضمامها إلى النداء الدولي لجميع أطراف النزاع في ليبيا لإعلان الوقف الإنساني الفوري للقتال وكذلك وقف نقل جميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل تمكين سلطات الصحة العامة من الاستجابة لوباء كوفيد-19.

وكانت الأمم المتحدة وتسع دول د دعت في وقت سابق أطراف النزاع في ليبيا إلى وقف الأعمال العدائية من أجل تمكين الأجهزة الطبية المحلية من الاستجابة سريعاً.ودعا سفراء الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا كما وحكومتا تونس والإمارات إلى "إعلان وقف فوري وإنساني للقتال".






وأعربت السفارات عن دعمها بقوة لجهود السلطات الصحية الليبية في جميع أنحاء البلاد داعية إياها لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لدعم صحّة ورفاهية جميع الليبيين مضيفة ستمكّن مثل هذه الهدنة المقاتلين من العودة إلى ديارهم لتقديم الرعاية اللازمة للأقارب الذين قد يكونون أكثر عرضة للخطر.وأبدى أصحاب المبادرة أملهم في أن تؤدي هذه الهدنة الإنسانية إلى اتفاق قيادات كلا الطرفين الليبيين على مشروع وقف إطلاق النار، الذي يسّرته الأمم المتحدة في 23 فبراير (شباط) الماضي، والذي تم التوصل إليه في جنيف في إطار اللجنة العسكرية المشتركة الليبية "5+5"، والعودة إلى الحوار السياسي.

ولم تسجل إلى حد الآن أي إصابة بفايروس كورونا في ليبيا، إلا أن خبراء يحذّرون من أن تفشي الوباء قد يؤدي إلى تداعيات كارثية بسبب النظام الصحّي المتداعي في البلاد.وإتخذت السلطات اجراءات احترازية مع اعلان فرض حظر التجوال واغلاق الحدود الليبية مع دول الجوار لمواجهة إنتشار وباء كورونا المُستجد.

واتخذ الجيش الليبي عدة اجراءات لمواجهة أزمة انتشار الوباء،وخصصت القيادة العامة، جزء من ميزانية القوات المسلحة لتجهيز مستشفى طوارئ داخل نطاق قاعدة بنينا الجوية، لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19". وأكد مصدر عسكري لوكالة سبوتنيك أن "القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر خصص جزء من ميزانية القوات المسلحة لتجهيز مستشفى الهواري في مدينة بنغازي بعدد 100 سرير عناية فائقة.

وأكد الناطق باسم الجيش أحمد المسماري، أن القيادة العامة منذ البداية قامت بخطوات تتعلق بالأمن القومي تتمثل في تشكيل لجنة تعمل على مستوى ليبيا وتصدر بياناتها معربا عن أمله في التزام المواطنين بتوجيهها اللجنة لمواجهة وباء كورونا.وأشار المسماري، إلى أن الخط الأول في المقاومة هو تقييد الحركة إلا للضرورة وتوحيد الجهود مع الدولة لمكافحة الوباء.

وأكد المسماري، أن قيادة الجيش لديها سرايا خاصة بإدارة الكيمياء موزعة على المدن خاصة المكتظة بالسكان كبنغازي، كما قامت بتسيير بعض القوافل من سرايا الكيمياء إلى قطاعات العمليات العسكرية سواء في شرق مصراتة أو طرابلس لتعقيم وتكثيف العمل الميداني للتحصين ضد الوباء.وبين المسماري، أن الوضع في ليبيا مطمئن حيث لا توجد حالات في ليبيا معلن عنها إلى الآن مؤكدا أن استمرار هذا الوضع يقتضي ضرورة الالتزام بتعليمات المختصين.