عانت ليبيا من ويلات التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة التي أثرت بشكل كبير على الأوضاع في البلاد خلال السنوات الماضية.ومع تحرير العديد من المناطق الليبية تتجه الأنضار نحو مرحلة البناء وإعادة الحياة إلى البلاد،لكن ومع تواصل مسلسل الأخطار بات الملف الأمني يطرح نفسه كأولوية قصوى للتصدي للخروقات الأمنية.
إتفاق أمني
إلى ذلك،وفي تطور جديد يكشف مدى أهمية فرض الأمن في البلاد،ترأس مدير أمن طرابلس العميد سالم السائح قريمدة وفداً من القيادات الأمنية بالمنطقة الغربية والجنوبية، قام بزيارة إلى مدينة بنغازي التقى فيها الوفد مدير أمن بنغازي العميد عادل عبد العزيز وعدد من القيادات الأمنية بالمنطقة الشرقية.
وأوضحت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني في بيان لها السبت، أن هذه الزيارة تأتي ترتيبًا على موافقة وزيري الداخلية بحكومتي الوفاق الوطني والحكومة المؤقتة على المبادرة الوطنية التي قُدِمت لهما لتوحيد الجهود الأمنية وحلحلة كل المختنقات التي تحول دون فرض الأمن في كامل التراب الليبي.
وتأتي هذه المبادرة توحيداً للجهود الأمنية بين وزارتي الداخلية بحكومتي الوفاق الوطني والمؤقته بسبب الوضع الأمني في ليبيا، حيث اقتضت الحاجة لهذه المبادرة على أن توحد صفوف وزارة الداخلية بعيدًا عن التجاذبات السياسية، وفقًا لمكتب الإعلام الأمني بوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني.
من جهته،كشف مسؤول الإعلام بوزارة الداخلية في الحكومة الموقتة، الرائد طارق الخراز،في تصريحات إلى وسائل إعلام محلية، أن "تدهور الوضع الأمني في البلاد هو سبب هذه المبادرة"، واعتبر أن "الحاجة اقتضت توحيد صفوف وزارة الداخلية بعيدًا عن الأفرقاء السياسيين"،ورأى أن "الأزمة الأمنية في ليبيا هي الملف الأول في البلاد، وأن كثيرًا من السياسيين يتجاهلونها، وينظرون فقط للانقسام والصراع السياسي".
وأعلن الخراز حدوث "اتفاق على ربط منظومة الجنايات وتعميمها على مستوى الدولة، والتعاون بشكل مباشر بين الطرفين، بعيدًا عن المشكلات السياسية، بالإضافة إلى إعادة النظر في قانون الشرطة، وتفعيل غرفة أمنية للتواصل مع كل مناطق ليبيا.
وتثير الخطوة تساؤلات عدة بشأن الأهداف منها،ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية،عن مصدر أمني قوله، أن الخطوة التي يجرى العمل عليها الآن، ستكون نتائجها إيجابية بشكل كبير في مجمل الأراضي الليبية.وأضاف أن العمل المشترك بين وزارتي الداخلية سيساهم بشكل كبير في التحضير للعملية الانتخابية، ومواجهة الجماعات التي تسعى لعرقلة العملية بين الحين والآخر.
وتأتي هذه التطورات في وقت مازالت فيه الأوضاع الأمنية تلقى بظلالها وخاصة عقب الهجوم الإرهابي الذي إستهدف مؤخرا مقر وزارة الخارجية لحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس،والذي دفع وزير الداخلية فتحي باشاغا، الثلاثاء الماضي،للإعلان عن فشل وزارته في تنفيذ وفرض خطة الترتيبات الأمنية في طرابلس بسبب استمرار تنفّذ سلطة المليشيات في المدينة.
وتعيش ليبيا فوضى أمنية وسياسية منذ العام 2011،وقد أدت هذه الفوضى إلى تصاعد نفوذ الميليشيات المسلحة وتزايد سطوتها في البلاد. كما شهدت العاصمة الليبية طرابلس بين شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر الماضيين مواجهات بين مجموعات مسلحة متناحرة، أسفرت عن سقوط أكثر من 60 قتيلًا.
تأمين بنغازي
ويبدو أن الأوضاع الأمنية في المدن الليبية ساهمت في تسريع التقارب،حيث تأتي زيارة وفد وزارة داخلية الوفاق إلى بنغازي،مع إصدار القائد العام المشير خليفة حفتر،تعليماته إلى قوات الجيش الوطني الليبي، بضرورة دعم تنفيذ الخطة الأمنية في مدينة بنغازي، وطالب باطلاعه على مستجداتها.بحسب ما أكد مكتب إعلام القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية.
وجاء ذلك خلال اجتماع عقده خليفة حفتر اليوم السبت، بمقر القيادة العامة بمنطقة الرجمة شرق بنغازي، ضم كلاً من رئيس الأركان العامة الفريق عبدالرازق الناظوري، ورئيس ركن السلاح الجوي اللواء صقر الجروشي، ووزير الداخلية بالحكومة الموقتة المستشار إبراهيم بوشناف.
وأوضح مكتب إعلام القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عبر صفحته على فيس بوك، أن المشير حفتر اطلع خلال الاجتماع "على سير الخطة الأمنية لتأمين مدينة بنغازي خلال اجتماع برئيس الأركان العامة، ورئيس ركن السلاح الجوي، ووزير الداخلية"، مشيراً إلى أنه أصدر "تعليماته بدعم الخطة من قبل الجيش وإطلاعه على مستجداتها".
يشار إلى أن وزير الداخلية للحكومة الليبية المؤقتة إبراهيم أبو شناف قد أعلن،منتصف الشهر الجاري، حالة الطوارئ القصوى بمدينة بنغازي شرقي البلاد لمدة ثلاثة أشهر وتنفيذ خطة أمنية جديدة تبدأ بتطويق المداخل الرئيسية للمدينة وانتشار ليلي داخلهاوهذه الخطة الأمنية برئاسة مدير مديرية أمن الجبل الأخضر العقيد خالط البسطة بالتنسيق مع مديريات الأمن بنغازي والبيضاء والمرج وطبرق وأجدابيا حيث شكلت غرفة عمليات يشرف عليها وزير الداخلية الليبي مباشرةً تعمل على مدار الساعة.
هذا وقد شهدت مدينة بنغازي خلال الفترة الأخير جرائم جنائية وعمليات سطو مسلح، حيث ارتفعت معدلات حوادث السطو المسلح في الآونة الأخيرة، خصوصاً في أحياء شرق بنغازي، بين الاعتداء على العمالة الوافدة واقتحام المحال التجارية بقوة السلاح من قبل الخارجين عن القانون.
ومع تصاعد تحديات الأزمة الليبية في ظل واقع ليبي مُعقد ومتشعب يتصاعد تفاؤل حذر بإمكانية تجاوز العقبات التي تحول دون تكريس التفاهم الذي يقود إلى تسوية شاملة تُنهي المأزق الليبي خلال الفترة القادمة،خاصة في ظل الجهود المبذولة محليا ودوليا لحلحلة الأزمة التي ازدادت تعقيدا بدخول أطراف متعددة إقليمية ودولية، تتباين مصالحها في هذا البلد الغني بالثروات.
ويؤكد المتابعون للشأن الليبي على ضرورة العمل على توحيد الجهود بين جميع الأطراف من أجل الوفاء بالمتطلبات الأمنية ومكافحة الإرهاب فى كل ربوع ليبيا،حيث ستوفر هذه الخطوة فرصة حقيقية لتسوية شاملة في ليبيا ونقطة البداية لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.حيث يأمل الليبيون فى استعادة وطنهم من المتطرفين والميليشيات المسلحة والبدء فى نهضة حقيقية فى البلاد نحو مستقبل أفضل.