بالتزامن مع إعلان تشكيل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا،لوحت بعض الدول الغربية باقتراب التدخل العسكري في البلاد، بحجة التصدي للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الإرهابي "داعش".سعيا إلى تضييق الخناق على التنظيم -الذي بات يجاري بسرعة الأحداث المتوالية ويسعى للتواجد في منطقة الهلال النفطي -وتجفيف منابعه والحد من قدرته على تنفيذ هجمات في تونس والجزائر والمغرب وأوروبا

وعبرت قوى دولية وإقليمية عن استعدادها للتدخل العسكري في ليبيا بعد تعاظم نفوذ داعش فيها،وتشير جميع المعطيات المتوفرة إلى قرب قيام قوات دولية بتدخل عسكري في ليبيا لدحر معاقل داعش الذي تمكن من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها. فقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على عدة مناطق ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا.وكان الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أكد أن هناك حاجة للقيام بتحرك عسكري عاجل وحاسم لوقف انتشار تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، محذرا من أن التنظيم يريد أن يستخدم ليبيا كقاعدة إقليمية. وأبدت إيطاليا بدورها منذ عدة أشهر استعدادها لتولي قيادة تدخل عسكري بري في ليبيا لدحر المتشددين، غير أنها تشترط من أجل ذلك الحصول على ضوء أخضر من الأمم المتحدة ومن السلطات الوطنية المعترف بها، كما ألمحت فرنسا في مناسبات عديدة إلى إمكانية التدخل عسكريا في ليبيا لضرب معاقل داعش في مدينة سرت والمناطق المحيطة بها.

وكشفت صحيفة "الشروق" الجزائرية أن عمليات عسكرية غربية ضد معاقل داعش في ليبيا مرتقبة في غضون شهر إلى 45 يوم من الآن، نظرا لتفاقم القلق من هذا التنظيم المتنامي على البحر المتوسط. ونقلت الصحيفة، عن مصادر، أن ما كان يعيق التدخل العسكري هو تشكيل حكومة التوافق الوطني التي تحظى بدعم دولي وأممي واعتراف مجلس الأمن، لافتين إلى أنه من خلال الحكومة الجديدة سيتم دعوة المجتمع الدولي إلى التدخل العسكري في ليبيا، بعد استكمال كافة التحضيرات المادية للعمليات الجوية على معاقل التنظيم في ليبيا. سيقود التدخل الجوي في ليبيا، كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بدعم لوجيستي من دول الجوار. وأشارت المصادر أيضا بحسب الصحيفة، إلى أن أبو بكر البغدادي عين مؤخرا أميرا جديدا للتنظيم في الأراضي الليبية، بعد مقتل الأمير السابق أبو نبيل الأنباري في غارة جوية للقوات الأمريكية، موضحة أن الأمير الجديد هو أبي عامر السعودي، وهو سعودي الجنسية غير معروف سابقا في النشاط الإرهابي. يأتي تعيين أمير جديد للتنظيم كمؤشر آخر لـ"داعش" يخص الاستقرار في ليبيا وتأمين أماكن لقيادات التنظيم إن اشتدّ عليها الخناق في سوريا والعراق بفضل التدخُّل الروسي والنجاحات التي يحققها الجيش السوري.

وبالإضافة إلى الوضع الإنساني، فإن الوضع السياسي في ليبيا صعب جدا واعتبر مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى ليبيا، الإسباني برناردينو ليون، أن ليبيا "دولة فاشلة" مبينًا أنها "ستظل كذلك لفترة طويلة"؛ لأن الصراعات التي تشهدها "عمقت الثغرات في المنطقة".وقال ليون، في تصريحات نقلها موقع"لا أنفورماسيون" الإسباني،الاثنين 25 يناير 2016 ، إن"إسبانيا لم تدرك أن تنظيم داعش أصبح قريبًا للغاية"، في إشارة إلى سيطرة التنظيم المتطرف على جزء كبير من الساحل الليبي وسط البلاد.ورأى ليون أن إعلان المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تضم 32 وزيرًا في إطار الاتفاق السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية، يمثل"انتصارًا لخيار السلام" الذي يعتبره حلاً وحيدًا للأزمة الليبية.وأشار المبعوث الأممي السابق إلى أن ليبيا تحتاج خلال المرحلة الراهنة إلى الاستخبارات والتنسيق والتدريب والتهدئة، داعيًا المجتمع الدولي إلى إداراك ما تحتاجه ليبيا خلال المرحلة الراهنة.

هذا وعقد مجلس النواب الليبي الاثنين 25 يناير الجاري جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني التي أعلن تشكيلها بموجب اتفاق سلام رعته الأمم المتحدة لإنهاء النزاع الدائر منذ عدة سنوات. ورفض أعضاء مجلس النواب منح الثقة لحكومة السراج، وصوت 89 عضوًا من أصل 104 برفض منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني في جلسة اليوم.وقال عيسى عبد القيوم، مستشار رئيس البرلمان الليبي السابق،خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "غرفة الأخبار"على قناة "سي بي سي إكسترا"إن المجلس الرئاسي الليبي، برئاسة فايز فراج، ارتكب أخطاء كارثيه، من خلال مجاملته المليشيات وقوى الإسلام السياسي في ليبيا أثناء اختياره لأعضاء حكومة الوفاق الليبي، مشيرًا إلى أن رفض البرلمان الليبي حكومة الوفاق الوطني يعيد ليبيا إلى نقطة الصفر.

ووفق المتابعين فإن حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، برئاسة رجل الأعمال الليبي فائز السراج، هي بمثابة حكومة عرجاء بتشكيلتها الحالية، وأنه من الأفضل تعديلها والمضي قدماً في الحوار، والخروج بليبيا من هذا المنزلق الخطير من خلال الحوار الليبي، برعاية الأمم المتحدة ودول الإقليم.كما يستدعي الوضع في ليبيا تضافر جهود المجتمع الدولي،ودعم الجيش الليبي في حربه ضدّ التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدّة أهمها أن قرارا مماثلا سيكثّف حالة الفوضى وسيحوّل ليبيا إلى خزّان للأسلحة التي من المرجح أن يستفيد منها المتشددون.