محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، والفشل في التوصّل إلى اتفاق سياسي بين جميع الأطراف يبدو أنها الذريعة التي ستحول الصراع الدولي في سورية إلى ليبيا.ويبدو أن خشية الأوروبيين من تهديد "داعش ليبيا"تتصاعد يوما بعد آخر في ظل بدء التنظيم في توسيع شبكة مقاتليه وجذب العديد من المتطرفين الأجانب إلى معقله شمالي إفريقيا

وتتسارع بلدان الناتو في إصدار التصريحات حول إطلاق عملية دولية لمكافحة "داعش" ولكن في ليبيا هذه المرة،حيث يجمع الكثير من المراقبين على أن الناتو قد تخلى عن خططه تجاه سوريا ويحضر لنقل "نشاطه" إلى ليبيا بذريعة مكافحة "داعش".ويتفق الغرب على أن التنظيم يشكل خطرًا جسيمًا على الشرق الأوسط وأوروبا، وعلى حتمية التحرك قريبًا لاستئصاله من ليبيا قبل أن ينتشر خطره في العالم وأوروبا بصفة خاصة.وعلى ما يبدو أن استغراق الغرب لمدة طويلة في الاستكشاف الجوي لمواقع التنظيم الإرهابي في ليبيا، سيؤدي إلى سهولة دك معاقل التنظيم في المدن الليبية،حيث تبحث دول الغرب المتمثلة في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، مع تونس والجزائر ومصر، تسهيل عملية التدخل العسكري في ليبيا، كما أن القوات الفرنسية والأمريكية تنتظر انتهاء عمليات الاستطلاع، التي تُنَفذ منذ عدة أسابيع في ليبيا باستعمال عدة وسائل منها أقمار صناعية ووسائل تنصت وطائرات تجسس مأهولة وأخرى بدون طيار

خطر داعش

المخاوف المتجددة بدأت مع سعي التنظيم لإنشاء مركز جديد له في مدينة سرت خاصة بعد الضربات المتتالية التي تشنها دول التحالف بقيادة الولايات ضد التنظيم في سوريا والعراق.وهذا الفرع الناشئ في ليبيا يبدو أنه يجهد لضم مقاتلين أجانب إلى صفوفه،وذكرت مجلة "كناك" البلجيكية الأربعاء 10 فبراير 2016، أن الشرطة البلجيكية اعتقلت رجلًا بلجيكيا من أصول مغربية كان في طريقه إلى ليبيا، وهو ما أكده لاحقًا مدعي النيابة العام البلجيكي لوسائل الإعلام المحلية.ونقلت الصحيفة عن إحدى أهم المؤسسات الاستشارية في مجال الإرهاب "جلوبال"، تحذيراتها من التهديد المتصاعد في ليبيا من قبل داعش، والذي بدأ حسب قولها يؤسس لدولة قوية مشيرة إلى أن هناك ما يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل من داعش يتمركزون الآن في سرت الليبية.

فشل سياسي

 تتأزم الأوضاع يومًا بعد الآخر،في ظل حالة الارتباك التي يشهدها الحل السياسي في ليبيا.ويبدو أن حكومة الوفاق الوطني أصبحت مهددة بالفشل في ظل الصراعات الداخلية علي المناصب السيادية والتي لها دور مهم في مواجهة الإرهاب المتوغل في ليبيا حيث تقف العقبة أمام الحكومة في الخلاف حول الشخصية التي ستتولى وزارة الدفاع،والتي اقترح عضو المجلس الرئاسي عمر الأسود أن تُسند لرئاسة مجلس الوزراء دون غيره، في حين اقترح علي القطراني أن تظل الحقيبة شاغرة إلى حين تعيين شخصية توافقية، أو أن يتم تقاسمها بين خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي.وكان البرلمان الليبي، رفض الأسبوع الماضي، منح الثقة لحكومة الوفاق التي يرأسها السراج، مطالبًا بتقليص عدد الحقائب الوزارية في الحكومة وتعديل المادة 8 من الاتفاق السياسي، والتي تخص المناصب العسكرية.

روسيا على الخط

عقب اندلاع العمليات العسكرية الروسية ضد معاقل تنظيم "داعش" وعدة فصائل مسلحة في الأراضي السورية اتسعت دائرة التحليلات لتطرح سيناريوهات محتملة لتدخل عسكري روسي في ليبيا،وفي فبراير 2015 توقعت مصادر صحافية قريبة من القرار في الكرملين أن تشارك روسيا بجهود التهدئة في ليبيا، مؤكدة قدرتها على تشكيل "تحالف دولي" لمكافحة الإرهاب، مشيرة إلى أن المصالح الأمنية والاستراتيجية لروسيا مرتبطة بشكل كبير بتطور الأوضاع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وأشار حفتر في تصريحات أدلى بها قبل شهرين، إلى أن "ليبيا تعاني من خطر التهديدات الإرهابية نفسها، وأن الضربات الروسية في سوريا، كشفت عن إرادة حقيقية وصادقة للقضاء على الإرهاب والتطرف". كما عبّر حفتر، عن تأييده "دعم أي دولة تتقدم لمساعدة ليبيا في مكافحة الإرهاب، خصوصاً روسيا.مع العلم أن السفير الروسي لدى ليبيا إيفان مولوتكوف، خرج يوم الاثنين، ليُعبّر بوضوح عن رغبة بلاده في إمداد ليبيا بالأسلحة اللازمة لمكافحة الإرهاب.وقال مولوتكوف في حديث لوكالة "نوفوستي" الروسية، إن روسيا ستكون مستعدة لاستئناف تصدير المعدات العسكرية وتقديم مساعدات أخرى لمحاربة تنظيم "داعش" حال بدأت حكومة الوفاق الوطني عملها في ليبيا.وذكرت وسائل اعلام روسية، أن "فيتالي تشوركين، ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أكد إمكانية مشاركة روسيا في تحالف دولي ضد الإرهاب في ليبيا، حين قال:"من وجهة نظر سياسية، إن روسيا شاركت في العمليات قبالة سواحل الصومال، فلماذا لا يمكنها أن تشارك في البحر الأبيض المتوسط".

وباتت الأوضاع في ليبيا، في غاية الخطورة،مع تنامي التنظيم الإرهابي "داعش" على الأراضي الليبية،ويتفق الغرب على خطر التنظيم على الشرق الأوسط وعلى أوروبا، وعلى حتمية التحرك قريبا لاستئصاله من ليبيا قبل أن يستفحل خطره في العالم وأوروبا بصفة خاصة. ومن هذا المنطلق، اجتمع ممثلون عن ثلاث وعشرين دولة من التحالف الدولي في العاصمة الإيطالية روما في الـ2 من فبراير، لمراجعة خطط مواجهة تنظيم داعش في سوريا والعراق وبحث سبل وقف تمدده إلى مناطق جديدة في ليبيا حيث يتخوف المسؤولون الغربيون من استيلاء التنظيم على الموارد النفطية للبلاد ويبسط بذلك خلافته المزعومة.وأصبح على الغرب أن يضع قدمه على أعتاب ليبيا، وفق متابعين؛ حيث يخطط لتدخل بري ضد التنظيم، سيتم الإعلان عنه فور الانتهاء من المشاورات التي تجري حاليًا في عواصم الدول المجاورة.