بينما ينصب الاهتمام العالمي على محادثات السلام السورية الهشة، تدور لعبة دبلوماسية كبرى في الواقع في ليبيا حيث يستمر انقسام حكومتي طرابلس وطبرق. هذا البلد الذي مزقته الحرب ، يشكل أيضا ساحة جيوسياسية بين أوروبا الغربية والشرق العربي، حيث تسعى روسيا للوقوف في الوسط. هل من الممكن التوصل إلى حل وسط مقبول على حد سواء محليا ودوليا؟ لمناقشة هذا، ينضم إلينا محمد الدايري، وزير الشؤون الخارجية الليبي الذي يمثل السلطات في طبرق.

-المذيعة : يشرفني أن أستضيفك في هذا البرنامج .. شكرا لوقتك سيدي الوزير
-الدايري: شكرا لكم على الاستضافة

-المذيعة: السيد الوزير ، رغم أحاديث المصالحة الجانبية، كل طرف في ليبيا يسعى لأن تكون لديه اليد العليا ..لماذا من الصعب على الليبيين والفاعلين الدوليين إيجاد حل وسط ؟
-الدايري: أعتقد أن ما شهدته ليبيا منذ 2011 ، أنه بات لدينا معسكران سياسيان ، معسكر مع إعادة سلطة الدولة ونشر الديمقراطية وحرية التعبير وتوفير الأساسيات بالنسبة للمواطن كالصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية والبنيات التحتية التي يحتاجها الليبيون ، وعلى الطرف الآخر لدينا أناس روّجوا للأسف لأهداف أخرى ، أو ما يسمى بالأهداف الثورية ، ما أدى إلى استقطاب ودعم بعض الإرهابيين من خارج ليبيا في 2012 و2014 وإلى تحدي سلطة الدولة مع عملية الفجر التي بدأت في أغسطس 2011.

-المذيعة: أعذرني سيدي على مقاطعتك .. أنت تقصد بالجهة التي تريد إعادة سلطة الدولة حكومة طبرق ، ولكن أنا متأكدة أن منافسيك في طرابلس سيقولون نفس الشيء وأنهم يريدون مصلحة ليبيا. نتحدث عن هذا بعد فشل مصر في الجمع بين حفتر والسراج في لقاء مباشر.. لماذا لم يستطيعا اللقاء من أجل الليبيين الذين يريدون -كما ستتفقون معي - تجاوز هذه الفرقة والخلافات ؟
-الدايري: الموضوع يتعلق بهذا الأمر الأساسي الذي أشرت إليه سابقا، إنه يتعلق بالسلطة على الجيش الوطني الليبي وبمكافحة الإرهاب ، وهو أمر محوري . من المهم أن يكون الجيش مستقلا عن أي طرف من المعسكر الآخر يرغب بفرض سيطرته عليه، وأن يكون فاعلًا عند التوصل إلى اتفاق سياسي. ونريد موقفا واضحا من الإرهاب وأن يتبرأ منه إخواننا في الجانب الآخر. هناك مواطنون شجعان يكافحون الإرهاب في سرت، ولكن البعض ذهب إلى الجفرة في وسط ليبيا إلى ما يسمى كتائب الدفاع عن بنغازي المدعومة علنا من القاعدة.. إذن الموقف من الإرهاب مهم.

-المذيعة: سيدي الوزير بالنسبة للجيش الليبي وبالمناسبة لا بد من الإتيان على ذكر خفتر . ماذا ترون هل لديه دور ما أن له كل الدور؟
-الدايري: في ما يتعلق بقيادة الجيش الوطني ، هناك إجماع على تسليمها للجنرال حفتر.. ومع ذلك لدينا نقطة أساسية عندما يتعلق الأمر بمنصب القائد الأعلى/ السلطة العليا . في جميع أنحاء العالم ، هناك شخص واحد هو الذي يتولى ذلك المنصب، ونحن واثقون من أن رئيس مجلس النواب الذي انتخب من الشعب قادر على أن يلعب هذا الدور ، ولكن الخوف هو أن يؤول هذا المنصب إلى أشخاص كانت لديهم تصريحات حارقة ضد الجيش الوطني الليبي العام الماضي وضد حفتر.. يمكنك أن تتذكري أن الجنرال حفتر عقدا مؤتمرا صحفيا قبل التوقيع على اتفاق الصخيرات وأبدى دعمه للاتفاق السياسي الليبي ولكن بعد ذلك شهدنا تصعيدا ناريا من الجانب الآخر .

-المذيعة: روسيا تدعم حفتر والسراج .. هل تعتقد أن موسكو قادرة على إقناع الأخير بتقاسم بعض سلطاته والخروج بموقف يرضي القائدين ؟
-الدايري: منذ زيارتنا لموسكو في 2015 ، عرفنا بوضوح الموقف الروسي.. فمن جهة موسكو تدعم دور الجنرال حفتر في مكافحة الإرهاب في ليبيا خاصة في شرق البلاد ، ومن جهة ثانية كان الروس واضحين في أنهم يدعمون تسوية سياسية. لهذا نحن نرحب بالجهود الروسية. وما ينقصنا في مواقف أطراف دولية هو هذا الالتزام بمكافحة الإرهاب ووضع حد للفوضى في ليبيا خاصة في الجزء الغربي منها.

-المذيعة: أتفق معك .. لكن السراج مدعوم بقوة من الغرب خاصة أوروبا، ومن مجموعات مسلحة في الغرب الليبي كما قلت -الدايري: أعتقد أن ما نحتاجه هو جهد إقليمي ودولي .. هناك جهد إقليمي تقوم به مصر والجزائر وتونس التي بالمناسبة يمكنها أن تحتضن هذا الشهر اجتماعا شبيها بذلك الذي احتضنته قبل أيام. نتمنى أن تقود جهود هذه الدول الثلاثة مدعومة من روسيا والولايات المتحدة وأوروبا إلى تحقيق ترتيبات أمنية لطرابلس ، ترتيبات لا يمكن لأي اتفاق أن ينجح في غيابها.

-المذيعة: هل تعتقدون أنه يمكن توفير هذا القانون والنظام لطرابلس عن طريق نوع من القوة الخارجية برعاية مصر وتونس مثلا ، وهل تعتقدون أن التوصل إلى تسوية سياسية من شأنه أن يحل المشكلة ؟
-الدايري: لهذا نحتاج إلى سياسة العصا والجزرة مع بعض الجماعات .. لا يمكننا التطلع إلى اتفاق وترتيبات أمنية تضي الجميع ، لأننا نعرف أن بعض المجموعات الصغيرة لن تقبل بهذه التغييرات لأنها ستكون خاسرة على الأرض وخاسرة للتمويل والنفوذ.. نريد ، لذلك، الضغط من وسطاء إقليميين ودوليين و ممارسة النفوذ المناسب حتى تصبح لدينا حكومة وظيفية واتفاق يمكن تطبيقه.

-المذيعة: السيد الوزير .. اسمح لي أن أرى إن كنت فهمتك جيدا .. عندما تتحدث عن نفوذ تعني الضغط الدبلوماسي أو تدخل قوات للدول التي ذكرتها لدحر الميليشيا ؟
-الدايري:  لا أتحدث عن قوات اقليمية أو دولية .. أتحدث عن عقوبات يمكن تنفيذها. نعرف أن أوروبا فرضت عقوبات السنة الماضية ولكنها عقوبات رخوة ، نريد ضغوطا حقيقية للحصول على نتائج سياسية بكل الوسائل. ونريد رفع حظر الأسلحة  ليتمكن الجيش الوطني الليبي من قتال الإرهابيين كما ينبغي، كما فعل في بنغازي وسرت. السياسة التي تنهجها بعض الدول الإقليمية والدولية منذ عام 2011 لاحتواء الجماعات الإرهابية من خلال إشراكها في العملية السياسية أثبتت فشلها. 

 -المذيعة: واحد من مخاوف أوروبا بالخصوص ، كما تقول الغارديان، هو أن تخلق روسيا محورا من رجالاتها من سوريا مرورا بمصر وصولا إلى ليبيا  ، في الحكم  .... ألا يشكل ذلك قلقا ؟
-الدايري: لا أعتقد . لأنه كما نعرف أن روسيا في الماضي استقبلت نائب رئيس حكومة الوفاق السيد معيتيق والآن تستقبل السراج.. روسيا مخلصة إذن في جهودها لإيجاد حل في ليبيا.وهي تدرك قلقنا بأن ليبيا تحتاج لديمقراطية ولحرب ضد الإرهاب. ونحن نعلم أن ليبيا أصبحت مرتعا لهذا المجموعات منذ 2011 وساءت الأمور كما قلت. لذلك ، روسيا مصر وإلى حد فرنسا واضحة، بشأن ضرورة مكافحة الإرهاب لكن مع أناس مناسبين في ليبيا ، كالجنرال حفتر والذين كانوا في مقدمة الحرب على الإرهاب .

 

*الموقع الإنجليزي

** بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات والمقابلات المترجمة