مع انسداد الأفاق أمام التسوية السياسية وثبوت فشل تنفيذ الاتفاق السياسي وعناد الفرقاء الليبيين وتمسك كل طرف بالشروط التي تلبي مطالبه جاءت حرب طرابلس التي انطلقت في شهر أبريل الماضي في واقع يؤشر بقرب اندلاع الحرب الأهلية سيما مع تزايد الاتهامات بين معسكر السراج و حفتر وتهديد كل منهما بتوسيع الحرب لتشمل مدن أخرى غير طرابلس.
ويشهد الصراع الليبي تحولا  ملحوظا إلى حرب بالوكالة بين قوى أجنبية تدعم جماعات مسلحة مختلفة منذ أحداث سنة 2011.
وتتزايد أعداد القتلى والجرحى الذين تستقبلهم المستشفيات الميدانية والمشافي في شرق ليبيا وغربها، كلما ازدادت محاور القتال سخونة.
وتزامناً من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فرض الشريكان الرئيسيان في العملية السياسية، شروطهما للحوار مجدّداً؛ إذ رأى فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ"الجيش الوطني" المناوئ للمجلس "ليس شريكاً في أي عملية سياسية مقبلة، وأنهم لن يجلسوا معه ثانية".
وتابع السراج، أن "مسألة الحوار والعودة للمسار السياسي يجب أن تكون وفق آليات جديدة، وأن تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها الاعتداء بعد 4 أبريل"، وهو التاريخ الذي أطلق فيه حفتر العملية العسكرية لـتحرير طرابلس من سطوة الميليشيات.
 وبدا أن السراج في كلمته معبراً عن تيار مساند له في غرب البلاد، قوامه الإسلام السياسي بجميع أصنافه.
في المقابل، حفتر، الذي استبق اجتماع وزراء خارجية الدول المعنية بليبيا في نيويورك، تحدث للمرة الأولى منذ بدء عملية طرابلس، عن "انفتاحه على الحوار" والعملية السياسية في البلاد، متحدثاً عن صعوبة توفير المناخ اللازم. وقال إن "العملية الديمقراطية التي ينشدها الشعب الليبي كانت، وما زالت، تصطدم بمعارضة المجموعات الإرهابية والميليشيات الإجرامية المسلحة التي تسيطر على القرار الأمني والاقتصادي في العاصمة طرابلس".
وذهب حفتر في بيان، إلى أنه "في نهاية المطاف لا بد من الحوار والجلوس، ولا بد من العملية السياسية أن تكون لها مكانتها، ولا بد من الحوار الوطني الشامل الذي يحافظ على الوحدة الوطنية للتراب الليبي". وتطرّق إلى فرص إجراء انتخابات فقال: إن "إجراء الانتخابات أمر مستحيل قبل القضاء على تلك المجموعات وتفكيكها وجمع السلاح». وأنهى بيانه بالتأكيد على "الحوار الضامن لوحدة البلاد وتوحيد مؤسساتها"، لكن "لا مجال أمامه طالما بقيت المجموعات الإرهابية والميليشيات تسيطر على مقاليد ومناحي الحياة في طرابلس".
واجتمعت تلك الدول بما فيها إيطاليا وألمانيا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة- التي توجد بينها خلافات أيضا في ليبيا، بهدف كسر الجمود وتمكين خطة سلام للأمم المتحدة من المضي قدما.
في ذات السياق،قال فتحي المجبري، عضو المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الليبي ( الذي علق عضويته في وقت سابق حتى الآن)، إن الدعوة الألمانية تختلف عن الدعوات السابقة كونها دعت لاجتماع الأطراف المعنية بالأزمة الليبية، وأعضاء المجتمع الدولي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"،الخميس، أن الليبيين غير مدعوين للاجتماع، وأن هذا التعاطي يتعامل مع التنافس الدولي والإقليمي مع ليبيا، وأن الآمال الليبية تعقد على أن يخلص المؤتمر لمنع التدخلات السلبية في الأزمة الليبية.
من ناحيته، قال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، عثمان بركة، إن المجتمع الدولي لم يرتق إلى مستوى المسؤولية بعد، خاصة في دعوة الدول الداعمة للإرهاب في ليبيا إلى هذه المؤتمرات.
من جانب آخر،ويرى مراقبون أن عدم تحقيق تقدم جوهري لأيٍ من أطراف الصراع على مشارف طرابلس سيقوّي فرص اللجوء إلى الحل السياسي في ظل الضغوط الدولية لإجبار الليبيين على الجلوس إلى طاولة الحوار.
ويبقى رهان الجلوس إلى طاولة الحوار بين الفرقاء الليبيين، بحسب حفتر، صعبا في ظل سيطرة الجماعات المسلحة على طرابلس وارتهان رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج لميليشيات خارجة عن القانون.