تطرق الصحفي الألماني فاليري شتوكر في تقرير نشره موقع قناة دويتشه فيله بعنوان العضلات السياسية تصطدم بسلاح الكتائب في ليبيا إلى مرور ثلاث سنوات على التخلص من نظام معمر القذافي بدون أن يتحقق حلمهم بالدولة الديمقراطية الذي مازال معلقا بين مؤسسات الدولة من مؤتمر وطني وحكومة من جهة ، والكتائب من جهة أخرى ما يؤخر تحقيق حلم الناس بالدولة.

وكان من المفترض أن تعتبر الذكرى الثالثة لسقوط نظام العقيد معمر القذافي سببا للفرحة بالنسبة لليبيين الذين حلموا بإنشاء دولة ديمقراطية بعد أربعين عاما من حكم دكتاتوري على حد تعبيره. لكن كثير من الليبيين لا يرون سببا للفرحة اليوم، فالواقع يقول شيئا آخر تماما، حيث تنعم الكتائب بحصانة من المطاردة القضائية ، وخطة إعادة بناء الدولة الليبية معلقة لأجل غير معلوم، ومنذ أسابيع يطالب متظاهرون بحل البرلمان بسبب فشل أعضائه واستغلالهم للسلطة.

ويعكس القلق الشعبي طبيعة الخطر في ليبيا فالأزمة السياسية وصلت إلى مرحلة التأزم، حيث ينقسم المؤتمر العام الذي انتخب عام 2012 بين جبهتين رئيستين، الأولى ممثلة بالإسلاميين والثوار، الذين يطالبون بسلطة أكبر للدين وسلطة أوسع للثوار الذين أسقطوا القذافي، والثانية ممثلة بالليبراليين الوطنيين والذين يريدون الحفاظ على الوضع الحالي وتقليص سيطرة الإخوان المسلمين في ليبيا.

انقسام :

وبدأ الانقسام بين الجبهتين بعد نقاشات قانون العزل السياسي لأنصار نظام معمر القذافي والذي أدى إلى احتلال مبنى المجلس الوطني من قبل الكتائب بداية عام 2013، واليوم يزداد الانقسام بسبب محاولات الإسلاميين دفع الحكومة الحالية للاستقالة فضلا عن إقرار البرلمان تمديد فترته البرلمانية قبل انتهائها في السابع من فبراير 2014.

ووصف رئيس حزب "تحالف الليبراليين الأحرار" عبد المجيد مليقطة القرار بغير القانوني واتهم الجهة الأخرى بالابتزاز، ويبدو أن رئاسة الحزب حاولت الوصول إلى حل وسط من خلال التصويت على قانون العزل مقابل الإبقاء على الحكومة، وبهذا ستكون فرصة مؤسس الحزب محمود جبريل أفضل خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة وأنه واحد من الساسة القلائل ممن يملكون شعبية في ليبيا.

ويظهر الانقسام السياسي بين الجبهتين على الشارع الليبي أيضا، مهددا وحدة المجتمع، فكلا الجبهتين تحاول استغلال قوة الكتائب لصالحها، معززة من نفوذها السياسي.

وفي خضم هذا الصخب انتخب الليبيون في العشرين من فبراير لجنة صياغة الدستور التي تضم 60 عضوا، ويتعين عليها الانتهاء من وضع مسودة الدستور خلال 120 يوما، وسيقسم أعضاء اللجنة بالتساوي على مناطق ليبيا الثلاث ، وهي طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان في الجنوب، وإذا لم تتمكن اللجنة من صياغة الدستور وضعت الدولة خطة أخرى في هذه الحالة. وتقضي الخطة بتكليف مفوضية الانتخابات الاستعداد لإجراء انتخابات أخرى، أي مؤتمر وطني عام جديد ليتولى تسيير المرحلة الانتقالية الثالثة إلى أن يتم تجهيز الدستور، وفي محاولة منه لتخفيف ضغط الرأي العام المستاء من أداء الساسة والمجلس الوطني وعد رئيس المجلس نوري بوسهمين خلال الاحتفال بعيد الثورة بأن "تجرى الانتخابات  في أقرب وقت ممكن".

تململ:

لكن هناك من ينتقد هذه التصريحات واصفا إياها بغير الكافية  كما توجد خشية من فرض مصالح "القوى السياسية والميلشيوية" في الدستور المزمع كتابته، وتوضح نسبة المشاركة في انتخابات لجنة صياغة الدستور والتي بلغت 12 بالمائة فقط، مدى الاستياء العام من الأداء السياسي في البلد، وحتى التحضيرات لانتخاب لجنة صياغة الدستور كانت غير كافية مثلما تقول المرشحة أسماء الأسطى عن إحدى دوائر طرابلس "من دون دعم الدولة لا يمكن إجراء حملة انتخابية مقبولة، فأغلب الناس لا يعرفون من ينتخبون