بعد عامين من التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية يهدف إلى إنهاء الانقسامات العميقة بين الجانبين المتصارعين في ليبيا، لا تزال البلاد غارقة في الأزمة بدون حل في الأفق.

وقد أحيت اتفاقية الوساطة التي أبرمتها الأمم المتحدة في المغرب في ديسمبر 2015، والتي أنشئت بموجبها حكومة الوفاق الوطني، عن آمالا في تخفيف الفوضى التي أعقبت ثورة عام 2011.

بيد أن ليبيا ظلت منقسمة بسبب التناحر بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة رئيس الوزراء فايز السراج وإدارة منافسة يدعمها الرجل العسكري القوي خليفة حفتر في الشرق.

ويبقى موقف حكومة الوفاق الوطني مهددا بمزيد من التقويض بسبب انتهاء ولايتها - التي ينص اتفاق عام 2015 على أن تستغرق عاما وتُجدد مرة واحدة - في 17 ديسمبر / كانون الأول.

ويقول الخبراء إن الاتفاق ، وبدلا من شفاء الندوب ، عمّق بالفعل التوترات في الدولة الواقعة في شمال افريقيا. وقالت فيديريكا سيني فاسانوتي المحلل في مؤسسة بروكينغز التي مقرها واشنطن: “أعتقد أنه لم يكن الحل الحقيقي للبلاد".

وأضافت أن الاتفاق "لم يعترف به الشعب الليبي مطلقا".

وقد أعقبت سنواتٌ من الاضطرابات السياسية عملية الإطاحة وقتل القائد الليبي معمر القذافي في ثورة عام 2011.

وقد استغل المهربون حالة الفوضى لتحويل البلاد إلى بوابة رئيسية للمهاجرين المتوجهين إلى أوروبا، في حين وجد جهاديو تنظيم داعش موطئ قدم في البلاد.

وفي أحدث مؤشر لحالة الانفلات في البلاد، قتل رئيس بلدية مدينة مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية على يد مهاجمين مجهولين اختطفوه يوم الأحد لدى عودته من رحلة رسمية في الخارج.

"نقطة تحول خطرة"

ومنذ وصولها إلى طرابلس في مارس 2016، أخفقت حكومة الوفاق في بسط سلطتها على أجزاء كبيرة من البلاد، التي تسيطر عليها عشرات الميليشيات ذات الولاءات المتغيرة.

وقد كانت شرعية الحكومة محل تشكيك منذ البداية من قبل منافسيها ولم تتمكن من الحصول على تصويت الثقة من قبل البرلمان المنتخب الليبي في شرق البلاد.

وقال حفتر، الذي لم يعترف قط بسلطة حكومة الوفاق، يوم الأحد أن "انتهاء الاتفاق السياسي الليبي" في 17 ديسمبر هو بمثابة "نقطة تحول تاريخية وخطيرة".

وقال "إن جميع الهيئات الناتجة عن هذا الاتفاق تفقد شرعيتها تلقائيا، التي تم الاعتراض عليها منذ اليوم الأول الذي تولت فيه مهامها".

إلا أن سيني فاسانوتي لا ترى تداعيات كبيرة لنهاية ولاية حكومة الوفاق.

وأضافت أن "حكومة الوفاق في رأيي لم تكن قط فاعلا سياسيا حقيقيا في ليبيا، لذلك لا أعتقد أن الوضع سيتغير كثيرا في الساحة الليبية".

ويُتَّهَم حفتر من قبل منافسيه بالرغبة في تولي السلطة وإقامة ديكتاتورية عسكرية.

وذهب مسؤول في حكومة الوفاق رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس إلى حد القول بأن حفتر أراد الاستفادة من انتهاء ولاية حكومة الوحدة من أجل القيام بـ “انقلاب".

وأضاف المسؤول أن "التهديدات التي وجهها إليه المجتمع الدولي مباشرة أثنته عن ذلك".

واعترف حفتر الأحد بأنه "مهدد بتدابير دولية حازمة" إذا تجرأ على اتخاذ مبادرات خارج الإطار الذي وضعه المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

وكان مجلس الأمن الدولي أصر الأسبوع الماضي على أن اتفاق عام 2015 يبقى "الإطار الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الأزمة السياسية الليبية" والاستعداد للانتخابات.

سلاح ذو حدين 

ووفقا لإسندر العمراني في مركز الأبحاث التابع لمجموعة الأزمات الدولية، فإن حفتر ليس لديه "قوة أو دعم كافيين" لتولي السلطة في ليبيا.

وقال "إنه يواجه معارضة قوية من (منافسيه) في الغرب، وخاصة في مصراتة"، على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس وهي معقل أقوى الجماعات المسلحة في ليبيا.

وقدم مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة خطة إلى مجلس الأمن الدولي في سبتمبر لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية العام القادم.

غير أن المحللين يشككون في نجاح الانتخابات.

وقالت سيني فاسانوتي: "يمكن أن تكون الانتخابات سلاحا ذا حدين، لأنه يمكن أن تزيد من الاحتكاكات بين المنافسين وأتباعهم، لست متأكدا من أنها في هذه اللحظة هي الحل الأفضل".

ويعتقد عمراني الباحث في مركز الأبحاث التابع لمجموعة الأزمات الدولية أنه "من دون تحسن العلاقة بين حفتر و (المجموعات) في الغرب، وخاصة مصراتة، سيكون من الصعب إجراء انتخابات ذات مصداقية".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة