"JAF" هو المسمى الذي أطلقناه على القوة العربية المشتركة, والذي يعد إختصار لترجمة الإسم إلى اللغة الإنجليزية Joint Arab force

"NATO" هو إختصار معروف لحلف شمال الأطلسي بترجمته الإنجليزية North Atlantic Treaty Organization

الخميس 20 أغسطس 2015

أمر جلل يجمع العرب .. إنها داعش التي لا تفرق بين عربي وآخر فالكل تحت سكينها مرتد وجب فيه الحد .

قتل وحرق وتدمير وتمثيل بالأحياء والأموات طال ولازال كل من يخالفهم فكرهم المتطرف في جميع أنحاء دول المنطقة العربية ناهيك عن المجزرة الأخيرة التي ارتكبها ما يعرف بتنظيم "داعش" في مدينة سرت الليبية وما "خفي كان أعظم" ، كل هذا دعا العرب لإعادة إحياء ما طوته صفحات الزمن منذ خمسينيات القرن الماضي وهي "إتفاقية الدفاع العربي المشترك" .

ولكي تتماشى الإتفاقية الصادرة عن جامعة الدول العربية والموقع عليها عام 1950 مع الظروف الراهنة قامت الجامعة العربية في "مايو 2015" بإلغاء وتعديل بعض نصوص الاتفاقية والتي كانت تتطلب موافقة أغلبية الدول الأعضاء في الجامعة العربية قبل التدخل في إحدى بلدانها، يليها جملة من إجراءات التداول الأخرى فيما بين أعضاء الجامعة حول تفعيلها .

وبعد التعديلات النهائية ... أضحى الإشتراك في القوة العربية المشتركة "اختياريا للدول الأعضاء" ومرهون فقط بطلب إحداها مساندة قواتها في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها كالطلب الموجه من قبل ليبيا الآن "على سبيل المثال" .

وأسوة "بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" في العراق و"عاصفة الحزم" في اليمن أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في اجتماع رؤساء الأركان العرب بالقاهرة في 23 مايو 2015 .. أكد على أن خصوصية المنطقة العربية تمنحها حق الدفاع عن النفس وفقاً "لميثاق الأمم المتحدة" والقوانين والأعراف الدولية ووفق ما تراه مناسباً لأمنها القومي العربي .

نداءات عديدة وجهتها ليبيا عبر مندوبها الدائم لدى مجلس الأمن إلى المجلس وكافة موازين القوى الدولية حول العالم, بضرورة دعم ليبيا في مواجهة الإرهاب الذي يتمدد وينتشر فيها "كالنار في الهشيم", إضافة لرفع حظر تسليح الجيش الليبي القادر على حسم المعركة ضد الإرهاب إن توفرت له الإمكانيات والعتاد المناسب, فالإنتظار حتى يتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني سيزيد من صعوبة مكافحة ذلك الإرهاب, الذي يتحصل على الأسلحة المتطورة والمقاتلين بدعم من الداخل والخارج .

وفي المقابل كانت ردود الفعل الدولية تجاه الأزمة الليبية سلبية لا تخدم واقع الحال في المواجهات الفعلية التي يقودها الجيش ضد الإرهاب وكانت "الحجج والمبررات" في رفض رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي تقترن دائماً بميلاد "حكومة الوفاق الوطني" من رحم جلسات الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا متمثلة بمبعوثها الخاص "برناردينو ليون" .

وفي انتظار "مخاض" تلك الولادة القيصرية ومع "حظر تسليح الجيش" استغلت الجماعات والعصابات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم "داعش" المتشدد استغلت تلك المعوقات لتعيث في الأرض فساداً وتقطع الرؤوس وتدمر أسس الدولة بمفهومها الحديث وسط صمت دولي رهيب تجاه تلك الانتهاكات الـ"لا إنسانية" والمخالفة للشريعة الإسلامية .

فلماذا كل هذا الصمت؟ لماذا يتم التروي في اتخاذ القرارات التي تخدم التطلعات العربية نحو غد أفضل ومستقبل خالي من الإرهاب وتقرير حق المصير؟ .

"الولايات المتحدة" مثلاً .. وعقب الهجمات التي تعرّضت لها في 11 سبتمبر 2001  لم تكن بحاجة لطلب الإذن من أي "كيان دولي" لإعلان حربها على الإرهاب مع أنها حاربته "خارج أراضيها" ناهيك عن "التحالف الدولي" ضد داعش العراق" الذي قام في يوم وليلة" نزولاً عند الرغبة الأميريكية" وحماية لمصالحها "الغير خفية" داخل العراق .

"فرنسا وبريطانيا" .. لم يتوانا لحظة في اتخاذ قرارهما إبان حرب التحرير عام 2011 بل وأطلقت فرنسا أسطول طائراتها من حاملتها "شارل ديغول" في سماء المتوسط قبيل جلسة مجلس الأمن في 19 مارس 2011 وكانت مستعدة لتوجيه ضرباتها حتى وإن لم يصدر قرار المجلس بالموافقة, فيما كانت طائرات حليفتها بريطانيا مسلّحة ومعدة للإقلاع من قاعدة عسكرية في "إيطاليا" وبوارجها الحربية المطلقة لصواريخ "توماهوك" تقبع ترصّداً في مياه المتوسط, حيث كان دورهما فعّال تجاه "حماية مصالحهما واستثماراتهما" وحماية "المدنيين" داخل ليبيا جملة واحدة .

ليبيا التي تحارب برجالها وأبنائها وترفض رفضاً تاما التدخل البري "الغربي" على أراضيها لم ولن تتعدى على دولة أخرى، فقط تطلب السلاح لجيشها الرسمي وبطلب من مجلس النواب الشرعي والحكومة المنبثقة عنه وتطلبه "شراءاً" .. لا "استعطافاً"، ومع هذا يقابل حقها بسلسلة الرفض المتكررة المحيطة بعنق "الجيش الليبي" خاصة وليبيا عامة يشوبها أهداف خفية للرافضين المنتظرين لـ"حكومة الوفاق".

فجأة تغيرت اللهجة وبدأت التصريحات "ترق وتلين" وتتوجه نحو "إمكانية" توجيه ضربات لداعش ليبيا من قبل الدول الأوروبية المهددة من قبل التنظيم ((بمشاركة)) الليبيين ودول المنطقة بحسب ماقاله السفير البريطاني في ليبيا "بيتر ميليت" في مداخلة هاتفية له مع راديو RFA الفرنسي يوم الإثنين 17 أغسطس 2015 حين أكد أن هناك حاجة لخطة شاملة تتضمن شن غارات جوية للتعامل مع تنامي تهديدات "داعش" خوفاً من أن تتحول ليبيا إلى "دولة فاشلة" .

الملاحظة أن السفير قال بمشاركة الليبيين ودول المنطقة ولم يقل بقيادة الليبيين ودول المنطقة!!  فلماذا أصبحت محاربة داعش "ممكنة" الآن بعد أن كانت "مستحيلة" حتى انتهاء الحوار الليبي وتشكيل "حكومة وحدة ووفاق وطني" ؟

بحسب صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية فإن الخطة التي تعمل عليها "روما" منذ أشهر لا تشمل تدخلاً عسكرياً مباشراً بل مجرد قوات حفظ سلام تحت راية الأمم المتحدة مكلفة بأمن "نقاط استراتيجية" داخل الأراضي الليبية، في إشارة إلى "حقول النفط والغاز" التي تعتبر الشركات الإيطالية من كبرى المستثمرين فيها، والمستهلك الأكبر للغاز الطبيعي الذي تنتجه ليبيا، ناهيك عن معاناة روما من موجات الهجرة الغير قانونية التي تنهك اقتصادها المنهك سلفاً .

فهل سعي تلك الدول لحماية مصالحها على الأراضي الليبية سيخدم الليبيين؟ أم أنه استباق من "معسكر الغرب" لتحجيم أي دور عربي فعّال تجاه قضاياه المصيرية بمساعدة ودعم لا محدود من "معسكر الشرق"؟ خاصة بعد تحوّل صراعات المعسكرين "الشرقي والغربي" من مجرد "حرب فيتو باردة" داخل قبة مجلس الأمن إلى صراع للاستحواذ على "سوق السلاح" الجديد والذي من شأنه "إنقاذ" كبرى المصنّعين والمصدّرين لتلك السلعة من "شبح الأزمات الاقتصادية العالمية" ؟

خلاصة القول ... أن المواطن العربي بات في هذا الوقت يعوّل على قوته العربية المشتركة "JAF" قبيل تشكيلها الفعلي أكثر من تعويله على الذراع العسكري لمجلس الأمن المتمثل في حلف شمال الأطلسي الـ"NATO" والذي لم يسعف الليبيين خلال نداءاتهم الأخيرة قبل أن يتم القضاء على "المدنيين" ومدنهم أمام أنظار العالم أجمع, وعلى ليبيا أن "تعيد حساباتها" للتفريق بين من يقف بجانبها دائماً وفي التوقيت المناسب كأخ أو صديق, وبين من ينهش من أرضها وثرواتها طوال عقود, ويقبع في مدرجات المتفرجين, لا وبل يكبل الجيش بفرضه حظر التسليح عليه .

فهل ستنجح القوة العربية المشتركة "JAF" بإنعاش ما فشل في إنعاشه محركي الـ "NATO" ؟

الأيام القليلة القادمة كفيلة بأن تجيب على كل تلك التساؤلات.