تواجه العملية السياسية في ليبيا جملة من التحديات الصعبة، وأبرزها التوصل الى إيجاد القاعدة الدستورية لتنظيم الانتخابات المقررة للرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

وفي محاولة لإحداث ثغرة في جدار الأزمة، قال رئيس المفوضية الوطنية العليا المستقلة للانتخابات عماد السايح أن المفوضية تعمل على تغيير الخطة العملياتية الخاصة بالانتخابات مع استمرارها بالعمل على أساس إجرائها في ذات الموعد المحدد.

 وأضاف في تصريحات صحفية: «كنا نأمل أن نستلم القاعدة الانتخابية يوم 1 يوليو ولكن هذا لم يحصل ولهذا غيرنا الخطة العملياتية لتنفيذ الانتخابات واستبقنا بعمليات أخرى مثل تحديث سجل الناخبين وعدد من العمليات التي ليس لها علاقة بالقانون”، مردفا :”لقد غيرنا خطتنا لاستلام القانون إلى الأول من أغسطس القادم ولو استلمناها في هذا الوقت سنستطيع إجراء الانتخابات في موعدها فالقاعدة الدستورية هي أساس العملية الانتخابية ولا نستطيع أن ننتقل في أي انتخابات ما لم تكن لدينا قاعدة توافق عليها جميع الليبيين”، وفق تعبيره.

وكان المجتمع الدولي يراهن على أن تكون القاعدة الدستورية جاهزة بحلول الأول من يوليو بما يتيح لمفوضية الانتخابات فرصة إطلاق روزنامتها الانتخابية ، لكن ملتقى الحوار السياسي فشل في ذلك بسبب الخلافات الحادة بين أعضائه، ليصبح الأمل معقودا على الأول من أغسطس القادم، إلا أن  مصادر مطلعة  استبعدت أن يتم التوافق على القاعدة الدستورية خلال الأيام القادمة، وقالت  أنه وكما هناك من يراهن على تنظيم الانتخابات في موعدها، فإن هناك من يراهن على تأجيلها الى أجل غير مسمى، لافتة الى أن المال السياسي الفاسد والتدخل الخارجي أديا الى فشل اجتماع جنيف لمتلقي الحوار السياسي، وتابعت أن هناك أطرافا دفعت مبالغ متفاوتة لعدد من معرقلي الحوار بهدف الوصول الى نتيجة واحدة وهي قطع الطريق أمام الاستحقاق الانتخابي.

وبينت ذات المصادر أن الإخوان وحلفاءهم من أمراء الحرب وأباطرة الفساد والمستفيدين من ديمومة الأزمة ، يعملون على تأجيل الانتخابات بسبب خشيتهم من الهزيمة في صناديق الاقتراع، ويحاولون الدفع نحو تنظيم استفتاء على مسودة الدستور المرفوضة من قبل أغلب الليبيين قبل الاستحقاق الانتخابي.

وأبرزت المصادر أن الإخوان وحلفاءهم يعتمدون ازدواجية الخطاب مع المجتمع الدولي ، فهم يبدو في العلن دعم لخارطة الطريق والانتخابات ، ويعلمون في السر على عرقلة الحل السياسي ،ويحولون دون التوصل الى القاعدة الدستورية.

 الى ذلك، أكد خالد المشري رئيس مجلس الدولة الاستشاري والقيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين أن مجلس الدولة يضع المسار الدستوري في أولوية اهتماماته، للوصول لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وسلّم أول أمس الإثنين ، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش رسالة بشأن الاعتماد على مخرجات الغردقة، باعتبارها تدعو للاستفتاء على مشروع الدستور ليكون قاعدة للانتخابات.

وبالمقابل، ترتفع الأصوات الداعية الى أن يقف الشعب الليبي موقفا حاسما للدفاع عن حقه في إختيار حكامه وممثليه في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

فقد دعا  حزب المؤتمر الوطني الحر كل الليبيين بمختلف أطيافهم للوقوف صفا واحدا لتحقيق تطلعاتهم المتمثلة بالوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة وفق مخرجات خارطة الطريق للمرحلة القادمة في ليبيا ومن أهم بنودها تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الـ24 من ديسمبر المقبل.

وقال الحزب إن كافة الليبيين مطالبون بالعمل على تحقيق هذا الاستحقاق الوطني من دون أي تأجيل أو مماطلة لإخراج البلاد من أزماتها التي طالت ولن يتم تجاوزها إلا بالانتخابات الحرة والنزيهة ليكون لصندوق الانتخاب الكلمة الفصل في وقت يضامن فيها الحزب مع رغبة الشعب الليبي لتحقيق مطالبه.

وشدد الحزب على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها من دون تأجيل أو تأخير لا مبرر له مع رفض أي أعذار تحول دون تحقيق هذا المطلب لأن إجراء الاستحقاق الانتخابي يضع الأسس السليمة لدولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة ،مؤكدا إن أي انحراف عن نهج الانتخابات يمثل خيانة للوطن وخذلانا لليبيين في تحقيق طموحاتهم المشروعة مبينا إن إدخال البلاد في مزيد من المراحل المؤقتة سوف يدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ما يعني إن من يتحمل مسؤولية عدم إقرار القاعدة الدستورية هم البعثة الأممية وأعضاء لجنة الـ75.

وأكد أعضاء مجلس النواب وعمداء ومشايخ وأعيان البلديات في المنطقة الغربية أنهم تابعوا عن كثب ما حدث من فشل ذريع في الوصول إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الـ24 من ديسمبر المقبل واصفين اياه بالمتعمد لإطالة أمد الازمة الليبية وهو ما سيحدث حالة من الفوضى في البلاد.

وأضافوا في بيان إن هذا الفشل سيقود إلى ازدياد حالة الانقسام وخذلان الشعب الليبي في إجراء الانتخابات وفق خارطة الطريق المعلنة ، داعين مفوضية الانتخابات إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2570 الصادر في الـ14 من أبريل الماضي مع دعم جهودها لإجراء الاستحقاق الانتخابي وفق ما هو معلن عنه بالقرار السالف ذكره وفي الموعد المحدد والرجوع إلى القاعدة الدستورية السابقة، ومطالبين جميع الأطراف الوطنية في ليبيا بتغليب مصلحة الوطن والمواطن والمساهمة في إجراء الانتخابات وشق الطريق أمام العائقين لاستقرار ليبيا.