تعيش ليبيا أزمة خطرة حيث يتنازع على الحكم طرفان متناحران في حين تهدد أعمال العنف بالزج بهذا البلد في حرب أهلية، بينما يبدو رد المجتمع الدولي غير كاف لتحريك عملية سياسية متداعية أصلاً. واكتفى مجلس الأمن الدولي الأربعاء، بتوسيع نظام العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا ليشمل مختلف الميليشيات المتناحرة ميدانياً .

 وتتمثل العقوبات التي كانت مفروضة على أنصار نظام معمر القافي، عموماً في حظر بيعهم السلاح وتجميد بعض الأموال ومنع بعض الأشخاص من السفر على أن تحدد لجنة خاصة من مجلس الأمن لاحقا الأفراد أو المجموعات المعنية بتلك العقوبات.  

لكن ذلك ليس كافياً لدفع الأطراف المتقاتلة إلى تحريك عملية سياسية كما قال الأستاذ الجامعي إياد العرفي لفرانس برس، مؤكداً أن "المجتمع الدولي تخلى عن ممارسة دور مؤثر في مجرى الأحداث في ليبيا كما يبدو". من جهة أخرى دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس غداة اجتماع مجلس الأمن إلى تنظيم "دعم استثنائي للسلطات الليبية لمساعدتها على استعادة سلطة الدولة"، محذراً من انتشار الإرهاب "في المنطقة برمتها" إذا لم يتم ذلك .

 واعتبر عثمان بن ساسي السياسي المستقل الذي كان عضوا في المجلس الوطني الانتقالي الذي قاد البلاد بعد سقوط القذافي في 2011 أن "صعوبة الوضع السياسي في ليبيا الآن لم يسبق لها مثيل". وباتت طبرق مقر الحكومة المؤقتة والبرلمان المنتخب في 25 يونيو/ حزيران، على مسافة 1600 كلم شرق طرابلس . وتصف الحكومة والبرلمان المنتخب تحالف الميليشيات الإسلامية بأنه "إرهابي" في حين يطعن هذا التحالف في شرعيتهما.

 وينظر المعسكر المقابل إلى تلك السلطات على أنهم مجموعة من "الخونة" ويتهمها بالتواطؤ في الغارات الجوية التي استهدفت مواقعهم قرب مطار طرابلس. وقال العرفي إن "ليبيا ماضية حتماً إلى الهاوية" محذراً من "انهيار الدولة" بعد أن أصيبت الخدمات العامة بالشلل وتوقف دفع رواتب الموظفين ولم يعد للمواطنين سلطة يلجأون لها. ويعزز هذا الاحتمال قيام التيار الإسلامي بإعادة إحياء المؤتمر الوطني العام، الجمعية السابقة المنتهية ولايتها، وإعلان نيتهم تشكيل حكومة بديلة في طرابلس. وحذر سفير ليبيا في الأمم المتحدة إبراهيم دباشي الأربعاء أمام مجلس الأمن الدولي من شبح "حرب أهلية حقيقية" وقال "كنت حتى الآن استبعد فرضية الحرب الأهلية لكن الوضع تغير". 

واعتبر المحلل طارق الورفلي أن الخروج من المأزق "يقتضي أن يقدم الجميع تنازلات" في إشارة إلى طرفي النزاع. من جانبه، يرى بن ساسي أن طرفي النزاع "ذهبا بعيداً جداً" في مطالبهما ودعا إلى "تقاسم السلطة ما يتطلب عودة البرلمان إلى طرابلس تحت حماية الأمم المتحدة وسلطة تنفيذية بمشاركة المحتجين.