أعلنت تونس أنها تعتزم عقد مؤتمر اقتصادي دولي لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية في أكتوبر المقبل، في وقت كشفت فيه عن حصولها على قرضين بقيمة مليار دولار من صندوق النقد والبنك الدولي، حسب صحيفة العرب.
كما أعلنت عن خطة لزيادة رأسمال 3 مصارف عن طريق إدخال شريك أجنبي.
وقال وزير المالية التونسي سليم شاكر أمس إن بلاده تعتزم عقد مؤتمر اقتصادي كبير في أكتوبر المقبل وأنها تتوقع جذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار خلال ذلك المؤتمر.
وأضاف على هامش الاجتماع السنوي المشترك للهيئات المالية العربية المنعقد في الكويت أن تونس لديها برنامج للإصلاحات الاقتصادية الكبرى سيوفر مليار دولار للموازنة خلال العام الحالي.
وكشف شاكر أن ستحصل على 500 مليون دولار من صندوق النقد الدولي و500 مليون دولار من البنك الدولي خلال عام 2015، وأنها ستراجع موازنتها في النصف الثاني من العام بسبب التغييرات الكبيرة في أسعار النفط.
وقال الوزير على صعيد آخر أن حكومة بلاده تعتزم زيادة رؤوس أموال ثلاثة مصارف تمتلك الحكومة فيها حصة أغلبية بواقع 1.3 مليار دينار تونسي (666.7 مليون دولار).
وأوضح شاكر أن البنوك الثلاثة هي بنك الإسكان والبنك الوطني الفلاحي والشركة التونسية للبنك، وأن زيادة رؤوس أموالها ستكون عن طريق إدخال شريك استراتيجي أجنبي بحصة تتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة.
وتملك الحكومة حصة تتراوح بين 51 إلى 52 بالمئة في البنوك الثلاثة والباقي مملوك للقطاع الخاص. وقد بدأت خططا للإصلاح المصرفي تشمل في الأساس البنوك المملوكة للدولة والتي تعاني من صعوبات مالية.
وكان البرلمان التونسي أقر موازنة العام الحالي، والتي بلغ حجمها 29 مليار دينار (15.7 مليار دولار) بزيادة ستة بالمئة عن موازنة العام الماضي. وتراجعت تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى تونس بنحو 21 بالمئة مقارنة مع مستواها في عام 2010. وتتطلع تونس لتحقيق نمو نسبته 3 بالمئة خلال العام الحالي مقارنة مع 2.3 بالمئة في عام 2014 وتسعى لخفض العجز في الموازنة إلى 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 5.8 بالمئة في العام الماضي.
في هذه الأثناء أعلنت الحكومة التونسية أمس أنها رفعت رواتب عشرات آلاف المدرسين في استجابة لمطالبهم بعد أن نظم عشرات الآلاف منهم ضرابا في الشهر الماضي وقاطعوا الإشراف على الامتحانات.
ويقول اقتصاديون تونسيون إن الخطوة التي تم التوصل إليها مع نقابات المدرسين، قد تعرقل الخطط الحكومية لخفض الإنفاق العمومي الذي يطالب به المقرضون لسد العجز في الميزانية.
ويأتي رفع رواتب المدرسين بينما تواجه تونس ضغوطا من المقرضين الدوليين لإجراء إصلاحات اقتصادية تشمل خفض الإنفاق العمومي وخفض الدعم الحكومي للوقود والسلع الأساسية لتقليص العجز في الميزانية.
وكانت الحكومة قد ألغت أيضا في الشهر الماضي ضريبة على المسافرين المغاربة بعد احتجاجات أدت إلى مقتل شخص برصاص الشرطة في بلدة الذهيبة قرب الحدود الليبية.
وبدأت الحكومة أيضا الشهر الماضي مفاوضات مع الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي لرفع أجور حوالي 800 ألف موظف في القطاع العام.
على صعيد آخر، قال وزير المالية سليم شاكر أمس إن حكومة بلاده تتوقع توفير أكثر من 615 مليون دولار من تراجع أسعار النفط خلال العام المالي الجاري، الذي بدأ مع العام وينتهي بنهايته. وأوضح أن هذا الرقم قد يرتفع أو ينخفض وفق تطورات سوق النفط.
وأضاف شاكر إن الحكومة لديها برنامج لتدعيم الوضع المالي مع تراجعات أسعار النفط، حيث يتم ضخ أجزاء من المبالغ المتوفرة من تكلفة استيراد النفط إلى قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة وما إلى ذلك.
وأوضح أن الحكومة تدرس حاليا مع نقابات العمال زيادة أجور العاملين بالقطاع العام خلال العام الحالي. ورجح أن يتم زيادة الأجور بنسبة 2.4 بالمئة وأن تبلغ أعباء تلك الزيادة على الموازنة نحو 128 مليون دولار سنويا، مشيرا إلى أن الأمر مازال في طور الدراسة.
ويقول محللون إن قوة نقابات العمال في تونس تعرقل جهود الحكومة في خفض الانفاق لمعالجة العجز الكبير في الموازنة. ويضيفون أن قوانين الاستثمار والتشريعات المالية تحتاج لثورة إصلاحات جذرية، لأنها تحتوي على الكثير من القيود التي لا تطمئن المستثمرين الأجانب، مثل القيود على تحويل الأموال إلى خارج البلاد.
ويعاني الاقتصاد التونسي من التركة الثقيلة للسياسات الاقتصادية المتخبطة التي اتخذتها الحكومات التي قادتها حركة النهضة الإسلامية طوال السنوات الثلاث الأولى التي اعقبت الثورة في يناير عام 2011. وقد أغرقت تلك السياسات البلاد في أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى ارتفاع البطالة ومضاعفة عجز الموازنة والدين العام، إضافة إلى التوتر السياسي والأمني، الذي أدى لتراجع أعداد السياح الأجانب وهروب الكثير من الاستثمارات الأجنبية وتعطل النشاطات الاقتصادية.
ويرى الخبراء أن عبور المرحلة الانتقالية إلى الاستقرار الديمقراطي أزال معظم العقبات أمام إجراء الاصلاحات المطلوبة لإنعاش الاقتصاد.