رامي التلغ / المرصد


بعد ساعات من نهاية مؤتمر باليرمو،تضاربت وجهات النظر لمختلف الفاعلين حول نجاعة مخرجات هذا المؤتمر لإيجاد حل يفرز إلى مصالحة وطنية شاملة في ليبيا.

عوّلت إيطاليا على هذا المؤتمر لتعود إلى لعب دور مهم في المنطقة خاصة و أنها ترى أنها مهددة بحكم الحضور الفرنسي القوي في الملف الليبي.

لكن السؤال المطروح في الأوساط الليبية و الدولية،ماذا أفرزت باليرمو و ما نجاعة وفاعلية هذه المخرجات؟

خيبة أمل

خلفت نتائج مؤتمر باليرمو ردود فعل سلبية في الدّاخل الليبي حيث خاب أمل كل من مجلسي النواب والدولة في الحصول على موافقة المسؤولين الدوليين بمؤتمر باليرمو على مشروعهما القاضي بإعادة هيكلة السلطة التنفيذية واختيار مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس ونائبين، وقد تم إيداع مشروع  عقيلة والمشري في رفوف باليرمو قبل أن يرى النور، وقد بدأ بعض النواب في مهاجمة مسودة البيان الختامي لمؤتمر  من أجل ليبيا الذي صدر في باليرمو الإيطالية.

إذ نص البيان الختامي على ضرورة تحمل المؤسسات الشرعية مسؤولياتها من أجل إجراء انتخابات نزيهة وعادلة بأسرع وقت ممكن، ومعاقبة من يحاول عرقلة العملية الانتخابية، وهذا الكلام موجه لمجلسي النواب والدولة لكي يلتزم كل منهما بالدور المرسوم له بالاتفاق السياسي، والتخلي عن حلم تغيير المجلس الرئاسي وتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب السيادية على طريقة  عقيلة والمشري ففي القمة المصغرة التي نظمها رئيس الوزراء الإيطالي  جوزيبي كونتي وبحضور عدد كبير من المسؤولين الدوليين جرى لقاء بين المشير  خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي  فائز السراج وقد أعرب  حفتر عن قناعته بهذه المناسبة أنه لا يرى الحاجة لتغيير رئيس المجلس الرئاسي قبل تنظيم الانتخابات المقبلة التي تعمل الأمم المتحدة على الأعداد لها، وقال مستشهدا بمثل شعبي أنه لا حاجة لاستبدال خيلك وأنت تعبر النهر.

في سياق آخر،وصفت زعيمة حزب (إخوة إيطاليا) اليميني المعارض، جورجا ميلوني مؤتمر باليرمو حول الأزمة الليبية بأنه  قمة، للأسف، لن يسجلها التاريخ ولكنها أعربت عن الأمل بأن  يشكل المؤتمر، على الأقل، مرحلة نحو حل الأزمة الليبية واستعادة إيطاليا لدورها الطبيعي في ليبيا وفي منطقة المتوسط،  بعد سنوات من عدم الأهمية في ظل الحكومات اليسار.

وأشارت ميلوني، في تصريح صحفي ، إلى أن الحدث لم يخرج بوثيقة رسمية موقعة من الأطراف المشاركة. وأردفت  "نحن نقدر حسن نية الحكومة، لكننا نأسف لعدم وجود نتائج ملموسة للقمة التي انطلقت فعالياتها يوم أمس الاثنين في عاصمة إقليم صقلية".

وصف رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ماتيو رينزي مؤتمر باليرمو بـ"الفاشل تقنيا"، كونه لم يسفر عن شيء جديد، على حد وصفه.

وأضاف رينزي، في مقال على صفحته الرسمية بفيسبوك نقلته وكالة أكي الايطالية أن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، الذي لم يعرف كيف يتجاوز هذا الفشل، ألقى بثقله لنشر صورة تجمع فائز السراج مع خليفة حفتر، اللذين يمتلكان ألبوم صور مع بعضهما البعض، في إشارة منه إلى الصورة الملتقطة لهما في السابق خلال لقاءات أبو ظبي وباريس، مؤكدا أن نجاح قمة دولية من عدمه لا يقاس بالصور الملتقطة، بل عبر وثائق ختامية.

تشتت دولي

لم يشهد مؤتمر باليرمو حماسا دوليا مثل الذي شهده مؤتمر باريس في شهر مايو الماضي

حيث قالت صحيفة إل صولي أربع وعشرون الايطالية إن روسيا بحضورها لمؤتمر باليرمو ملأت فراغا دبلوماسيا أحدثه غياب الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تعير اهتماما لمصير دول شمال إفريقيا حسب تعبيرها.

وذكرت وكالة آكي الايطالية نقلا عن الصحيفة أن روسيا ترتبط بعلاقات يمكن وصفها بأنها أكثر ودية مع خليفة حفتر وتستعد للعب دور مهم أيضا في ليبيا، مؤكدة أن المردود التجاري المحتمل لموسكو لهذا الدور بالإضافة إلى قطاع الطاقة هي أسباب ممتازة لها لمواصلة السير في هذا الطريق على حد وصفها.

في حين،اشترط خليفة حفتر عدم حضور كل من تركيا وقطر في "الاجتماع المصغّر" الذي عقد على هامش المؤتمر الأصلي باليرمو، ووصل حفتر بشكل استعراضي متأخّر رافضًا حضور أعمال المؤتمر، مكتفيًا بالقمة المصغرة التي خطفت كل الأضواء من المؤتمر نفسه.

و تسبب إبعاد تركيا في انسحاب المندوب التركي فؤاد أقطاي وإصدار بيان (يوم الثلاثاء) قال فيه: "نعلن انسحاب تركيا من المؤتمر بخيبة أمل عميقة. للأسف لم يتمكن المجتمع الدولي من التوحد هذا الصباح".

وأضاف نائب الرئيس التركي أنّ "الأزمة الليبية لا يمكن حلها طالما استمرت بعض الدول في اختطاف العملية السياسية لمصالحها الخاصة. هؤلاء الذين تسببوا في الأزمة الحالية برمتها لا يمكن أن يساهموا في حلها" بحسب تعبيره.